لست ممن يحاولون أو ينتظرون ما يسمى "إصلاح الخطاب الديني"، فالتدين وجهة نظر شخصية للإنسان الفرد، يعتنق ما يشاء كيفما شاء. وأراه من قبيل التنطع، أن أحاول ترويج فهمي الخاص للدين، باسم التنوير أو الإصلاح، أو أي تسمية أياً كانت. وأنا لا أحب التلفيق والتدليس بمسمى "الإصلاح"، بل وأعتبر أن أصحاب خطاب "الإصلاح الديني"، هم نسخة داعشية منقحة. هي العلمانية، وإلا التخبط في مستنقعات لا نهاية لها. ذلك أننا جميعاً شركاء حياة واحدة، فلابد وأن نكون شركاء في المفاهيم والمناهج التي تحكم هذه الحياة المشتركة. ولابد أيضاً أن يلفت انتباهنا، ما نرصده من ملامح التعاليم والخطابات الدينية، التي نظنها تؤثر سلبياً على سلوكيات أفراد المجتمعات. هنا لابد لكي تستقيم حياتنا، أن نلجأ للعقل والمنطق كحكم بيننا، وأن نتبنى العلمانية، التي تعتمد مرجعية الواقع والمصلحة، وليس مرجعية نصوص مقدسة. فقد خدعوك من قالوا، أنك يمكن أن تلغي أو تجمد أو تحجر على عقلك، ثم تستحق بعد ذلك توصيف "إنسان"!!.
قادتني مناسبة خاصة، إلى الاستماع إلى عظة، من فم أحد أصحاب القداسة. تعجبت أن الرجل كان حريصاً على تكرار عبارات التحقير من شأن العقل، والتحذير من الاعتماد إليه، رغم أن مجمل الجالسين أمامه (ربما دون استثناء)، لم ولن يفكر أحد منهم يوماً في استخدام عقله، وفق ما نشأ عليه من خطاب كنسي قبطي أرثوذكسي!!
انتظار المعجزات الإلهية مثلاً، لتحل لنا مشاكلنا، لا يمكن أن يكون عملاً من أعمال الإيمان والثقة بالإله خالق الكون. بل الأمر على العكس، إذ أحسب هذا من قبيل عدم الثقة في مقدرة الإله وبديع خلقه وتنظيمه لهذا الكون، منذ البدء وإلى الأبد. فالمعجزات خرق للقوانين الكونية، ويفترض في المؤمنين بخالق، أن يثقوا فيما خلق من مظاهر وقوانين تحكمها. من ينتظر أو يطلب معجزة، كأنه يقول للخالق: "قوانينك قاصرة عن تحقيق السعادة والعدالة والانتظام في الكون، وننتظر منك تعديلها، أو الخروج عليها، لإصلاح ما فسد من أمور حياتنا"، فهل يليق بمؤمن أن يكون هذا موقفه؟!!
يقول اللحن الكنسي الأرثوذكسي (طاي شوري) "المجمرة الذهب النقي الحاملة العنبر. . في يد هارون الكاهن. . يرفع بخوراً فوق المذبح". أليس هذا استدعاء واستمراراً للكهنوت اليهودي، الذي وجه المسيح لرموزه أقسى التوبيخ، وسقط نهائياً بصلب المسيح، حين انشق حجاب الهيكل، الذي كان يقوم مع كهنته، بدور الحاجز بين الإله والإنسان؟!!. . لا تعنينا الطقوس في شيء، ولكن يعنينا أن يجر دهاقنة الكهنوت الناس، مرتدين بهم من "العهد الجديد"، إلى ما وراء حجاب أقحموه تعسفاً على المسيحية، ليتسيدوا على طريقه، على من حررهم المسيح، والذي كانوا قد صاروا بالحقيقة أحراراً!!
يقوم الخطاب القبطي الأرثوذكسي على عدة محاور، نحاول استعراض أخطرها:
- التحريض ضد العقل الإنساني، بدعوى الاعتماد على إرشاد الروح القدس.
