الأقباط متحدون - الفساد والجشع والظلم وقود لتطرف الشباب
أخر تحديث ٠٢:٣٤ | الجمعة ٢٧ مارس ٢٠١٥ | ١٨برمهات ١٧٣١ ش | العدد ٣٥١٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الفساد والجشع والظلم وقود لتطرف الشباب

سامي البحيري
سامي البحيري

حلول مبتكرة لمقاومة الارهاب (18): التنمية هي الحل

الفساد موجود في كل زمان ومكان، ولكن في بعض الدول الفساد يكون محدود ويكون هو الاستثناء وليس القاعدة، اما في بلادنا فالفساد هو القاعدة والنزاهة هي الاستثناء، ومن يعتقد ان الفساد هو فساد الحكام وفساد بعض رجال الاعمال فقط قد يكون واهما والأمثلة على الفساد كثيرة:
المواطن الذي لا يحترم إشارات المرور هو مواطن فاسد

المواطن الذي يستعبط ويحاول قطع الطابور لكي يأخذ مكان غيره هو مواطن فاسد
المواطن الذي يستخدم الواسطة لكي يعين ابنته او ابنه في وظيفة لا يستحقها هو مواطن فاسد
المواطن الذي يستخدم الرشوة سواء بدفعها او اخذها هو مواطن فاسد

الاستاذ الجامعي الذي يحرم طالب متفوق من درجات مستحقة بسبب دينه او جنسه او مذهبه هو مواطن فاسد
رجل الاعمال الذي يستخدم نفوذه او امواله للحصول على عقود وصفقات لا يستحقها هو مواطن فاسد
التاجر الذي يغش في تجارته هو مواطن فاسد
رجل الأمن الذي يتقاضى المال لكي يغض الطرف هو رجل أمن فاسد
القاضي الذي يغير ضميره بسبب سياسي او مادي او شخصي هو قاض فاسد

المحامي الذي يستغل موكله بدون ان يؤدي وظيفته هو محام فاسد
الطبيب الذي يجري عملية او يصف دواء لا لزوم له هو طبيب فاسد
المهندس الذي يغش في مواصفات البناء هو مهندس فاسد

رجل الاعمال الذي يتهرب من الضريبة هو مواطن فاسد
والفساد اصبح يغرقنا من الرأس حتى القدم ومن الغفير حتى الوزير، لقد عشت في أمريكا (الكافرة) ٢٥ عاما لم ادفع دولارا واحدا لإنهاء معاملة حكومية او للحصول على وظيفة او لتفادي غرامة او للحصول على عقد او اجراء صفقة او الحصول على وظيفة لابنتي.

اما في بلادنا الجميلة (المؤمنة) فمن منا لم يدفع رشوة للحصول على رخصة قيادة سيارة او لتفادي دفع غرامة، ومن منا لم يستخدم الواسطة لإنهاء أعماله او تعيين ابنه في وظيفة لا يستحقها، ومن منا لم يحاول ان يقطع الطريق على السيارات أمامه لكي يصل اولا، ومن منا من لم يحاول ان يخترق القانون بشكل او باخر، وبعد هذا كله، من منا لم يجلس على المقهى مع أصدقاءه المزوغين من العمل مثله وينتقدون فساد الحكام؟؟
وعلى رأي عمنا نجيب محفوظ في رواية الكرنك على لسان بطل الرواية: "كلنا مجرمون ... وكلنا ضحايا"

طيب ما علاقة كل هذا بمقاومة التطرّف والارهاب ؟
مع انتشار الفساد حتى النخاع وحتى اصبح له موءسساته في كل مكان، يظهر الشباب الرومانسي الغاضب مدفوعا بمشايخ التطرّف الذين يقنعونه بان الفساد قد انتشر في البر والبحر لأننا ابتعدنا عن ديننا، وناسين او متناسين ان الطهر والشفافية والنزاهة كلها تنتشر قي بلاد غير مسلمة وكلها بلاد علمانية تؤمن بفصل الدين عن الدولة وتحتفظ بالدِّين في الكنائس او المعابد والتي تشتكي من قلة الزبائن.
ويقتنع الشباب المتحمس بان السبيل الوحيد لهذا هو تكفير هذا المجتمع الفاسد وبناء مجتمع جديد مبنى على تعاليم الدين الحنيف واقتداء برسول الله وبالصحابة الاخيار والذين لم يرتكبوا اي خطا وكانهم ملائكة اطهار، ويقرا هذا الشباب الكتب الصفراء والذين تزين له التاريخ القديم وكأنه مدينة أفلاطون الفاضلة ويريد العودة برومانسية غبية الى تلك المدينة الفاضلة، حيث يريد اعادة الخليفة عمر بن عبد العزيز الذي انتشر الطهر والعدل والخير في عهده الى درجة انه وجد فائضا في أموال الزكاة لم يستطع ان يوزعها لقلة الفقراء المستحقين للزكاة. وكل تلك القصص الخيالية ترفع روح الشاب وتشعره بانه ينتمي الى الدين الحق والذي لو اتبعه الحكام الكفرة والمجتمع الكافر لاختفى الظلم والفساد وانتشر العدل والنزاهة.

وطبعا انتشار الفساد والظلم والمحسوبية والجشع يحدث خللا في اي مجتمع ويزداد الفقراء فقرا ويزداد الأغنياء جشعا وغنى، والفساد افة الافات فهي تخل بالسلام الاجتماعي في الدول وتجعل الفقير والضعيف متربص بالغني والقوى وتجعل الغنى متشكك وقرفان من الفقير والضعيف، ولا يدرك العديد من الأغنياء انهم ربما هم من أسباب فقر هذا الفقير لسوء توزيع الثروة في المجتمع.

وبالطبع محاربة الفساد ومحاولة نشر ثقافة النزاهة والشفافية سوف تنزع احد أسلحة التطرّف وسوف تحد من غضب الشباب، وإذا وجد الشاب الفقير انه يتنافس على قدم مساواة مع الشاب الغني للحصول على وظيفة او مركز او تجارة ، فان كثير من أسباب غضبه ونقمته على المجتمع ربما تتلاشى.
 وكما استطاعت بلاد كثيرة في العالم مثل البلدان الإسكندنافية خلق مجتمع اكثر رقيا وتحضُّرا ونزاهة من مجتمع عمر بن عبد العزيز نفسه، فلماذا لا نستطيع ان نخلق مثل هذا المجتمع في البلاد الاسلامية بدون العودة الى الوراء الف واربعمائة سنة.

ان محاربة الفساد تبدأ من الرأس كما انها تبدأ من القاعدة، تبدأ من الرأس بتقديم القدوة الصالحة وبتحقيق العدالة السياسية والاجتماعية، وتبدا من القاعدة بالتعليم واحترام القانون، وهذا قد يستغرق اجيال ، ولكن لا بد ان نبدأ لأنك اذا لم تبدأ بالصعود الى القمة فحتما سنجد نفسك في القاع ودائماً تنعي حظك وتتذكر اجدادك الذين كانوا يوما ما في القمة!!

نقلا عن إيلاف
 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع