الأحد ٥ ابريل ٢٠١٥ -
٥٠:
٠٣ م +02:00 EET
بقلم: يوسف سيدهم
القمة الثلاثية -مصر وإثيوبيا والسودان- التي عقدت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا كانت عظيمة في ترسيخ المصالحة بين الدول الثلاث وتسطير أسس التعاون بينها ورسم سبل حل الخلافات التي قد تنشأ مستقبلا.. ولا يمكن إغفال الدور الرائع الذي قام به الرئيس السيسي في تلك القمة والذي ساهم ليس فقط
في إذابة الجليد في العلاقات المصرية الإثيوبية, بل كان له سحره الذي انعكس علي كل مكان ذهب إليه وامتد إلي جميع المسئولين وقطاعات الشعب الذين التقي بهم..
فكانت النتيجة المبهرة المترتبة علي ذلك أن زيارة السيسي لإثيوبيا محت آثار جريمة العار التي ارتكبها محمد مرسي في حق إثيوبيا وشعبها. تلك الجريمة التي وصفتها أنا إبان حدوثها أنها المضحك المبكي وأظن أننا جميعا لم ننس -أو قد يحاول بعضنا نسيانها هربا وخجلا من عارها!!-
حين انتفض محمد مرسي متشنجا ومصورا زيفا للمصريين أن سد النهضة مؤامرة لتجفيف نهر النيل ولحرمانهم من شريان الحياة, ثم تبع ذلك بالتلويح بالتهديد بأنه لن يتواني في الدفاع عن حصة مصر في مياه النيل بشتي السبل, وكانت قمة المهزلة ذلك الاجتماع البائس الذي حشد فيه مجموعة من الحمقي الذين تبادلوا سيناريوهات اعتداء مصر علي إثيوبيا وتحطيمها لسد النهضة دفاعا عن حصتها في المياه وما تبع ذلك من كارثة مدوية حين احتجوا علي إذاعة ما قالوه في الجلسة وكأنهم مثل من يقبل الفحشاء لكن لا يقبل الفضيحة!!!
الحمدلله أن مصر العظيمة الأصيلة عادت إلي أصالتها وقوتها لتحتل موقعها الذي تستحقه في صدارة الأسرة الأفريقية…عادت بيد المحبة والود والاحترام الممتدة إلي الجميع لتقبل الجميع وتتعاون مع الجميع, تلك اليد التي تتفوق في قوتها وتأثيرها علي أعتي الجيوش والأسلحة.. وها هي المصالحة المصرية الإثيوبية خير دليل علي ذلك.. وعلينا جميعا أن نستلهم هذه الرسالة التي يبادر السيسي بنشرها أينما ذهب لبداية عهد جديد من العمل والتعاون لإقالة مصر من عثرتها ودفعها لانطلاقة المستقبل المشرق الذي نتمناه لأولادنا.
هذه الأجواء الجديدة الصافية التي باتت تظلل العلاقات المصرية الإثيوبية تدعوني لفتح ملف قديم مسكوت عنه هو ملف دير السلطان التابع تاريخيا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية…
ذلك الدير التاريخي العزيز جدا علي الأقباط لموقعه الاستراتيجي المتاخم لكنيسة القيامة في القدس والذي سمحت إسرائيل لحفنة من الرهبان الأحباش التابعين للكنيسة الإثيوبية بالاستيلاء عليه في فترة عصيبة شهدت تدهور وتآكل العلاقات المصرية الإثيوبية…كان ذلك منذ نحو أربعة عقود وانتفضت الكنيسة
المصرية محتجة علي ذلك ومتوهمة أن حقها في دير السلطان راسخ وأن السلطات الإسرائيلية سرعان ما تتدخل لطرد الرهبان الأحباش المعتدين وإعادة الأمور إلي نصابها الصحيح, لكن شيئا من ذلك لم يحدث وتبين أن إسرائيل تستخدم قضية دير السلطان لتصفية حسابات وتوقيع ضغوط سياسية علي مصر, فما كان من الكنيسة القبطية إلا أن لجأت إلي القضاء الإسرائيلي حيث حكمت المحكمة العليا الإسرائيلية بأحقية الكنيسة القبطية بدير السلطان, وثبات ملكيتها التاريخية له, لكن تقاعست السلطات الإسرائيلية عن تنفيذ ذلك الحكم حتي يومنا هذا في واحدة من المفارقات الغريبة علي العالم ولكن غير الغريبة علينا حين تتقاعس السلطة التنفيذية عن تنفيذ أحكام السلطة القضائية!!!
هل تنتهز الكنيسة القبطية الأرثوذكسية مناخ الوحدة والوئام والتكاتف الوطني الذي يسود مصر حاليا والعلاقات المتميزة التي تربطها بكل من القيادة السياسية المصرية والإثيوبية والكنيسة الإثيوبية علي السواء لفتح ملف دير السلطان المسكوت عنه طويلا؟..
لقد تضمن اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر وإثيوبيا والسودان حول أزمة سد النهضة ترسيخ معايير محترمة في صيانة حقوق جميع الأطراف وعدم استباحة إضرار أي طرف بمصالح الآخر.. لماذا لا نتطلع إلي فتح ملف دير السلطان استلهاما لتلك المعايير ونحو إعادته إلي الكنيسة المصرية إسهاما في ترسيخ الثقة وإرساء العدالة وتنقية الأجواء من أية تراكمات سابقة؟