نعيم يوسف
خلال عدة شهور، هي فترة حكم السيسي، وضعت على طاولة الرئاسة 4 خيارات عسكرية، تصرف السيسي بطريقة مختلفة مع كل حالة حسب ظروفها.. ولكن أختياراته الأربعة أثبتت ليس قدرته العسكرية فحسب، بل حنكته السياسية أيضا، فالحرب في النهاية صناعة، ودائما من يجيد صناعتها هو الرابح.

ورث السيسي عن سابقيه ملف أزمة سد النهضة الإثيوبي، وسط أجواء سياسية متوترة بين البلدين،  وتهديدات عسكرية بين الطرفين، خاصة في الفترة السابقة لحكمه، الأمر الذي أدى إلى فشل التفاوض مرارا وتكرارا، إلا أنه استبعد الخيار العسكري ونجحت سياساته الخارجية في الوصول إلى مبادئ للاتفاق بين الطرفين، قد تلغي فكرة الحرب نهائيا -حال إكتمال الإتفاق- أو على الأقل تؤجلها حتى تستفيق مصر من ملفاتها العاجلة.

تولى السيسي الحكم في الفترة التي كانت تسعى الولايات المتحدة لحشد حلفائها لحرب وهمية على تنظيم "داعش" الإرهابي، فكان قراره بتقديم "الدعم اللوجيستي"  لقوات التحالف فقط دون قوات عسكرية لعدم إنهاك الجيش في حروبل لا طائل منها.

على العكس من ذلك كان قراره سريعا وحاسما بعد مقتل حوالي 21 مصريا على أيدي التنظيمات الإرهابية في ليبيا، وما هي إلا ساعات ووجهت القوات المسلحة ضربة جوية محددة للحفاظ على هيبة الدولة ومصالحها، خاصة قبيل المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ وكان لابد للقاهرة أن تثبت قدرتها على حماية أمنها ومصالحها في منطقة تعج بالاضطرابات.

حسابات المصالح تكررت مرة أخرى في الأزمة اليمنية، فعلى الرغم من سرعة تحرك القوات المسلحة المصرية لدعم الخليج تنفيذا لمقولة "مسافة السكة" إلا أن الترويج الدعائي للحرب في الداخل يختلف عن باقي الدول، حيث تبرر القاهرة دخولها هذه الحرب بأنها إنطلاقا لمسؤوليتها في الحفاظ على أمن الخليج والمنطقة وبالتالي الأمن القومي المصري، بالإضافة للحفاظ على أمان مرور السفن في البحر الأحمر عبر قناة السويس، ولكنها لم تروج إطلاقا لفكرة الحرب بين "السنة والشيعة" كما يفعل الآخرون. فهي لا تريد تكرار التجربة الإخوانية مع الأزمة السورية والتي نتج عنها مذبحة الشيعة في الجيزة، ولكنها تروج ﻵن هذه الحرب تحجيما للدور "الإيراني" وليس "الشيعي"... وهي معالجة حكيمة نتمنى استمرارها.