الأقباط متحدون - لكن المفاجأة أذهلتها
أخر تحديث ٠٢:٢٨ | الأحد ٢٩ مارس ٢٠١٥ | ٢٠برمهات ١٧٣١ ش | العدد ٣٥١٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

لكن المفاجأة أذهلتها

د. محمد حبيب
د. محمد حبيب

 فى لحظات، استطاعت عاصفة «الحزم» أن تجذب أنظار العالم، وأن تغطى على الكثير من القضايا.. ربما كان ذلك راجعاً إلى عنصر المفاجأة، وعدم توقع الجميع أن يأخذ العرب زمام المبادأة، هذا فضلاً عن الأهمية الاستراتيجية لليمن.. فهذه هى المرة الأولى التى تقرر فيها مجموعة من الدول العربية تضم السعودية، مصر، الإمارات، البحرين، الكويت، والمغرب، بقيادة الأولى، أن تحسم أمرها فى القيام بعملية عسكرية.. ويعتقد البعض أن الأمر مرتبط بشخصية وطبيعة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز من ناحية، واطمئنانه لوقوف مصر إلى جانبه من ناحية ثانية.. لقد كان انقلاب الحوثيين على الشرعية الدستورية فى اليمن والاستيلاء على عدة مدن فى الشمال، بما فى ذلك الموانئ والمطارات، ثم الاتجاه للاستيلاء على عدن فى الجنوب، واستخدام السلاح فى الهيمنة والسيطرة، بدعم كامل من إيران، أقول كل ذلك مثل قلقاً كبيراً وخطراً على الأمن القومى السعودى والمصرى والعربى، ومن ثم كان لابد من التحرك.

 
أعتقد أنه من السابق لأوانه معرفة المسار الذى سوف تنتهجه الدول المشاركة فى التحالف (فعليا أو لوجيستيا) فى الأيام القليلة القادمة، وماهية وطبيعة ردود الفعل الإيرانية إزاء ما حدث، وما الذى يمكن أن تقوم به جميع القوى الحزبية والسياسية فى اليمن.. وبالتالى يصعب الآن تقويم عملية «عاصفة الحزم»، من حيث النتائج والآثار، لكن يجب أن ندرك جيدا أن القضية متداخلة ومتشابكة، إذ إن كلاً من الأطراف له وسائله وآلياته وأهدافه، والتى تتفق وتختلف مع بعضها.
 
إن إيران لها أطماعها فى التمدد وملء الفراغ فى المنطقة، ربما ليس كشيعة- كما يعتقد البعض- ولكن كقومية فارسية، تسعى للسيطرة والهيمنة على المجارى المائية العالمية والتى تشمل: شرق المتوسط، الخليج العربى، المحيط الهندى، خليج عدن، والبحر الأحمر.. يعنى شبه دائرة كاملة، تمثل أهم وأخطر المجارى المائية، ولا يخفى علينا أن المتحكم فيها سوف يملى إرادته، ليس فقط على الدول العربية بالمنطقة، وإنما على الأوضاع العالمية، سياسيا وأمنيا واقتصاديا وعسكريا.. فإيران لها وجودها المؤثر والفاعل فى سوريا، ولبنان، والعراق، وشرق الخليج.. ولها أيضا وجودها فى اليمن ممثلا بالحوثيين الذين تدعمهم دعما كاملا: مالا، وسلاحا، وتدريبا.. أضف إلى هذا العلاقة الوطيدة منذ عقود مع السودان، الجانب الغربى من البحر الأحمر.. وقد ظنت أو توهمت إيران أن التنسيق والتفاهم القائم بينها وبين أمريكا فى أماكن كثيرة (العراق ولبنان وشرق الجزيرة العربية) سوف يجعل الأخيرة تغض الطرف عما يحدث فى اليمن، خاصة أن إيران كانت تبرر دعمها للحوثيين على أنه ضرورة لمواجهة داعش والقاعدة فى الجنوب.
 
أما أمريكا، فقد أقلقها تمدد إيران فى المنطقة بدرجة زائدة عن الحد، وأن هذا التمدد سوف تكون له آثاره السلبية على المصالح الأمريكية والصهيونية.. إن مضيقى هرمز وباب المندب، كما أنهما يعتبران شريان الحياة بالنسبة للدول العربية، هما أيضا يمثلان أهمية استراتيجية للمصالح الأمريكية، وهو ما جعل أمريكا تدعم العملية العسكرية، لوجيستيا ومخابراتيا.. وما كان لقطر أن تشارك قوات التحالف بـ١٠ طائرات، وما كان لتركيا أن تعلن تأييدها لوجيستيا للضربات الجوية ومهاجمتها بشدة محاولات إيران الهيمنة والسيطرة على المنطقة، لولا موقف أمريكا.. نفس الحال بالنسبة لبعض الدول الأوروبية كبريطانيا وفرنسا.
 
لعلنا لاحظنا أنه عقب الضربات الجوية على معاقل ومعسكرات الحوثيين، وأماكن تمركز قوات على عبدالله صالح، لم تكن لهجة إيران حادة ولا شديدة كما كان متوقعا، خاصة بعد أن أيقنت أن أمريكا أعلنت تأييدها للضربات الجوية.. كما أنها فوجئت باجتماع الصف العربى الذى لم ينعقد منذ حرب أكتوبر ٧٣.. لقد كانت إيران معتمدة على العجز والشلل والتفكك العربى، وأن العرب لن يفعلوا شيئا، اللهم إلا الرفض والشجب والاستنكار.. لكن المفاجأة أذهلتها وأدهشتها.
 
أعتقد أن الهدف من الضربات الجوية شمل عدة أمور، أولها: الحفاظ على الأمن القومى العربى، ثانيها: استعادة الشرعية الدستورية لليمن والحفاظ على وحدته من التفكك والتشرذم وعدم الانزلاق إلى حرب أهلية، ثالثها: إيقاف المد الإيرانى، رابعها: إنهاء حالة العجز والشلل العربى، وخامسها: مواجهة داعش والقاعدة اللتين تمثلان أهم مصادر الإرهاب.
 
أظن أن الضربات الجوية لن تتوقف حتى يستوثق التحالف من الاستسلام الكامل للحوثيين، وفقدان قدرتهم على معاودة أو مواصلة السير فى مخططهم الذى بدأوه فى سبتمبر.. إن التنسيق الذى كان قائما بين الحوثيين وعلى عبدالله صالح أصابته تشرخات وتصدعات، لكن تبقى جذور النيران مشتعلة تحت الرماد.. لكن أهمية الضربات الجوية تكمن فى دفع جميع القوى السياسية والحزبية لقبول خيار وحيد أمامها وهو التفاوض فى ظل شرعية عبدربه منصور هادى، وأعتقد أن البداية هى عودة الرجل إلى صنعاء، شريطة أن يتهيأ قدر من استقرار الوضع الأمنى.
 
هل هذا أوان تفعيل اتفاقية الدفاع العربى المشترك بشكل دائم؟ وهل تبقى كما هى، أم لابد من إدخال بعض التعديلات عليها بما يتفق وطبيعة المتغيرات والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية؟ وهل يتطلب ذلك إجراء تعديل مواز لميثاق جامعة الدول العربية؟
نقلا عن المصرى اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع