عبدالناصر رسخ زعامته في القارة السمراء.. والسادات سعى لصداقة أمريكا
مبارك أهمل ملفاتها والتزم بحدود دولته.. ومرسي سلك مبدأ "الفوضى" الدبلوماسية
السيسي طلب صداقتهم من جديد
كبت – نعيم يوسف
تعرف الهيئة العامة للاستعلامات سياسة مصر الخارجية تجاه إفريقيا، بأن مصر "كانت وستظل عنصر ربط بين العروبة والأفريقية،عنصر امتداد أفريقي في العالم العربي، وعمق عربي في أفريقيا"، وعلى الرغم من ذلك فإن العلاقات المصرية بالقارة السمراء، تراوحت ما بين زعامة عبدالناصر، وتجاهل السادات، وإهمال مبارك، والسعي للتصادم مع الإخوان، والسعي للصداقة في عصر السيسي.
الطموح الناصري
طموح عبدالناصر، وكاريزمته في البحث عن الزعامة وجد ضالته في القارة السمراء، فساند كل حركات التحرر الإفريقية بالإضافة إلى دفاعه في كل المحافل الدولية ضد سياسات التمييز والعنصرية في جنوب إفريقيا، كما فضح المخططات الإسرائيلية والأمريكية في بعض البلدان الإفريقية، إلا أنه كانت له خطوات عملية ملموسة ربطته بإفريقيا، وربطت القاهرة السمراء به، وجعل الدول الإفريقية تعلن مقاطعة إسرائيل بعد عدوان عام 1967 على مصر.
مساعدة البلدان الإفريقية
ساعد عبدالناصر جميع البلدان الإفريقية في التخلص من الاستعمار، والحصول على الاستقلال، وساعد الذين تولوا حكم البلاد بعد التخلص من المستعمر، كما أنشأ مكتب خاص في رئاسة الجمهورية للشؤون الإفريقية، ولمتابعة حركات التحرر، بالإضافة إلى تأسيس شركة النصر للتصدير والاستيراد، وحققت الوجود الاستراتيجي الناجح والناجح جدا لمصر في غرب ووسط وشرق إفريقيا، وقد ساندت هذه الشركة جميع أجهزة الدولة المصرية وبصفة خاصة الدبلوماسية المصرية والتمثيل التجاري المصري.
تجاهل السادات للقارة السمراء
إيمان الرئيس محمد أنور السادات، بقدرات الولايات المتحدة لم يكن يدفعه فقط للخلاف مع روسيا، وقطع العلاقات معها، بل أيضا إلى تجاهل القارة السمراء، التي استمد منها عبد الناصر دوره الإقليمي والدولي، وقال السادات في أحد أشهر تصريحاته إن "أي حل لأي مشكلة فإن الولايات المتحدة الأمريكية تملك 99.5% منه"، وحاول قدر استطاعته كسب صداقة الولايات المتحدة التي بسببها تجاهل إفريقيا وخسرها، لدرجة أن الرئيس السوداني عمر البشير قال في تصريحات له مؤخرا: "إن أديس أبابا الآن عاصمة إفريقيا ولديها مقرا للاتحاد الإفريقي، وأن مصر كانت عاصمة إفريقيا الفعلية"، مضيفا، "، أن "مصر غابت عن إفريقيا فترة كبيرة خاصة بعد اتفاقية كامب ديفيد".
محاولة اغتيال وإهمال
اختار الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، سياسة أخرى، لم تختلف في نتائجها كثيرا عن سياسات السادات، حيث التزم بحدود بلاده، ولم يتدخل في مشاكل الدول الإفريقية، أو حتى محاولة حلها، وهو ما وصفه دبلوماسيون وسياسيون بأنه "سياسة هادئة"، ولكنها منحت الفرصة في نفس الوقت للابتعاد عن القارة السمراء، خاصة بعد محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها في إثيوبيا عام 1995 وهي الزيارة التي كانت الأخيرة له لإثيوبيا، وكرست بالأكثر لسياسة إهمال الإفريقي والالتزام أكثر بصداقة الولايات المتحدة، ما نتج عنه ابتعاد بين الطرفين وصل لحد التصادم فيما بعد.
سياسة تصادمية
عقب الإطاحة بنظام مبارك من خلال ثورة يناير، عام 2011 تمكنت جماعة الإخوان من الحكم في مصر، وسادت في البلاد حالة من الفوضى والعشوائية وصلت إلى السياسات الخارجية لمصر، فقام الرئيس محمد مرسي في 3 يونيو عام 2013 ببث اجتماع على الهواء مع القوى السياسية لمناقشة أزمة سد النهضة، حيث اقترحوا طرق لتدمير السد، بما في ذلك دعم المتمردين المناهضين للحكومة، الأمر الذي تسبب في صدع بين الجانبين، كما قال مرسي إن "كل الخيارات مفتوحة لأن الأمن المائي في مصر لا يمكن أن تنتهك على الإطلاق".
سياسة صداقة
وصل الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الحكم وهو محمل بأثقال الملفات الإفريقية واهتم في خطاباته بالبعد عن فكرة الدخول في صراع عسكري حول أزمة سد النهضة مؤكدا على ضرورة التفاهم وتحقيق المصالح المشتركة، من خلال الصداقة مع الدول الإفريقية وأهتم في خطاباته ولقاءاته بأهمية البعد الأفريقي في السياسة الخارجية المصرية وأهمية الاتجاه نحو الجنوب، ثم حضوره للقمة الأفريقية في غينيا بيساو، وسعى إلى الشراكة ودعم التنمية في إثيوبيا، الأمر الذي اعتبره البعض مؤشرا لعودة القاهرة إلى القارة السمراء مجددا.