- تحقير الإرادة الإنسانية، وتجريم الاعتداد بالذات، بدعوى التواضع.
- العزف الدائم على نغمة أن الإنسان كائن خاطئ وضعيف، لا يملك من أمر نفسه شيئاً.
- الإلحاح على مبدأ وجوب الطاعة لكي تحل البركة.
- تبرير عدم تحقق ما يلهجون به ليل نهار عملياً، من رعاية سماوية لأبناء الله، بأن هذا صليب رتبته العناية الإلهية، وعلى المؤمن الحق أن يحمله بسرور.
- تبرير ما يظهر جلياً من عبث ومظالم تسود الحياة، بأن للإله في كل ذلك حكمة تفوق إدراكنا.
- تعويض الإحباط الذي قد يترتب على الحال المزري للأقباط، بفيض لا ينضب من أحاديث المعجزات.
- يدفعون الناس لما يسمونه "شكر الله على أي حال وفي كل حال"، بتوجيههم للشماتة في مصائب الآخرين، توصلاً للرضى بالأحوال السيئة، واعتبار ما هم فيه بمثابة "نعم من الله" تستحق الشكر، لتطغى هذه "الشماتة" على روح الشفقة على أصحاب المصائب.
- التركيز على تمجيد القديسين المنتقلين للسماء، كبوابة لتمجيد القديسين الأحياء، الذين هم فقط وحصرياً رجال الكهنوت.
- الترديد الدائم لأنشودة أننا لسنا من هذا العالم، وأن لنا وطن ثان ودائم في السماء. يقوم الخطاب القبطي الأرثوذكسي على عدة محاور، نحاول استعراض أخطرها:
- التحريض ضد العقل الإنساني، بدعوى الاعتماد على إرشاد الروح القدس.
- تحقير الإرادة الإنسانية، وتجريم الاعتداد بالذات، بدعوى التواضع.
- العزف الدائم على نغمة أن الإنسان كائن خاطئ وضعيف، لا يملك من أمر نفسه شيئاً.
- الإلحاح على مبدأ وجوب الطاعة لكي تحل البركة.
- تبرير عدم تحقق ما يلهجون به ليل نهار عملياً، من رعاية سماوية لأبناء الله، بأن هذا صليب رتبته العناية الإلهية، وعلى المؤمن الحق أن يحمله بسرور.
- تبرير ما يظهر جلياً من عبث ومظالم تسود الحياة، بأن للإله في كل ذلك حكمة تفوق إدراكنا.
- تعويض الإحباط الذي قد يترتب على الحال المزري للأقباط، بفيض لا ينضب من أحاديث المعجزات.
- يدفعون الناس لما يسمونه "شكر الله على أي حال وفي كل حال"، بتوجيههم للشماتة في مصائب الآخرين، توصلاً للرضى بالأحوال السيئة، واعتبار ما هم فيه بمثابة "نعم من الله" تستحق الشكر، لتطغى هذه "الشماتة" على روح الشفقة على أصحاب المصائب.
- التركيز على تمجيد القديسين المنتقلين للسماء، كبوابة لتمجيد القديسين الأحياء، الذين هم فقط وحصرياً رجال الكهنوت.
- الترديد الدائم لأنشودة أننا لسنا من هذا العالم، وأن لنا وطن ثان ودائم في السماء.
هو احتمال وارد أن استخدام المؤمن لعقله، يؤثر سلبياً على تدينه. لكن الأكيد أن استخدام الناس لعقولهم، سيفقد الجيوش الجرارة من رجال الدين وظائفهم، فيضطرون للبحث عن مهنة شريفة يتكسبون منها قوتهم. لذا فحتى ما يسمى "إصلاح الخطاب الديني"، لا يتم بالتوسل لأصحاب الفضيلة والقداسة، أن يتكرموا على الناس بهذا الإصلاح. وإنما يتم بأن يسعى أصحاب الفضيلة والقداسة للإصلاح، حين يجدون أن الناس ينفضون من حولهم، وبدأوا ينظرون إليهم ككائنات متحفية عفى عليها الزمن!!
نقلا عن الحوار المتمدن