الأقباط متحدون - رؤية السيسى وتحديات الأمن القومى
أخر تحديث ١٣:٢٠ | الاثنين ٦ ابريل ٢٠١٥ | ٢٨برمهات ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٢٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

رؤية السيسى وتحديات الأمن القومى

مصطفى بكرى
مصطفى بكرى

لم يكن الرئيس عبدالفتاح السيسى يبالغ حين قال فى حديثه، أمس الأول السبت: «إن مصر لن تتخلى أبداً عن أشقائها فى الخليج، ولا عن الأمة كلها، حيث سنقوم بالدفاع عنهم وحمايتهم إذا تطلب الأمر».

كلمات الرئيس، التى أدلى بها فى أعقاب لقائه مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحضور القائد العام وزير الدفاع الفريق صدقى صبحى، لم تكن رداً لجميل الأشقاء فى الخليج، أو غير ذلك من الأسباب، وهو ما عبّر عنه الرئيس بقوله: «لا يليق بنا فى التعامل مع بعضنا البعض أن نقول إنهم وقفوا إلى جانبنا فلذلك نحن نقف بجانبهم».

كان الرئيس يجسد الموقف الحقيقى، ويعكس رؤيته لمقتضيات الأمن القومى العربى فى زمن التحديات بقوله: «إحنا هنقف جبنهم حتى لو هما ماعندوهمش فرصة يقفوا جنبنا، لأن دى بلادنا العربية».. وقال: «لن يستطيع أحد أن يقترب من الأشقاء فى أى مكان وأى منطقة من المناطق بما فيها الخليج الذى هو جزء من أمننا القومى، ومصر ستتصدى بكل ما أوتيت من قوة لكل من يحاول تهديد هذا الأمن».

لم يكن السيسى يهدف من وراء كلماته، التى جاءت فى أعقاب اجتماع للمجلس العسكرى استمر لنحو ست ساعات، إلى اعتماد الحل العسكرى كبديل وحيد لأزمات المنطقة، وفى المقدمة منها الأزمة الناشبة فى اليمن، وهذا ما عكسه فى قوله: «إذا كنا نؤكد جاهزية مصر واستعدادها للدفاع عن أشقائها العرب فى اليمن إلا أنها تتحرك الآن لإيجاد حل للمشكلة فى إطار سياسى حتى يجنب الجميع خسائر ليس لها داع»، وقال موجهاً كلامه للأشقاء فى اليمن: «مش محتاجين غير إننا نحل المشكلة كلنا مع بعض، ومالناش مصلحة غير استقرار البلاد فى اليمن أو ليبيا أو سوريا أو العراق».

لم يكن هذا الكلام جديداً على الخطاب السياسى للرئيس السيسى، فقد طرح، ومنذ اليوم الأول لتطورات الأحداث وتصاعدها فى اليمن، اعتبار الحوار وسيلة لحل الأزمة، وأكد تلك المعانى فى خطابه فى الدورة التثقيفية السادسة عشرة لرجال القوات المسلحة.

أدرك الرئيس السيسى، خاصة بعد الاستماع إلى التقرير المقدم من الفريق محمود حجازى، رئيس الأركان، فى أعقاب عودته من لقاء رؤساء الأركان بالسعودية، أن تطورات الموقف فى اليمن قد تقود إلى مواجهات أشد خلال الأيام المقبلة، وأن الحرب البرية باتت خياراً مطروحاً فى ظل تصعيد قوات الانقلاب الحوثى للأوضاع فى اليمن، ولذلك قال الرئيس: «نحن أمة فى خطر، وليس أمامها من خيار سوى أن تدافع عن نفسها، وإذا تطلب الأمر أن تدافع مع أشقائها عن أمنهم فإنها ستقف بجانبهم»، ولذلك قرر الرئيس أن يلتقى مجلس الدفاع الوطنى ومجلس الوزراء فى أعقاب هذا اللقاء كما قال. إذن الأمر جلل وخطير، فهذه اللقاءات الثلاثة يحوى جدول أعمالها قضية واحدة ووحيدة، هى سيناريوهات المرحلة المقبلة فى مواجهة الانقلاب الحوثى فى اليمن، ومن بينها سيناريو الحرب البرية. لم تحسم مصر خيارها النهائى حال الإقدام على الحرب البرية كخيار أخير، بعد فشل كافة المناشدات المصرية والسعودية لإنهاء الأزمة سلمياً، غير أن المؤشرات تقول إن مصر لن تتخلى عن دورها بأى طريقة.

وقد يظن البعض أن المعركة فى اليمن هى لصالح طرف من الأطراف الإقليمية، والحقيقة أن مصر تدرك أن دورها فى الدفاع عن الأمن القومى العربى تفرضه مسئوليتها القومية التى لم تكن وليدة هذا الحدث، وإنما هى نتاج التحديات التى تواجه الأمة فى عصور وأزمنة مختلفة، كانت فيها مصر دوماً المدافعة عن الأمن القومى للبلدان العربية، ويخطئ من يظن أن الدور العسكرى المصرى ضمن إطار تحالف الدفاع عن الرئيس الشرعى فى اليمن مقصور على هذا الهدف، ذلك أن مصر تدافع أيضاً عن أمنها القومى فى البحر الأحمر.

كانت المعلومات التى لدى مصر تقول إنه فى حال سيطرة الحوثيين على خليج عدن والقيام بزرع الألغام فى مضيق باب المندب أو استخدام الصواريخ المضادة للسفن أو الزوارق السريعة لمهاجمة الناقلات فإن ذلك سيعرّض ممر قناة السويس للخطر ويهدد أمن البحر الأحمر بأسره.

كانت مصر على علم كامل بالمخطط الإيرانى لإغلاق مضيق باب المندب حال تمكن الحوثيين من السيطرة على مضيق باب المندب، ولذلك كان أول أهداف البحرية المصرية هو طرد الأسطول الإيرانى من منطقة باب المندب وفرض السيطرة البحرية المصرية عليه.

لقد وصل إلى مصر تقرير على جانب كبير من الخطورة خلال الأسابيع التى سبقت الحرب يشير إلى أن إيران سوف تشعل المعركة فى أكثر من مكان بمنطقة الخليج، وأن المخطط الجديد يستهدف تغلغل إيران فى اليمن، ومنها إلى المملكة العربية السعودية، بحيث تتمكن من السيطرة الكاملة على مضيقى «هرمز وباب المندب».

كانت مصر قد درست الخطة التى وصلت إليها والتى التقت مع معلومات أخرى وصلت إلى المملكة العربية السعودية أكدت جميعها أن الحوثيين سيتحركون لبسط سيطرتهم على عدن وبقية المناطق اليمنية، فكان القرار.

أدرك أن هناك مخاوف عديدة، وأن هناك من يتعمد التشكيك فى كل شىء، لكننا على ثقة من أن القائد الأعلى يدرك أبعاد وحقائق المخاطر التى تواجه مصر وتواجه الأمة. هذا هو قدر مصر، أياً كانت التحديات وأياً كانت التداعيات، فلا تقلقوا، حتماً لحظة الانتصار على قوى الشر مقبلة، المخاوف مشروعة، ولكن التفريط فى الأمن القومى سوف يتسبب فى انهيار ما تبقى من أمة تتعرض للمؤامرة.

نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع