بقلم: مينا ملاك عازر
اتصل بي صديقي بعد قراءته مقال صندوق الأجيال القادمة، المنشور يوم الأحد الماضي، وقال لي: ما هي حكاية الصندوق؟ فقلت له الصندوق ده حاتحط فيه الحكومة تحويشة العمر للأجيال القادمة، فقال: إزاي يعني؟ فقلت له عارف الصندوق الأسود إللي بيهتموا بإخراجه فور سقوط الطائرات، فقال لي: نعم بيطلعوه عشان يعرفوا من تسجيلاته ما السبب في سقوط الطائرة، فقلت له بالظبط الأجيال القادمة حايطلعوا الصندوق ده عشان يعرفوا مين إللي خرب "مصر".
ثم سألت صديقي: هل ترى علاقة بين صندوق الأجيال القادمة وصندوق الإنتخابات؟ فقال: كلاهما تملأه الحكومة. قلت: نعم، كذلك كلاهما يصبان ضد مصلحة الشعب، وكلاهما تحميه الشرطة، ولن يفيد الأجيال القادمة، وصمت، وصمت صديقي، ولسان حالنا يقول: سرقوا الصندوق يا "محمد" لكن مفتاحه معايا.
فقال لي: هل تابعت تعليقات "الشريف"، في الهيئة العليا للحزب الوطني التي يرأسها، على انتخابات الشورى؟ فقلت له: ماذا قال؟ فصمت صديقي، وقال لي: لقد قال الشريف إن انتخابات الشورى أثبتت ثقة الشعب المصري بالحزب الوطني، فقد نجح معظم مرشحيه!.فقلت له أكيد، وإن كنت أريد تعديل بسيط على العبارة العظيمة دي، ويتمثل التعديل في أن انتخابات الشورى السابقة، تعكس ثقة الشرطة في الحزب الوطني، فقد أنجحت معظم مرشحيه. كما تعكس طاعة الشرطة للحزب الوطني، ثم صمتُ حزنًا وكمدًا، متذكرًا مصائب الشرطة في انتخابات الحزب الوطني، نعم انتخابات الحزب الوطني، فما جرى أكيد لا يعد انتخابات لمجلس الشورى، وإنما هي انتخابات للحزب الوطني، فمن رُشحوا وطني، ومن نجحوا وطني، وحتى من نجحوا من غير الحزب الوطني هم حزب وطني بس متنكرين.
فسألني صديقي عن سر سكوتي، وفي لحظتها تذكرت تصريحات معالي الوزير "أحمد زكي بدر"- وزير التربية والتعليم- في مجلس الشعب أمام لجنة التعليم التي قال فيها: إنه لن يعتبر الإمتحانات صعبة، إلا إذا أتوا بصور مائتي ألف طالب يبكون من إجمالي (470) ألف طالب تقدموا للإمتحان، فقلت لصديقي: أنا لن أصدق أن الحزب الوطني يحوز على ثقة الشعب المصري كما قال "الشريف"، الإ إذا ما نفذ قاعدة وزيره "بدر".
فقال: كيف؟ فقلت له الكلام إللي قاله "بدر"، وأتبعته بقولي: إذًا على الحزب الذي وضع تلك القاعدة أن يأتي بأربعين مليون يهتفون بحياة الحزب الوطني من أصل ثمانين مليون، فقهقه صديقي حتى استلقى على الأرض وقال لي: إذا طبقنا هذه القاعدة المؤلمة والمستحيلة – لأنه يستحيل جمع أكثر من أربعين نفرًا من غير أعضاء الحزب المنتفعين به يؤيدونه- فعلينا أن نطبق باقي قواعد الوزير "بدر"، فقلت له: كيف؟ فقال إن "بدر" قال: إن الجرائد تعلن عن صور الباكين، طب فين صور اللي بيزغردوا؟ فعاجلته بقولي: أتقصد أن على الجرائد الحكومية –القومية- أن تظهر صور الإنتخابات الحقيقية من تزوير وما إلى ذلك؟ فقال: نعم، فضحكنا ثم قلت له هذا هو المستحيل بعينه.
المختصر المفيد، في بعض الأحيان يكون ضعف السمع نعمة كبيرة من الله |