الأقباط متحدون - كنيستى الجلاء والعور .. والعصفور ذو الجناح المكسور
أخر تحديث ١٣:٠٣ | الخميس ١٦ ابريل ٢٠١٥ | ٨برمودة ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٣٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

كنيستى الجلاء والعور .. والعصفور ذو الجناح المكسور

بقلم: سمير حبشــــــــــــآ
يا إخوتى : من حين لآخر أجد نفسى تواقا لأن أهرب من حياتى الرتيبة ، وأن أبحث عن شئ جديد .. وهذه المرة أخذت زوجتى وسافرنا إلى هاواى .. وفى الصباح استيقظنا وخرجنا نبحث عن مكان نتناول فيه إفطارنا .. هاواى بلد سياحى جميل .. والأجمل  أنك تجد كل الوجوه يتوجها بسمة حقيقية جذورها من القلب .. جلسنا فى أحد محال الأكل المنتشرة فى كل مكان ، وأخذت أتفرس فى وجوه البشر ، الكل تحركه محبة جارفة للحياة .. الكل يشترك فى فتح نافذة من الفرح .. الكل ينظر إلى من معه كأنه كل شئ ، أو يرى فيه كل البشر .. يتكلمون يضحكون وكأن أمسهم قد ضاع وبين يديهم اليوم ، حتى من آثروا الصمت تجدهم وقد اكتفوا بلـغــة الــعـيـون ، يـــقرأون بعضهم البعض فى أمان دون حـــروف ..  يفـــهمون البعض  دون كـــلام ، تغطى وجوههم الفرحة فى بساطة وانسجام ، تجد نفسك تشعر بأن صباحا نقيا يستقبلك ليملأ دنياك صفاءا ، صباحا مبهجا ، مفرحا ، متفائلا  مشرقا ، وكأن صباحك حدائق من سعادة ثمارها بسمة وأمل ونقاء ، صباح الود والأمان  ، صباح يداوي القلب مهما بات مقهورا ، و يمسح دمعة الأسي من قلب الإنسان ، صباح ينكر الأحقاد ، يخبرنا بأن الأمان هو الجوهر الأحلى والأقوى فى حياة البشر .

ولأن البهجة المحروسة والمغلفة بالأمان مُعدية تماما كما الأمراض ، تجدها تنتقل من الإنسان إلى كل من يحيطه من طير أو حيوان ، الكل آمن لا ذعر لا خوف لا إمتهان .. وأنا جالس وقع بصرى على عصفور جميل صغير الحجم يسير بين أقدام الجالسين ، ولا يخاف تحركاتهم ، كان له جناحا يتدلى بجانبه ، ولا أعرف إذا كان خلق بهذه العاهة أم أن جناحه مكسور ، إقترب من سيده مسنة ، فأخذت  تقطع من الخبز الذى أمامها ، وتلقى له وهو يأكل ، وبعد برهة مدت يدها وأمسكته وهو فى قمة الاستكانه لها ، ووضعته أمامها على المنضده ، وتركته يأكل من طبقها حتى شبع وتوقف عن الأكل ، فأمسكته مرة أخرى ووضعته على الأرض ، وعاد يسير بين المناضد ، والأرجل تتحرك من حوله وهو لا يبالى .

 لاحظت زوجتى إهتمامى بالعصفور فضحكت وقالت : أمعجب بهذا العصفور ؟؟ !! .. فقلت لها : لست معجبا بالعصفور بقدر ما أنا معجب بشعور هذا العصفور بهذا الأمان .. ثم سألتها : هل يستطيع أى طير فى مصر أن يسير بهذا الأمان فى أى مكان ؟؟ !! .. ابتسمت وقالت : لا ولا على بعد عشرات من الأمتار ، فالرعب والفزع والخوف من الإنسان يجعله يطير قبل أن يقترب منه .. وهنا خرجت من صدرى زفرة حارة وقلت لأن هذا هو حال الإنسان فى مصر،   يحيا فى قلق وخوف وفزع دائم ، وخاصة أبناءها الشرعيين أقباط مصر ، فقد أصبحت جراحهم أكبر من شكواهم ، وموتهم أقرب من حلمهم ، يبدأون يومهم بذكريات مبللة بجرح ينزف ، إن الإنسان لا يشعر بالسعادة حقا والأمان الا وهو بين من يحبونه حبا صادقا مجردا من أي غرض ، وهذا للأسف لم ولن يراه الأقباط فى ظل القرآن والشريعة الإسلامية .. فهو وسط الكارهين أو الحاقدين أو المتأمرين أو المنافسين شخص غريب ، يعيش مع الخوف العدو الأعظم للإنسان . ولا أدري إلى متى سيظل القبطى عرضة للتضليلات ، والتخويفات الإعلامية ، والإدارية ؟ ،  ولا أدري إلى متى سيعيش أقباط مصر فى جو متخم بالتحريضات ، والتشنجات ، والمتناقضات ، والإرهاب اليومى ؟!!.   يقطفون الحنين إلى الأمان ويلقونه فى مخازن الشجن ، وواقع الحال يقول: أصبح الكل باكيا .. لا قانون يحميهم ولا حاكم ، هم المطية التى يعتليها كل من آمن بالقرآن والشريعة ، أقصد كل إرهابى يجاهد فى سبيل الفوز بحوريات الجنة الستة والسبعين .

