بقلم: حمدى رزق | الثلاثاء ٧ ابريل ٢٠١٥ -
١٠:
١١ ص +02:00 EET
جلال السعيد محافظ القاهرة
من أعمالكم، صك الدكتور جلال السعيد محافظ القاهرة قاموساً خاصاً للتعامل مع المواطنين يوم سب مواطناً معترضاً عليه بـ«إنت معندكش دم»، ولم يترفق، متأسياً برئيسه السيسى فى الحنو على المواطنين، «إنتم مش عارفين إنكم نور عنينا ولا إيه»، واعتبار المواطن عنده حق، صاحب السيادة.
دارت الأيام، للأسف شرب المحافظ من نفس الكأس المرة، وتلقى إهانة علنية قاسية، صرخ فى وجهه مواطن مقهور (من القهر): «إنت معندكش دم»، وتتالت السخائم والشتائم على رأس المحافظ من كل صوب وحدب فى منطقة «أطلس»، الناس تترت فى الوحل لا قيمة ولا قامة: «لو مش عارف تشوف شغلك غور فى ستين داهية»، ودعاء من سيدة أغمى عليها، وحسبنة بعد الإفاقة: «ربنا ياخدك».
يوم أهان المحافظ المواطن إياه، حطت على المحافظ بقسوة رداً على الإهانة التى أصابت المواطن، وشط القلم إلى حدود الجرح، بشكل استاهل عتاباً رقيقاً من الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الازهر، فضيلته طلب منى تطييب خاطر المحافظ، متحدثاً عن مناقبيته، رجل فاضل، ولامنى بسماحته: أنت كنت قاسياً جارحاً. ولم تسنح فرصة لتطييب خاطر المحافظ، وحانت احتراماً لشخصه وباراً بوعد قطعته لفضيلته.
يقينا يعز علينا إهانة المحافظ، ولكن فيه حاجة غلط، لماذا خرج المواطن من هدومه، خلع ملابسه فى وجه المحافظ، الناس طهقانة، مخنوقة، تعبانة، رضوا بالهم والهم مش راضى بهم، إزالة مبان يسكنها مواطنون ولو على أراضى الدولة (غصباً) تتطلب أولا تدبيراً لمساكن بديلة من حصة الطوارئ فى المحافظة، لا يمكن ترك المواطنين هكذا فى العراء، سيخرجون عليكم خروج اليائسين، مثل النمور الجريحة تخمش الوجوه، النمر الجريح خطر.
سيادة المحافظ، إذا أردت أن تطاع فأمر بما هو مستطاع، الحوار الذى انتهى بالإساءة المرفوضة منشور بالفيديو فى «اليوم السابع» كان كاشفاً للأزمة بين المحافظة والمواطنين، عدم ثقة من المواطن، وعدم اكتراث من الإدارة من تحت المحافظ، قال أحد المواطنين للمحافظ: «واجب عليك تنبهنا قبل قرار الإزالة».. ورد المحافظ: «حقك علىّ هنبهك بعد كده»، وهنا خلع مواطن آخر ملابسه احتجاجاً على تنفيذ قرار الإزالة «دى آخرة اللى بناخده منك يا حكومة».
هذا القاموس المنفلت شتماً صار طقساً مجتمعياً محزناً: إهانات، وسباباً، وسفالات، ما كنا نتمنى أن يتعرض لها الدكتور المحافظ، ويحمد لسيادته برودة أعصابه، مسك نفسه، لسانك حصانك، تعلم الرجل الدرس، صار محافظاً مسؤولاً مهذباً راقياً، هكذا نحب فى المسؤولين، ردود هادئة، تبرد المواقف، لم يتوقف المحافظ عند الإهانة، ولم يرد الإساءة رغم قسوتها، درس صعيب أن يهان المحافظ هكذا أمام موظفيه، لكنها ضريبة العمل العام فى زمن ردئ.
اللهم لا اعتراض على تنفيذ القانون، واحترام القانون واجب، ولكن لماذا لا يعرف القانون طريقه إلا فى المناطق الملغومة بالفقر والجهل والمرض. الرحمة ربنا يرحمكم.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع