الوجوه عند أحمد شبايك قصص يخلد بعضها فى الذاكرة، والبعض الآخر يظل خالدا فى التاريخ ببقائه منحوتا فى صورة تمثال، المصرى القديم فعل ذلك فى الصخر والذهب والنحاس.. و«شبايك» ينحت من الصلصال اللين عالمه الخاص، والوجوه التى يتمنى أن يحفظها فى تاريخ جيله.
أحمد شبايك طالب فى الصف الأول الثانوى لم يتجاوز السادسة عشرة، بدأ شغفه بالصلصال وهو فى الصف الثالث الابتدائى، كان ينبهر بالشخصيات المنحوتة فى مسلسل الأطفال الدينى «قصص الأنبياء»، الذى لم يبق منه الآن سوى ذكريات «المسلسل مبقوش يعملوه دلوقت.. ما هى الحاجات الحلوة كده»، بدأ شبايك بعدها فى محاكاة الشخصية التى يراها فى المسلسل وكانت أولى الشخصيات التى يقوم بنحتها هو «إبليس» -كما صوره المسلسل- لأنه «أسهل من البنى آدمين بكتير».
ظل شبايك طوال أربع سنوات لا يعرف كيفية تطويره شغفه بنحت الصلصال «ملاقتش حد يهتم بهوايتى فقلت إنها مالهاش فايدة يبقى ألعب كورة وخلاص»، خاصة أن الإدارات التعليمية لا تهتم به: «المدرسة والإدراة مابيفتكرونيش إلا لما يبقى ليهم مصلحة، مرة قالولى أساهم بأعمالى فى معرض خاص بجميع الإدارات التعليمية بالمنطقة، وبعدها هيساعدونى إنى أشارك فى مسابقة إيطالية كان يتم تنظيمها، وفضلت ٣ أيام مابنامش وبشتغل عشان أودى شغلى إيطاليا، وبعدما فرجوا مدير الإدارة على الشغل واتبسط قالوا مفيش مسابقة، وبدأت أعتمد على نفسى لإن محدش هيشجعنى»، لذلك حين كبر قليلا أصر على أن يتعلم أساسيات النحت ويطور موهبته بشكل أكبر، فتعرف من خلال أحد أصدقائه على الدكتور «صلاح المليجى»، الأستاذ بكلية الفنون الجميلة، الذى لم يساعده فقط فى فهم أساسيات النحت، بل أقام له معارض صغيرة لعرض أعماله.
التاريخ والشخصيات الحقيقية تستهوى شبايك فيسارع إلى تخليدها، كان سعد زغلول أول من اهتم بنحته ألا أنه يرى أنه ازداد حرفية مع تمثال محمد على، إذ نحته وهو يجلس جلسته الشهيرة، وفى أحداث مباراة مصر والجزائر اهتم بنحت شخصيتى «حسن شحاته»، المدير الفنى للمنتخب المصرى، و«رابح سعدان»، المدير الفنى لمنتخب الجزائر: «أصل مباراة مصر والجزاير دى تاريخية وماحدش هيقدر ينساها».
يستغرق أحمد مدة تصل إلى ساعة أو ساعتين فى نحت الشخصيات العامة، إلا أن البرادعى لم يستغرق منه سوى نصف ساعة فقط، لأن «ملامحه بسيطة وسهل أوى إنى أنحته»، على عكس تمثال مبارك، الذى أرهقه، فاستغرق نحو أربع ساعات «كنت كل ما آجى أعمل ملامحه تبوظ منى أكتر من مرة، وفضلت أعيدها من الأول فكنت باخد وقت طويل، لكن تمثال الرئيس مبارك لما عرضته فى المعرض الأخير لقيت بنت طلبت تاخده منى، فاديتهولها مع إنى مش عارف هى هتعمل بيه إيه!».
على الرغم من موهبة شبايك فهو لن يدعم موهبته بالدراسة المتخصصة فى كلية الفنون الجميلة بشكل أساسى، لكنه سوف يدرس الهندسة: «أبويا عايزنى أكون مهندس أنا وأخويا، لأن عنده مصنع صناعة إزاز فمينفعش أبقى غير كده.. يعنى مينفعش أقول لبابا إنى أسيب الإزاز الخشن عشان شوية صلصال بيتشكلوا بالإيد، أصل العيلة كلها فى نفس المجال».
يتمنى شبايك صناعة مسلسل أطفال من الصلصال بالتعاون مع شركة عالمية، على أن يكون مختلفا عما هو موجود فى مصر: «أصل الأطفال بيتشدوا للخيال الموجود فى الكارتون الأجنبى، عشان كده بيتابعوا (سابق ولاحق) لكن إحنا معندناش حاجة كده».
أما مشروع شبايك القادم فقد استلهمه من قراءة الصحف، إذ يريد أن يخلد علماء الدين التنويريين فى مصر من خلال عمل ضخم لإحدى المآذن يجتمع عليه عدة شيوخ، اختار على رأسهم الشعراوى ومحمد عبده: «أصلهم كانوا ناس مؤثرين فعلا وفاهمين وبيقدروا الفنان، مش بيحرموا كل حاجة». |