«طز فى مصر وأبو مصر واللى فى مصر»، قالها مرشد الإخوان السابق مهدى عاكف بفجاجة، وتمنى احتلال ماليزيا لمصر، نافيًا كون العثمانيين محتلين، لأنها «دولة الخلافة» وكونها «دولة فاسدة» فلا يعنى احتلالا، فالمسلم لا يحتل مسلمًا، بل غير المسلمين، وبشّرنا صفوت حجازى بإدخال مصر ضمن إمارات إسلامية عاصمتها القدس، فالوطن وحدوده مجرد «حفنة تراب» كما يزعم قادة الإخوان وجميع الجماعات المنبثقة منها.
ورغم محاولات الإخوان وأتباعهم تجميل تنظيماتهم بتجاهل التطرق لأفكار عرّابهم سيد قطب بمبدأ «الحاكمية»، وما يعنيه من تكفير كل المجتمعات الإسلامية، وتقسيم البلاد لدار حرب ودار إسلام، وعدم القتال دفاعا عن الأوطان، وقالها صريحة بكتبه «إن المسلم لا يقاتل لمجد شخص ولا دولة ولا أمة، وإنما يُقاتل فى سبيل الله» فالرابطة الوطنية أكذوبة وتقليد للحضارة الغربية التى اختزلها بالفساد والانحلال. وخرج كثيرون من عباءة قطب كالمرشد الحالى بديع، فضلاً عمن انشق ليزايد عليهم بالإمعان بالتطرف وإنكار الوطنية، مثل شكرى مصطفى مؤسس تنظيم «التكفير والهجرة» الذى اغتال وزير الأوقاف الشيخ الذهبى عام 1977 فيقول بالصفحة 1540 بالتحقيقات : «إذا اقتضى الأمر دخول اليهود وغيرهم فحينئذ ينبغى ألا نقاتل بصفوف الجيش المصرى، وإنما الهرب لمكان آمن».
وجاءت وثيقة رجل الإخوان القوى خيرت الشاطر عام 2005 بعنوان «فتح مصر» تطبيقا عمليًا للقطبية بتكفير عوام المصريين ووجوب «تعبيد الناس لربهم» ودعوته لخلع الولاء للوطن، وطالب أتباعه بأممية الدعوة ورفض الحدود السياسية للدول وهويتها الحضارية لأنها صناعة استعمارية».
هذه مجرد عينة عشوائية لتصريحات الإخوان وأنصارهم، وبينما يُحاكم عديدون بتهمة «ازدراء الأديان» رغم خصوصية العقيدة وحريتها لارتباطها بالضمير الشخصى، مدعومة بنصوص دستورية، خلافًا للوطن الذى يُشكله «الضمير الجمعى» للمصريين، لكن لم يُحاسب أحد من هؤلاء وأتباعهم الذين يسبّون مصر «الوطن والشعب» بوسائل إعلامهم وكتبهم، وأخشى تحول مهمة الدولة لإعادة إنتاج «محاكم تفتيش» لأبسط عبارة يتفوه بها مخلوق، خاصة الكُتّاب وصُنّاع الرأى وطبعا المسيحيين، لترسيخ الطائفية بالمجتمع، ويجعل الملايين يشعرون بالغربة بوطنهم. طبعًا أرفض الإساءة لأى عقيدة، لكنى أطالب بتشريع يُجرم «ازدراء الأوطان» فقد غيّر المصريون لغتهم ودينهم عدة مرات تاريخيًا، لكنهم ظلوا مصريين، بل وانصهرت جاليات أجنبية بالهوية المصرية كالأرمن والشّوام واليونانيين وغيرهم، ومصّرت حتى الرومان، لكننا أُبتلينا مؤخرًا بمحسوبين زورًا عليها يسفهون الوطنية بمزاعم دينية باطلة، وسياسات أممية تدعو لاستعادة «أسطورة الخلافة» التى لم تكن سوى احتلالاً غاشمًا.
نقلا عن اليوم السابع