الأقباط متحدون - حتميه القيامه
أخر تحديث ٠٠:٥٨ | الاثنين ٢٠ ابريل ٢٠١٥ | ١٢برمودة ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٣٨ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

حتميه القيامه

بقلم د.  امجد خيرى كامل 
لم تكن قيامه السيد المسيح من الاموات مجرد معجزه تضاف الى قائمه المعجزات التى قام بها -تبارك اسمه- وحسب وانما كانت هى الهدف الذى من اجله أخلى رب المجد ذاته وتجسد من العذراء مريم وتجرع كاس المراره والالام وتحمل كل صنوف المهانه والعذاب ومات - نيابه عن كل الخليقه الساقطه- وقبر ثلاثه ايام واخيرا قام ليقيم معه كل من يؤمن به الها ومخلصا وفاديا وليجعل حكم الموت بالنسبه للانسان هو حكم براءه وكفاره وليس حكم تأديب وقضاء دين

لقد شرحت كل الاديان والمذاهب والملل مشكله الانسان منذ بدء الخليقه وكيف انه ساقط فى شهواته ونزواته لكنها لم تقدم اى حل لهذا الانسان البائس اى انها شخصت الداء ولكنها لم تعطى الدواء
 
هذا الانسان العاجز البائس عبر عنه الشاعر الانجليزى فلك كريفل فى احدى اشهر مسرحياته على لسان جوقه من القسس قائلا يالا حاله الانسان البائسه
جاءت حسب قانون وقيدت باخر
 
ولدت عبثا و لكنها منعت الزهو به
 
خلقت مريضه وامرت ان تكون سليمه
 
ماالذى تقصده الطبيعه بهذه القوانين الممنوعه؟
 
العقل والهوى يسببان انقسام الذات
 
اذ كيف يتاتى للمرء الا يفعل شيئا لم تقصر الطبيعه فى فعله 
 
ثم تعاقبه عليه
 
تحتم امورا صعبه ومستعصيه
 
تمنعنا من كل ماتعلم انه مشتهى
 
تجعل الالام سهله والثواب غير ميسور
 
هذا الانسان البائس اختزله الطبيب النفسى النمساوى سيجموند فرويد الى غريزتين اساسيتن هما الجنس والعدوان والقارىء الجيد للتاريخ والمتابع للاحداث الجاريه خصوصا فى شرقنا الاوسط التعيس يستطيع ان يتفهم حجم العدوان الكامن فى الانسان والمتمثل فى الصراعات الدمويه والحروب الضاريه القائمه منذ ان قتل قابيل هابيل حتى يومنا هذا حيث يقتل ويذبح الدواعش الابرياء ويشقون صدورهم ياكلون قلوبهم واكبادهم بدم بارد وبدون ان يهتز لهم جفن 
 
ومن يعرف قصه شمشون الجبار وكيفيه غوايه دليله له وايضا قصه داوود النبى مع زوجه اوريا الحثى ----يستطيع ان يتعرف على قوه وشراسه غريزه الجنس وكيفيه سطوتها وسيطرتها على سلوك الانسان - اى انسان- حتى قال عنها الكتاب اسقطت كثيرين صرعى وكل قتلاها اقوياء 
وقد حاولت كل المذاهب والملل تهذيب هذا الانسان البائس وكبح جماح شهواته وذلك من خلال صلوات واصوام وطقوس
 
عباده اشكال والوان وعبثا قامت بتقديم ذبائح وقرابين للصفح عن خطيه الانسان الا ان حكم الموت ظل سيفا مسلطا على رقبه كل انسان ولم يسلم منه حتى الانبياء والرسل والقديسين
 
اذن لم تستطع اى من المذاهب تقديم اى حل جذرى لهذا الانسان البائس
 
ثم جاءت المسيحيه بالحل - الذى لاحل سواه- فبعد ان قام الناموس بتشخيص الداء -وهو الخطيه- جاء المسيح بالفداء والخلاص مداويا داء البشريه - كل البشريه- ومانحا لهم مجانا هبه الحياه بعد ان كان محكوما عليهم بالموت وارثين اياه جيل بعد جيل---- بمعنى ان السيد المسيح جعل الانسان خليقه جديده روحانيه بعد ان كان خليقه ترابيه فانيه وصارت حياه الانسان ممتده فى الله الى مالانهايه
 
لقد عبر جبران خليل جبران عن عظمه الخلاص والفداء الذى قدمه المسيح للبشريه- كل البشريه-وهو معلقا على الصليب قائلا : ان اكليل الشوك على راسك هو اجل واجمل من تاج بهرام - والمسمار فى كفك اسمى وافخم من صولجان المشترى - وقطرات الدماء على قدميك اسنى لمعانا من كل قلائد عشتروتم
 
ان قيامه المسيح من الاموات هى عزاء ورجاء البشريه التى تئن وتتوجع تحت وطاه المرض والالم والمعاناه فهناك كثير من المرضى الذين يعانونمن امراضا مزمنه ومهلكه ومنهكه ولا يوجد لهم اى رجاء او تعويض لكل الامهم واتعابهم الا القيامه من الاموات 
 
ايضا قيامه المسيح من الاموات هى عزاء ورجاء للشعوب المظلومه التى عانت - ولا زالت تعانى- من صراعات دينيه وطائفيه بغيضه وتفرقه عنصريه ومذهبيه محزنه ومخجله ومهينه ولاتزال بعض هذه الشعوب تشعر بمراره التمييز ضدها والاغتراب داخل اوطانها رغم انهم قد يكونوا هم اصحاب البلد الاصليين وليسوا وافدين او مهاجرين
 
ما أحوج العالم اليوم الى تجديد ذهنيته القديمه المتمثله فى العنصريه والطائفيه والطبقيه الى ذهنيه الحريه والعداله والمساواه
 
ان حقوق الانسان- اى انسان- فى ابداء الراى والتعبير وحريه الاعتقاد والعباده وتقرير المصير ليست مجرد حقوق او التزامات وطنيه ننادى بها نحن الليبراليون المحبى للحريه والعداله والمساواه فقط وانما هى تعبيرا خفيا عن امتداد روح الانسان الجديده نحو الله ولقد عبر الاب متى المسكين - وهو احد اعظم فلاسفه الكنيسه فى القرن العشرين- عن هذه الحقوق التى يطالب بها الانسان انها ليست مجرد شعارات يطالب بها رجال السياسه والاجتماع فحسب ولكنها خصائص اصيله وهبت للانسان لتكون جزءا من كيانه وطبيعته العليا الجديده
 
ان المسيحيه تقدم لهذا العالم - الذى يسوده القلق والالم والغارق فى بحر من الدموع والدماء- العلاج الناجح الوحيد حتى يستطيع الانسان تجديد طبيعته الترابيه الفاسده الساقطه الفانيه بطبيعه روحانيه طاهره سماويه خالده ممتده فى الله الى مالانهايه
 
أخرستوس انيستى أليثوس انيستى
 
استشارى الطب النفسى والعلوم السلوكيه

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter