بقلم : أنور الهواري | الاربعاء ٢٢ ابريل ٢٠١٥ -
٣٣:
٠٧ م +02:00 EET
أنور الهواري
خطرُ الإخوان قد تؤجله السجون ولكنها- بالتجربة المتكررة- لا تقضى عليه.
فى أجلٍ قريبٍ أو بعيدٍ، سوف يخرجُ الإخوانُ من السجون. ليكتشفوا أننا- بكامل إرادتنا- مهدنا الأرض لعودتهم، ومهدنا التُربة لنموهم، فى فراغٍ سياسى ليس له أول وليس له آخر. فى مثل هذا الفراغ يكونُ من الوارد، ولو بعد عقدين من الزمن، أن يعود خطرُ الإخوان من جديد، والمؤكد أنهم سوف يفشلون من جديد، ولكن بعد أن يكونوا قد أخذونا فى دوامة جديدة، نستهلك فيها غير قليل من الوقت والأعصاب، مثلما استهلكنا قريباً من قرن- هو عمر التنظيم - فى مكافحة الدولة الدينية بسلاح الدولة الوطنية المستبدة.
لا تتوقّعوا أن يتخلّى الإخوانُ عن مشروعهم، مشروع الدولة الإسلامية، بعد أن قدَّموا- فى سبيلها- كل هذه التضحيات. ولا تتوقَّعوا أن يُخطّئ الإخوانُ أنفُسَهم، فهم- مثلنا- سوف يعلقون أخطاءهم على مليون شماعة، قبل أن يفكروا فى تعليقها على شماعتهم الخاصة.
سوف يخرجُ الإخوانُ بأفكارهم القديمة كما هى، بل وبإصرارٍ أشد يماثل مقدار ما قدموه فى سبيلها من خسائر. لكن- بكل تأكيد- سوف يخرج الإخوانُ بخبرات جديدة، تمكنهم من ابتداع وتجريب تكتيكات جديدة فى العمل الحركى، حتى وإن حافظوا على ولائهم لجمودهم وتحجرهم الفكرى.
أتمنى أن يكون ولاؤنا للدولة المصرية مثل ولاء الإخوان للدولة الدينية. نحنُ احتشدنا ضد دولة الإخوان بهدفٍ واحدٍ: إقامة دولة وطنية داخل الحدود المصرية وليست دولة عقائدية ترتسمُ حدودُها بحدود العقيدة الدينية، إقامة دولة مدنية لا يغلب عليها الطابع الدينى ولا الطابع العسكرى ولا الطابع الأيديولوجى. إقامة دولة ديمقراطية تتنافسُ فيها القوى المدنية على مقاعد السلطة- بالانتخاب- من المحليات إلى البرلمان إلى الرئاسة. إقامة دولة مؤسسات: قضاء مستقل، إعلام حر، فصل الثروة عن السلطة، فصل الدين عن السلطة، فصل العسكرية عن السلطة.
سقطت دولةُ مبارك بسبب الزواج بين السلطة والثروة، ما فتح الأبواب أمام الفساد والتفاوت الطبقى. سقطت دولةُ الإخوان لما جاءت- من أول يوم- تزاوج بين الدين والسلطة وبين السلطة والثروة. وحتى هذه اللحظة لم تتضح الخرائط السياسية أو الاقتصادية والاجتماعية للدولة الجديدة إلا فيما يختص بالخلط بين الدين والسلطة، أما باقى الزيجات فهى لاتزالُ باقيةً على حالها، والأخطر أن الملفات الخاصة بتأسيس دولة ديمقراطية حقيقية تكفى لصد خطر الإخوان لاتزالُ طى الكتمان أو فى ضمير الغيب.
السؤال: كيف نحمى الدولة من خطر الإخوان، اليوم، والغد؟!
الجواب: بتحرير السلطة لتكون ملكاً لكل المصريين، وتخليصها من كل الزيجات غير المشروعة، وأغلبُها لايزالُ قائماً حتى ولو فى الخفاء والتستر. هذا الفراغ السياسى الراهن معناه أن السلطة انتقلت من أقلية مبارك، إلى أقلية الإخوان، إلى أقلية جديدة غير واضحة المعالم.
العقد السياسى والاجتماعى هو هو لم يتغير، كل ما تغير هو أسماء المتعاقدين الجدد على الزواج من السلطة، ومن القوة، ومن الثروة. الشعبُ ليس طرفاً أصيلاً فى العقد. الشعبُ إما شاهدٌ، وإما متفرجٌ، وإما منصرفٌ عن الليلة بكاملها.
آخرُ الكلام: صحيحٌ أن الإخوان فى السجون، ولكن من الصحيح- كذلك- أن الفراغ السياسى الفسيح ينتظرهم خارج السجون.
هذا الفراغ السياسى سوف يبقى ما لم نكن قادرين على ابتكار مشروع سياسى كبير، يُعيد هندسة الدولة القديمة [1952 م- 2012 م] هذه الدولة التى- بأخطائها- سلمت نفسها وسلمتنا لدولة الإخوان فى 24 يونيو 2012 م.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع