أعرف للأخ العزيز الفريق ضاحي خلفان تميم المهيري، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، صدق مشاعره والتزامه القومي والعربي الصادق تجاه اليمن خاصة وتجاه الأمة العربية عامة. ونحفظ له صادق المشاعر الأخوية والمواقف القوية والشجاعة في سائر القضايا والمراحل التي مرت وتمر بها بلادنا العزيزة اليمن وسائر أقطار أمتنا العربية. وهو عندنا موفور التقدير ومسموع الكلمة والنصيحة الأخوية المقدرة.
وأعرف شخصيا أن سعادة الفريق ضاحي خلفان لا يقول عن نكاية ولا ينطلق من وشاية أو أغراض تخرج عن مقاصد الحرص والود، ولهذا أحرص هنا أن أنزل كلامه الموجز والقصير الذي اطلعت عليه مؤخرا في حسابه بموقع التواصل "تويتر" وجاء فيه على ذكري شخصيا بالاسم على سبيل الإشارة، وإني هنا لأتوسع قليلا في العبارة من باب الاحتفاء والاهتمام بشخص ومرتبة صاحب الرسالة قبل الرسالة وبعدها.
لقد أسلفنا وأعدنا مراراً وتكراراً القول والتفصيل في هذا الخصوص، سواء أكان هذا منا عن طريق الكتابة أو المقابلات الإعلامية والصحفية أو في الفعاليات والملتقيات العامةوالتنظيمية وهو من الكثرة بمكان ولم نغب عن توضيح مواقفنا كاملة وعند سائر المقتضيات، سيما ما يتعلق منها وبها بأمور وشئون وقضايا اليمن أرضا وإنسانا ودولة ورسالة حضارية عروبية وقومية وإسلامية وإنسانية. وإنه وإن كان قد أوجز الفريق خلفان بالإشارة إلى ما أسماه "نفض اليد" فنحن أحق وأولى ايها العزيز خلفان بالقول بأن التاريخ أمانة وأنه لا يرحم والتاريخ سوف يشهد للرجال وللقادة وللمسئولين كافة بما لهم وبما عليهم. ونوافقك الرأي في هذا.
كما يجدر بي وبك وبجميع المنصفين والموضوعيين والبعيدين عن دوافع الإغراض والإعراض ونوازع الجدل واللِجاج، أن نتحرى دقائق الأشياء والمعلومات والمقدمات التي ينبني عليها حكم أو يقوم على أساسها استنتاج يطال التقييم أو القيم النهائية التي آمنا ونؤمن بها والتزمناها منهجا وثقافة وسلوكا مارسناه وكرسناه عبر تجربتنا وسيرتنا الممتدة أكثر من ثلاثة عقود ونيف في السلطة وخارجها؛ بالانتصار المبدئي دونما تردد أو تلعثم لقضايا أمتنا العربية وقومنا وقوميتنا العروبية التي لا نعدل بها سواها ولا نداهن أو نهادن في قضية جوهرية ومبدئية كهذه.
وليس الفريق ضاحي خلفان تميم هو من يحتاج إلى تنبيه أو تذكير بما التزمنا من مبادئ وكرسنا من توجهات مزكية لهذا القول بالعمل والممارسة لزاما ودواما. كما ظني به أيضا.. وهو الذي عهدنا وشهدنا منه صدق الرواية وشجاعة الطرح والشهادة والإنصاف معنا شخصيا ومع اليمن واليمنيين كلما كتب وأدلى ونصح وناقش.. أنه لا يفوته ما قدمنا دواما وأسلفنا في الحديث المكرور عن جوهر وطبيعة وخلفيات الأزمة التي تمر بها اليمن والصراع الذي تفجر خصوصا منذ اندلاع أزمة 2011 وفجرته جماعات جمعها الطارئ لا الثابت فاجتمعت على تقويض البنيان والنظام والاستقرار واستبدلته بما تراه ونراه ونعيشه ونشهده من تجليات الفوضى والفلتان واللا استقرار وضياع مكتسبات الأمن والتنمية معا.. كونها وكما تعرف وأقرب من تعرف هذا؛ قدمت الذاتي على الموضوعي والشخصي على الوطني وارتهنت إرادتها وذاتها ومشاريعها لمشاريع وأجندات خارجية لا يمكنها أبدا أن تفلح أو تنجح في اليمن أو في سائر البلدان العربية. وكنا كما لا نزال نرفض الوصاية والارتهان والأجندة الخارجية أيا كانت وبأية شعارات أو منطلقات أو أردية تسربلت وتغطت وتلفعت. وفي هذا السبيل كان صوتنا الأعلى وما نزال كذلك حتى اليوم إلى نفض اليد والمسئولية عن كل ما سوى اليمن ووحدته وأمنه وسيادته وكفى بها غاية والتزاما وطنيا وقوميا.
اليمن لدينا أعظم وأقدس من كل المشاريع والحسابات والأجندات والغايات والتكتلات والتحالفات والمحاور شرقا أوغربا. وحاشا نقبل اليوم ما لم نقبل به أو نتقبله طوال أربعين سنة؛ من كل ما يمس وطنيتنا ويمنيتنا التي نفخر ونفاخر بها ونوالي من والاها ونعادي من عاداها.
لكن الذين فعلوا العكس من هذا وذاك، هم الذين دأبوا على التذرع بالشعارات والمزاعم وإلصاقها بنا نكاية ومن باب الكيد السياسي أو الهرب من تحمل مسئولياتهم تجاه ممارساتهم وجناياتهم بحق بلادهم ووطنهم وشعبهم.
فالذين تشاركوا معا وجميعا في إذكاء وتسعير أزمة 2011 لتقويض الدولة والنظام والمؤسسات .. شركاء الخيمة والساحة والهدف والغاية والوسيلة، اختلفوا لاحقا في منتصف الطريق فيما بينهم كجبهة واحدة نحن هدفها وخصمها المستهدف .. جعتهم العداوة لنا وفرقتهم المصالح واقتسامها كما كنا ننبه ونحذر دائما؛ ولكن وكما يقول العربي الأول "لم يستبينوا النصح إلا ضحى الغدِ" كما ترى وكما نشهد ونعايش.
فإذا اجتمعوا علينا، قيل إنهم جمعتهم غاية محقة، وما هي بمحقة والنتائج خير شاهد.
وإذا افترقوا حول مصالح ونشب الصراع فيما بينهم على تقاسم ميراث دولة بعد أن تركناها لهم كاملة باردة سالمة ومعافاة، قيل إننا - ونحن ضحاياهم أولا - فعلنا وفعلنا وينسى الناس أو يتناسون فضيلة الإنصاف ووقعوا في الإجحاف.
ونحن نرفض أن نكون غيرنا أو غير ما كنا عليه دائما؛ نغلب مصلحة شعبنا ووطننا وأمنه ووحدته وسيادته، وندعو الجميع إلى كلمة سواء ومصالحة سقفها اليمن، وننبذ الصراع كما نرفض ونأبى أن نتحول أو يتحول قومنا الأعزاء إلى بنادق للإيجار يقتتلون ويقتل بعضهم بعضا لحساب أطراف ومراكز ومحاور خارجية.. فذلكم هو الخسران والخذلان.
والله وحده المستعان وعليه التكلان.
والتحية والود آخرا كما هي أولا للأخ العزيز الفريق ضاحي خلفان تميم.
علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية اليمنية السابق
رئيس المؤتمر الشعبي العام