الأقباط متحدون - علاء الدين عبدالمنعم أدوات الحكم للقضاء على الفساد
أخر تحديث ٠٧:٢٠ | الأحد ١٩ ابريل ٢٠١٥ | ١١برمودة ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٣٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

علاء الدين عبدالمنعم أدوات الحكم للقضاء على الفساد

علاء الدين عبدالمنعم
علاء الدين عبدالمنعم

 ينطوى الفساد على آثار بالغة الخطورة، مدمرة للمجتمع، فالفساد يمثل أحد أشكال السرقة العامة للثروة الوطنية، ويتسبب فى تسرب الأموال العامة بطرق غير مشروعة إلى جيوب مرتكبى الفساد، وغالباً ما تجد طريقها إلى الخارج.

 
والفساد كالجرثومة الخبيثة تفترس الحكم وتدمر الشرعية السياسية، بل يسهم الفساد فى تشويه القرار الاقتصادى والسياسى، فتنتج خيارات وقرارات خاطئة تمس الفئات التى هى فى أمسّ الحاجة إلى العيش بحد أدنى من الكرامة الإنسانية، وعندما يستشرى الفساد فى المجتمع ويتحكم به، تهتز أركان الحُكم، وتنقص سيادة القانون. وفى ظل الفساد تتغير قواعد اللعبة السياسية، فتتحول الأحزاب من أحزاب تسعى إلى تطبيق برامجها السياسية والاقتصادية إلى أحزاب تتولى توفير الخدمات والمنافع والمكاسب لناخبيهم بالرشاوى السياسية، بغض النظر عن المصلحة العامة للمجتمع، وهذه الحالة ترفع من فاتورة الحملات الانتخابية، مما يظهر بعض الأحزاب السياسية تعتمد على الأثرياء فى تمويل حملاتها الانتخابية، لتصب فى النهاية فى مصلحة هؤلاء الممولين.
 
وفى التاسع من هذا الشهر، أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، قراراً بتعيين السيد/ محمد محمد عرفان رئيساً لهيئة الرقابة الإدارية، كما أصدر قراراً بتعيين السيد اللواء/ محمد عمر وهبى مستشاراً لرئيس الجمهورية لمكافحة الفساد، وبحسب ما نشر أن الرئيس فى لقائه معهما شدد على ضرورة مكافحة الفساد لمنعه قبل وقوعه، وهذا يُظهر أن القيادة السياسية جادة فى محاربة الفساد.
 
والحقيقة أن محاربة الفساد عملية معقدة، ولا يمكن التصدى لظاهرة الفساد بحلول فردية أو من هيئة واحدة من هيئات الدولة مهما بلغت قوتها ونزاهتها، بل إن الأمر يتطلب منظومة متكاملة من الإجراءات تُشارك فيها جميع سلطات الدولة ومنظمات المجتمع المدنى وكل أجهزة الإعلام، بما يحصن مؤسسات الحكم الرشيد من تداعيات الفساد، وتساعد على تفشى ظاهرة الفساد مجموعة من الأسباب، نرى بداية أن نستعرض أهمها، وفى مقدمتها:
 
1- تهميش دور المؤسسات الرقابية، وقد تكون هى نفسها تعانى من الفساد أو الضغوط.
 
2- تهميش السلطتين التشريعية والقضائية وتغول السلطة التنفيذية عليهما.
 
3- وجود الدولة البيروقراطية وغياب الدولة الديمقراطية.
 
4- حدوث فراغ فى السلطة السياسية ناتج عن الصراع من أجل السيطرة على مؤسسات الدولة.
 
5- تحكم السلطة التنفيذية بالحياة السياسية والاقتصادية للبلاد.
 
6- توفير البيئة الاجتماعية والسياسية التى تنتج الفساد.
 
7- غياب الردع والزجر الفورى مما يحد من ميل الأفراد أو الهيئات لارتكاب جرائم الفساد.
 
وبادئ ذى بدء فإن الإرادة السياسية الصادقة هى العمود الفقرى لأى جهود من سلطات الدولة لمكافحة الفساد، وبدونها ستنتشر هذه الظاهرة، بل ستستفحل وتتوحش بأكثر مما هى عليه الآن.
 
إن مفتاح مكافحة الفساد يتمثل فى الإرادة السياسية، التى تعنى الرغبة الصادقة لدى المسؤولين فى مواجهة الفساد ومكافحته، باستئصال أسبابه ومسبباته وتصفية الآثار المترتبة عليه، مع الأخذ فى الاعتبار أن دوائر الفساد تتحالف عادة مع بعضها لتُفشِل وتُحبط بدورها الإدارة السياسية ذاتها.
 
وقد عانينا قبل ثورة 25 يناير من الإرادة السياسية التى كانت تتعايش مع الفساد بل تقننه وتُسخّر له البرلمان، وكانت النتائج الحتمية لتحالف الفساد مع السلطة هو سقوط النظام بأكمله.
 
كما أن الإرادة السياسية الصادقة لا تعنى بحال من الأحوال الوعود المعسولة والطموحات غير الواقعية، حيث إن الإسراف فيها والإكثار منها يؤدى إلى إحباط الجماهير وانفضاض الناس عن النظام وخيبة أملهم فى الإصلاحات، فيصاب المجتمع باليأس فى استحالة مكافحة الفساد.
 
ومكافحة الفساد تعد ضرباً من المستحيل بدون إصلاحات جذرية فى مؤسسات الدولة تستهدف تفكيك البيروقراطية التى تمثل البيئة الخصبة لتوليد الفساد، والإصلاح الإدارى يفترض أن يتولى البرلمان إصدار تشريعات وقوانين صارمة لقطع الطريق على كل اجتهاد أو تأويل يرمى إلى الالتفاف عليها وخرقها لصالح مرتكبى الفساد من جانب الموظفين البيروقراطيين، كذلك فإن الإصلاح الإدارى يقتضى الحد من صلاحيات وتعسف كبار الموظفين، وأن يكون القانون فقط هو من يمنح أو يمنع وليس بإرادة الموظف المنفردة، كبيراً كان أو صغيراً.
 
وحتى ينجح الإصلاح الإدارى، لابد من إعادة النظر فى منظومة الأجور والرواتب والمكافآت، وأن يعامل الموظفون الأكفاء والأمناء على المصلحة العامة معاملة مميزة، ومع الإقرار بأنه ليس سهلاً إنجاز مثل هذه الإصلاحات كونها مكلفة للدولة، لكن بالمقابل أيضاً فإن استمرار الفساد هو الآخر يرتب على المجتمع تكاليف مالية باهظة الثمن من النواحى الاقتصادية والسياسية والمجتمعية والأخلاقية بما يهدد كيان الوطن بكامله.
 
وإذا كانت الإرادة السياسية هى المفتاح الأول فى محاربة الفساد، فإن البرلمان القادم هو الذراع التشريعية القادرة على تنفيذ هذه الإرادة بأن يكون نوابه فاعلين تشريعياً ورقابياً، ولن يكون ذلك إلا بإرادة الناخبين من الشعب المصرى الذى يقع عليهم عبء وواجب حُسن اختيار نواب الشعب، فرئيس الجمهورية لن يتمكن أبداً من محاربة الفساد دون تضافر جهود كل سلطات الدولة معه التنفيذية والتشريعية والقضائية والصحافة والإعلام.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع