الأقباط متحدون - أوصنّا
أخر تحديث ١٣:٥٨ | السبت ٤ ابريل ٢٠١٥ | ٢٦برمهات ١٧٣١ ش | العدد ٣٥٢٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أوصنّا

بقلم: ليديا يؤانس

جموع هائلة ربما بالمئات أو الألآف ذاهبون إلي العيد،  ذاهبون إلي الحج بأورشليم،   أيضاً يسوع المسيح ذاهباً إلي العيد بأورشليم،   ذاهباً ليس في موكب مُلوكي،   لا عربات تجُرها الخيول،  لا جنود أوحراس مُصطفين علي جانبي الطريق،  لا أبواق،  لا أعلام،    لكنه ذهب راكباً علي ظهر حمار صغير! 

لقد سمعت الجموع والمدن والقري عن يسوع المسيح،   وما قدمه خلال فترة الثلاث سنين ونصف،   فترة خدمته علي الأرض، بالتأكيد سمعوا عن إقامته لعازر بعد أن مات وأنتن،  سمعوا عن تعاليُمه والمُعجزات التي صنعها مع الكثيرين،  البعض كان يعتقد أنه نبياً أو مُعلماً عظيما،  والبعض كانوا مُنتظرين مجئ المسيا كما هو مكتوب بالتوراة،  ليأتي ويصير ملكأ عليهم ويُخلصهم. 

لكن المشهد تحول فجأة إلي مشهد مُلوكي عظيم.

عندما دخل يسوع أورشليم في يوم الأحد (أحد الشعانين) قبل صلبه،  راكباً  علي ظهر حمار صغير إستقبلته الجموع بالفرح والإبتهاج،  فرشوا ثيابهم في الطريق تحت قدميه،  آخرون قطعوا فروع من أشجار النخيل وفرشوها في طريقه،  وبصوت واحد بدأت الجموع بالهتاف   "أوصنّا .. أوصنّا لإبن داود .. مُبارك الآتي باسم الرب .. أوصنّا في الأعالي" (راجع  متي 9:21  ؛  مرقس 9:11  ؛  يوحنا  13:12).

كلمة  "أوصنا" أو  "hosanna" أو "هوشَعنا"  كلمة عبرية تعنى "إنقذ أو خَلِصْ الآن."
أوصنا أيضاً كلمة أو صيغة  للتَعجُب كما نقول مثلاً "ياه" أو "رائع."

الجموع كانوا لا يريدونه أن ينقذ أرواحهم،  بل فقط يُنقذ وطنهُم،   مثلهُم مثل الأثني عشر كانوا دائماً مُتعجبين،   إذا كان يسوع هو المسيا  ..  لماذا لم يستخدم قوته الفائقة ضد الرومان؟  
كذلك الجموع أيضاً  يُريدونهُ ملك أرضي ليُنقذهُم من الرومان،  ولكن يسوع لم يأت ليكون ملك أرضي بل لِيُعطي الخلاص للعالم كله.

الجموع فرشوا ثيابِهُم في طريق يسوع،  هذه كانت عادة قديمة بأن المواطنين يضعون ثيابِهُمْ تحت أرجُل ملكهُم أو عاهلهُم لكي يمشي فوقها رمزاً إلي أنهم يخضعون لسُلطانه،  كما لو أنهُم يقولون له "نحن نضع أنفسنا تحت قدميك لتمشي عليها إن أردت!" 
عموماً الثياب أو الملابِس تُعتبر رمزاً للآشياء الثمينة التى تَخُص الإنسان.

الجموع عرفوا واعترفوا أن يسوع هو ابن داود،   المسيا المُنتظر ليُخلصهم،  فصرخوا قائلين  "أوصنّا لإبن داود .. مُبارك الآتي باسم الرب." 
لقد عرفوا من هو يسوع ولكنهم  لم يفهموا أو لم يعتقدوا فيما عرفوه عنه!
نعم عرفوا أنه المسيا ابن داود الآتي باسم الرب ولكنهم كانوا مُخطئين في نوعية الخلاص او الإنقاذ الذي سيُقدمه لهُمْ!
نعم عرفوا أنه ملك ولكن لم يفهموا طبيعة مملكته وملوكيته!
أنهم لم يدركوا أكثر مما فهمه بيلاطس عندما قال ليسوع "أنت ملك اليهود"  فأجابه يسوع قائلاً  "مملكتي ليست من هذا العالم."  

يجب أن نفهم أن يسوع المسيح لن يَدخُلْ إلى العالم في مَوكِب النُصرة مالم نسير أمامه ومعهُ ونُمهِد له الطريقُ.

لكي نسير في طريقهُ يجب أن نطرح عَنَا كل الأشياء الثمينة  لدينا مثل،  وقتنا ومواهبنا وأولادنا وممتلكاتنا،   وحياتنا نفسها يجب أن نضعها تحت قدميه،   يجب ألا تطأ قدمي يسوع تراب الطريق،  بل بالأحري تدوس علي الأشياء الأكثر أهمية لدينا.


الجموع قطعوا فروع النخيل وفرشوها في طريقهِ،   الأشجار وخاصة النخيل  في الكتاب المُقدس تصور النُصرة وترمُز للفرح والخلاص. 
طريق الخلاص لابد وأن يكون مُبهِجاً وليس شاقاً،    ينبغى أن نُظهِِر للعالم روعة وجمال طريق يسوع.
نعم ... مُمكِن أن يكون الطريق ضيق ولكنه هو الطريق الوحيد لِلحياة الأبدية.

الجموع كانوا غير خائفين وصرخوا "أوصنّا"    ولم يخجلوا من أن يُعبروا عن إيمانهُمْ وولائهم لهُ بفرح،   نحنُ أيضاً يجب ألا نَخجل من أن نشهد لِملكنا ومُخلصنا.

للأسف بعد بُضعة أيام من هذا الإحتفال الرائع،  هذه الجموع بذاتها رفضت وأنكرت يسوع لأنهُ لم يحقق لهم مطالِبهُم.

اليوم كثيرين  من الناس في العالم مُستعدين لِقبول المسيح،   الذي يعتقدون أنهُ سوف يُقدِم لهُمْ كُل إحتياجاتِهِمْ الدُنيوية والثروة والصحة والنجاح والسعادة،   ولكن مِثلما رفضِت الجموع يسوع الآن أيضاً كثيرين يرفضون يسوع لأنه لم يُحقق توقعاتهم ورغباتِهم الدنيوية!


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter