يكاد يصبح آذار شهراً كردياًدون الآخرين,إذ لم يبق منه يومإلا وفيه مناسبة للكُـرد, تتوزع عليها الأفراح بقدر الأحزان, فيترقبه الكردي كل عام بعينين, تبكي إحداهما ذكرى المآسي والمحن, وتبتسم الأخرى لمناسبات الفرح.
أما الأيام المعدودةالمتبقية من آذاردون مناسبات, فتضاف إلى نصيب الكُـرد السوريينوتخصص لهم,ففي الثامن منه,وفي الوقت الذي أقامت فيه الفعاليات المجتمعية والمنظمات الحزبية,الندوات والاحتفالات بمناسبة عيد المرأة العالمي,مرّتالذكرى الثانية بعد الخمسين لانقلاب البعث1963 في سوريا,الذي أدخل البلادفيعهد الاستبداد,وأطلق فيه نظام الحكم العنان للقهروالقمع والظلم بحق السوريين , وخصّ الكُـرد منهم بعشرات المراسيم الشوفينية, وما فتئ نظام الحكم يتمسك بكرسيه حتى اليوم, ويقامر بمصير الوطن وأبنائه, في حرب مجنونة على الشعب منذ أربعة أعوام, ليجلب له الموت والدمار مع إشراقه كل شمس.
في الثاني عشر من آذار, حلّت الذكرى الحادية عشرة للأحداث الدموية التي بدأت في ملعب القامشلي الرياضي 2004رداً على استهتار النظام بمشاعر مواطنيه الكُـرد, ولم تنته في أبعد قرية كردية, إذ لا زالت أحداثها غصة في القلوب, وضحاياها جرحاً ينزف كل عام , يتجسد في الوقوف حداداً على أرواحهم, في ذكراها السنوية.
في الخامس عشر من آذار, دخلت أحداث البلاد عامها الخامس, حيث بدأت ثورة سلمية شارك فيها الكُـرد إلى جانب إخوتهم السوريين,ثم تحولت إلى كتائب وألوية وميليشيات سقطت في فخ النظام, وتساهم معه على الطرف الآخر,في دمار البلاد وقتل وجرح مئات الآلاف وتهجير الملايين من أبنائه, دون أن تنتهدوامة العنف , أو أن تجد سبيلاً إلى الحلّ حتى الآن, رغم مساعي المجتمع الدولي.
في العشرين من آذار وفي الوقت الذي كان فيه الكرد يضيئون شعلة نوروزهم ويحتفلون بقدومه, أضاف إرهابيوداعش مناسبة حزينة أخرى إلى قائمة المآسي الآذارية الكردية, حيث أقدم انتحاريان على تفجيرين إرهابيين في مدينة الحسكة,خلّفاعشرات الشهداء والجرحى من الأبرياء,ليُعلن يوم نـوروز-الحادي والعشرين من آذار- هذا العام يوم حداد, تلغى فيه مظاهر الفرح والاحتفاليات, وتنقلب ألوان الربيع إلى سواد.
في السادس والعشرين كان الموعد المقرّر لاجتماع المرجعية السياسية الكردية, إلا أن بقايا المجلس الوطني الكرديكان قد أعلن في بيان مقتضب تجميد عضويته في هذه المرجعية الفتية, واضعاً لعودته شروطاًيصعب تحقيقها في الوقت الراهن, وبالتالي تكون المرجعية نفسها, ومجمل العمل الكردي المشترك,ومعها تطلعات وآمال الملايين من أبناء شعبنا الكردي,أمام تحدٍ حقيقي, في الوقت الذي أصبحت فيه المرجعية مطلباً شعبياً وضرورة سياسية مجتمعية ليس لها بديل.
على الساحة الكردية والكردستانية يبقى الخطر المتمثل بالتنظيمات التكفيرية قائماً, وجبهات القتال لا زالت ملتهبة في العديد من المحاور,على طول تخوم الكرد الجنوبية,بين البيشمركة والـYPGوالـ HPGمن جهة, وتنظيم دولة الخلافة–داعش- وأخواتها على الطرف الآخر,حيث العديد من القرى والمناطق الكردية من بينها مدينة شنكال, لا زالت تحت نير الظلام التكفيري,وكوباني مهددة بكارثة وبائية - بيئية, إن لم تتوفر الإمكانيات والآليات اللازمة لإزالة الأنقاض وتنظيف المدينة,في حين تنصرف الأنظار والاهتمامات إلى جبهات ساخنة أخرى, وينشغل العالم بالوضع في اليمن, والتحالف العربي المتشكل تحت مسمى إنقاذ الشرعية اليمنية,وغاراته الجوية المكثفة على مواقع الحوثيين في الداخل اليمني,ومراقبة ردود الفعل في جمهورية إيران الإسلامية, الحاضنة الرئيسية والداعم المباشر لجماعة الحوثي, كما لحزب الله اللبناني والنظام السوري,وكأن ما سمي بربيع الشعوب, قد استحال خريفاً بائساً, استغلته بعض الأطراف الدولية,حجةً ومدخلاًلتسخين النزاعات العرقية والدينية , وتسعير النزاع الطائفي المزمن بين الشيعة والسنة في المنطقة,بغية خلط الأوراق,وتمرير صفقات تضع حداًللطموحالنووي الإيراني,وتحد من نفوذ طهران في منطقة الخليج النفطية, وتلجم جموح تركيا في تزعم حركات الإسلام السياسي في المنطقة,تلك التي تحولت إلى بيئة خصبة لإنتاج الإرهاب,ولا سيما بعد خيبات أمل متكررةللأوربيين بالحليف التركي, وإصرار الأخيرعلىالتعامل منفرداً مع ملفات وقضايا تعتبر حيوية للغرب وأمريكا .
لم تعد العودة إلى الوراء وزمن المظاهرات السلمية ممكنة, بعد أنهار الدماء التي سالت, والكم الهائل من الخراب, لكن خلاص السوريين من نير الحكم المستبد,وتحقيق قدر من الحرية والكرامة لأبنائهم وبناتهمعن طريق الحوار والحل السياسي, يبقى غاية ملحة ومسؤولية تاريخية,لا يجب التراجع عنها, حتى وإن كان خطر المجموعات الجهادية قدطغى على المشهد,واحتل الصدارة في سلم أولويات القوى الكبرى والمجتمع الدولي والسوريين أنفسهم.
3 نيسان 2015
اللجنة السياسية
لحزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا " يكيتي"