فى غمرة موجة من موجات الشعور بالإنسانية وحب الوطن ، أمرت أكبر رتبة مسئولة فى مصر - وأقصد رئيس الجمهورية - ببناء كنيسة لشهداء ليبيا أقباط مصر الذين أعادونا إلى عصور الإستشهاد عمليا فى قريتهم " العور " . وقام أحد الموسرين بشراء الأرض اللازمة ، ووافقت السلطات المعنية بهذه الأعمال تمشيا مع أوامر رئيس الجمهورية ، ولكن للأسف دائما ما يسقط القناع ، وتسقط مصر فى إمتحان الشرف والمواطنة ، وكما يهرب الطير المذعور من قاتليه ، عاش أقباط قرية العور أياما من الخوف والرعب ، وأسرعوا يحتمون بمنازلهم ، أو داخل الكنيسة القديمة هربا من جحافل أهل القرية والقرى المجاورة ، الذين هجموا بكل ضراوة يقذفون الأقباط ومنازلهم بالحجارة والملوتوف ، ويشعلون النيران فى سياراتهم وهو يهتفون " بالطول أو بالعرض مفيش كنيسة على الأرض " بالروح والدم نفديك يا إسلام .. وتختفى جميع السلطات ، ويُغتال القانون بأيدى رجال القانون .. ويخبو صوت رئيس الجمهورية ، وكأنه ليس رئيس جمهورية مصر ، ونسى تماما أن احترام القادة يأتى من احترام أوامرهم .. وأخذت الجريمة البشعة التى دائما ما يكون ضحاياها هم أقباط مصر مكانها ، ضد أبناء مصر الشرعيين وأقصد " الجلسات العرفية " ، وانتهت الجريمة بأن يرضى أقباط العور بأن تبنى الكنيسة على أرض خارج القرية بين الحقول ، وفى أماكن غير آهلة بالسكان بدلا من الأرض التى كانت فى مدخل القرية، وهذا حتى لا يرى الداخلون أو الخارجون من القرية الصليب مرفوعا على الكنيسة ، ثم الإفراج عن سبعة من المجرمين ، الذين حرقوا السيارات ورشقوا منازل الأقباط بالحجارة ، والذين قد قام البوليس بالقبض عليهم .. وفى قرية الجلاء كانت نفس الهتافات وتكررت نفس جريمة " الجلسات العرفية " ، والتى يرأسها دائما رجال الأمن ، وانتهت أيضا بالذل والإعتداء على آدمية أقباط القرية ، وأن يقدم الأقباط الإعتذار ويرضون ببناء ليس له من شكل الكنيسة شيئا ، بناء مربع ليس به قباب ولا رسوم ولا جرس ولا صلبان .. أى قاعة مربعة إذا أرادوا بناء الكنيسة القديمة المتهالكة ، وهذا بالرغم من التصاريح الكاملة والوافية لبناء كنيسة كاملة المعالم ..

يا إخوتى  : أتعرفون الآن لماذا الذعر يقفز من قلوب طيور مصر ، ويسكن الأمان فى قلب هذا العصفور ذى الجناح المكسور .. لأن فى هاواى القانون له كل الإحترام ، لأن فى هاواى لا يوجد جلسات عرفية .. الكل يتساوى أمام القانون ، وهناك ما هو أهم من ذلك الإحترام الكامل لآدمية الإنسان .. وهناك الحاكم الفعلى هو القانون .. ولكن واأسفاه فإن الحاكم الفعلى فى مصر هو القرآن والشريعة .. فلا فرق عند حقوق الأقباط بين حسنى مبارك أو مرسى أو السيسى ، الجميع يغمض عينه ، وينحنى أمام آيات القرآن وبنود الشريعة الإسلامية .. وليس لأقباط مصر غير الله .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter