أعلنت كل من المغرب والأردن مشاركتهما في التحالف المشترك الذي تقوده المملكة العربية السعودية في "عاصفة الحزم"، التي شنها التحالف على جماعة الحوثيين المسلحة في اليمن.
وتشارك كل من المغرب والأردن بحوالي 6 مقاتلات فقط، من طراز F16، ويذكر أيضا أن الدولتين شاركتا بنفس عدد المقاتلات في الحرب ضد تنظم "داعش" المتطرف في بلاد الشام والعراق.
ويرجع المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية العدد القليل من المقاتلات التي تشارك بهم المغرب والأردن إلى وجود دلالة رمزية للمشاركة دون التورط بشكل كبير في الصراع، إذ يمكن أن تحقق كل من الدولتين عددا من المكاسب من جراء المشاركة، دون أن تخلو من إمكانية حدوث عدة تداعيات سلبية وخسائر محدودة النطاق.
وتتعدد وتتنوع المكاسب التي يمكن أن تحققها الدولتان من مشاركتهما في الحرب ضد الحوثيين، بين مكاسب ترتبط بتوطيد علاقاتهما بدول الخليج، وأخرى تتعلق بتوسيع نفوذهما الإقليمي، وثالثة ترتبط بتأثيرها على علاقة الأجهزة الرسمية مع المعارضة الإسلامية في الداخل.
وترصد "الوطن" أبرز المكاسب والخسائر المحتملتين من مشاركة المغرب والأردن في الحرب على اليمن.
أولا: المكاسب
1- تأكيد الشراكة الاستراتيجية مع دول الخليج
تسعى كل من المغرب والأردن منذ فترة لتوطيد علاقتهما بدول مجلس التعاون الخليجي، وقدم اقتراح بضم من الدولتين لمجلس التعاون الخليجي وذلك بعد ثورات الربيع العربي عام 2011، وصدر عن الجهات الرسمية في المغرب والأردن بيانات تؤكد أن المشاركة جاءت بهدف حماية أمن دول الخليج بخاصة المملكة العربية السعودية.
2- توسيع إطار الدور والنفوذ الإقليمي
مشاركة المغرب والأردن في "عاصفة الحزم" تأتي في إطار وجود توجه عام لدى الدولتين لتوسيع نطاق نفوذهم في المنطقة، وأنهما يمثلان شريكين رئيسيين في التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" في العراق وسوريا، وتتوجه المملكة المغربية في الفترة الأخيرة للتحرك نحو دول إفريقيا جنوب الصحراء، سواء بتحركات سياسية أو استثمارات اقتصادية.
وتواجد الدولتين في الحرب ضد جماعة الحوثيين في اليمن يعطى فرصة أكبر في توسيع نفوذهما وتأثيرهما باعتبارهما شريكا رئيسيا في القضايا المشتعلة في المنطقة.
3- حماية النظم الحاكمة لذاتها
أكدت أنظمة الحكم في الأردن والمغرب أن مشاركتهما بهدف دعم الرئيس اليمني الشرعي عبد ربه منصور هادي في مواجهة الميلشيات الحوثية غير الشرعية، وهو ما يمكن اعتباره حصن أمان لهم في حالة مواجهة معارضة داخلية.
ويذكر أن المغرب تواجه أزمة شرعية حقيقية في منطقة الإقليم الصحراوي، على نحو يجعل المشاركة المغربية في تلك الحرب باعتبارها جزءا من حرب الدول في مواجهة الجماعات المسلحة، في ظل الثورات والانتفاضات والاحتجاجات العربية التي تشهدها المنطقة.
4- تحجيم النفوذ الإيراني في الإقليم
جدير بالذكر أن إيران تقدم كافة أنواع الدعم اللوجيستي والسياسي والعسكري لجماعة أنصار الله التي تنتمي إلى المذهب الشيعي، وسيطرة الحوثيين الشيعة على اليمن تعني سيطرة طهران عليها، في نفس الوقت الذي يتسع فيه النفوذ الإيراني في سوريا والعراق ولبنان.
ولم يعد أمام النظم السنية بخاصة المغرب القائمة على نظام إمارة المؤمنين والأردن التي يتمتع فيها العاهل بشرعية دينية سوى محاولة تحجيم النفوذ الشيعي في المنطقة، وهو ما لا يمكن تحقيقه في حالة إحكام الحوثيين سيطرتهم على اليمن، لذلك بادرت الدولتان بالانضمام لهذا التحالف لإسقاط الحوثيين.
5- استغلال الحدث للتهدئة مع المعارضات الإسلامية في الداخل
يذكر أن فصائل المعارضة الرئيسية في كل من المغرب والأردن تنتمي إلى أهل السنة، ففي الأردن تمثل جماعة الإخوان المسلمين السنية الجزء الأكبر من المعارضة، وفي المغرب أيضاً تعد حركة العدل والإحسان الإسلامية السنية أبرز فصائل المعارضة، والتي ترفض بشكل قاطع حدوث أي تمدد شيعي ليس في المغرب فحسب، وإنما في المنطقة بأسرها.
ما يترتب عليه أن النظامين سيلقيان دعما داخليا في تلك الحرب حتى من قبل التنظيمات والحركات المعارضة، وهو ما سيساهم في تهدئة الأجواء ولو نسبياً داخل تلك البلدان، وسيخلق مساحة وسيطة بين النظم الحاكمة والمعارضات الإسلامية يمكن اعتبارها نواة لمزيد من التفاهمات في المرحلة المقبلة.
ثانيا: الخسائر
ومن جانب آخر، ترتبط الخسائر المتوقعة لكل من المغرب والأردن من جراء المشاركة في تلك الحرب بشكل مباشر بأمرين، يتمثل الأول في إمكانية حدوث خسائر بشرية بين صفوف المقاتلين من الدولتين، لكن يظل هذا الخطر محدودا إلى حد بعيد مع انخفاض مستوى المشاركة من قبل كل من الدولتين، والذي اقتصر على مشاركتهما بست مقاتلات من كل دولة.
أما الأمر الثاني، والذي يعد الأكثر أهمية وخطورة بالنسبة للبلدين، فيتمثل في تأثير هذا التدخل على مسارات علاقتهما مع إيران، بالنسبة للعلاقات بين المغرب وإيران، فقد شهدت العلاقات تحسنا تدريجيا في بداية العام الحالي، وهناك مخاوف بشأن تأثيرات سلبية على عودة العلاقات بين البلدين بسبب مشاركة المغرب في الحرب ضد الحوثيين.
وعلى صعيد مسار العلاقات بين عمان وطهران، فيبدو أن الحرب قد أطاحت بما كان مأمولا من تطوير العلاقات الإيرانية الأردنية، والجدير بالذكر، أن العلاقات بين البلدين سوف تتأثر سلبا بمشاركة الأردن في الحرب على الحوثيين.