الأقباط متحدون - لو كنت مكان السيسى فى شرم الشيخ
أخر تحديث ٠٢:١٣ | الخميس ١٢ مارس ٢٠١٥ | ٣برمهات ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٩٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

لو كنت مكان السيسى فى شرم الشيخ

عبداللطيف المناوى
عبداللطيف المناوى

صحيح أن الرئيس السيسى وجّه خطابه إلى العالم عدة مرات، لكن تظل كلمته التى سوف يلقيها فى شرم الشيخ ذات طابع خاص، لذلك ينتظرها العالم ليسمع من الرجل وهو يواجه ويوجه كلمته وكلمة شعبه إلى ممثلى دول العالم، منها الصديق ومنها المتحفز، وإلى مستثمرين منهم من حقق المكاسب فى مصر فيما مضى ويريد أن يستمر، ومنهم من ينتظر ليحقق هو الآخر نجاحاً ينعكس على حسابات نجاحه وأرباحه. هذه الأجواء تعطى لكلمة السيسى أبعاداً جديدة، واستقبالها سيكون مختلفاً. لذلك أعتقد أنه من الضرورى أن تتضمن هذه الكلمة تحديد مواقف من قضايا معينة حتى لو بدا فيها تكرار، وذلك بهدف تحقيق الهدف المرجو باستعادة ثقة العالم فى الأداء المصرى سياسياً واقتصادياً.

لو كنت مكان السيسى فى شرم الشيخ لاستخدمت تعبير «حلم الدولة المصرية الحديثة»، باعتباره الأمل الذى يراود كل مصرى عانى خلال السنوات الأخيرة وشارك فى العمل وتحمل الأوضاع بهدف تحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية والكرامة وبناء الدولة على أسس ديمقراطية حديثة تحقق احترام سيادة القانون والاستقرار والتقدم الاقتصادى الذى يأمل فيه جميع المصريين.

لو كنت مكانه لقلت إنه لا شك أن إعادة بناء الاقتصاد المصرى، خلال السنوات القليلة المقبلة، والنهوض بالدولة المصرية، يحتمان على جميع المصريين وأشقائهم وأصدقائهم من خلفهم مواجهة جميع التحديات بكل جهد وإخلاص وأمانة، كما يحتم تأسيس علاقات دولية متوازنة، خاصة مع الأصدقاء القدامى كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا وغيرها من الدول التى تتمتع بثقل سياسى واقتصادى على الصعيد العالمى.

الانتخابات الرئاسية التى شهدتها مصر وأتت برئيس إجماع هى بوابة العبور إلى الأمل وبناء الدولة الحديثة.. أتت هذه الانتخابات فى فترة عصيبة من تاريخ مصر بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات من الاضطرابات السياسية والأمنية، إلا أن الشعب المصرى أثبت أنه أصبح صاحب القرار، ولن يقبل أى تدخل أجنبى فى مسيرته وأحلامه الوطنية.

الدولة المصرية الحديثة ينبغى أن تكون دولة القانون، تطبيق الدستور وبناء الديمقراطية وتحقيق العدالة وحماية حرية الفكر والتعبير واحترام سيادة القانون هى الأسس التى تحفظ لها مكانتها وقوتها.

أما فيما يتعلق بالقضايا المنظورة حالياً أمام الدوائر القضائية، والتى تسبب بعضها فى إثارة جدل كبير لدى مختلف الدوائر السياسية والحقوقية ومنظمات المجتمع المدنى حول العالم، فعلى الرئيس أن يوضح فى هذا الإطار أننا فى هذه المرحلة الراهنة لا يمتلك أحد سلطة التدخل فى أعمال القضاء، وذلك اتساقاً مع المبادئ الأساسية والأفكار التى نعمل على تأصيلها، يتمثل جوهرها فى عدم التدخل فى شؤون السلطة القضائية بصفتها سلطة مستقلة طبقاً للدستور، ومن يعتقد خلاف ذلك فمن المؤكد أنه لا يدرك بشكل حقيقى الأوضاع فى مصر، كما أن دعم السلطة القضائية واحترام سيادة القانون يمثلان إحدى أهم أولوياتنا فى الفترة المقبلة، وذلك لنتمكن من تأسيس دولة القانون، لأنه لا وجود لديمقراطية فى غياب دولة القانون.

مصر الجديدة هى الدولة التى ينبغى أن تتمتع بالأمن والأمان، حيث يشعر السائح بالطمأنينة.. حيث يقبل المستثمر على الدخول فى السوق المصرية بأمان بما يعود فى النهاية بالخير على المصريين جميعاً، ولا شك أن هذا المناخ الجديد سيغير نظرة العالم إلى مصر باعتبارها دولة ديمقراطية مستقرة متطورة تتمتع بالأمن والأمان.

لو كنت مكان السيسى لأكدت أن مصر الجديدة تؤمن بالحقوق والمسؤوليات التى يمنحها الدستور للشعب المصرى والنخبة السياسية. مصر الجديدة التى لا تكون فيها المؤسسة العسكرية هى فقط الضامن الوحيد للاستقرار الوطنى والحصن الوحيد ضد التطرف، الذى انتشر بشكل محزن وغريب على مجتمعنا الذى تميز طوال التاريخ بالاعتدال والتمسك بالقيم والأخلاق، وأيضاً انتشر فى مختلف أرجاء العالم. لذلك نعمل على ألا يكون فى مصر مكان لأى أيديولوجيا متطرفة أو لأى تنظيم يسعى للإضرار بأمن مصر واستقرارها، فشعب مصر العظيم حكم بالفشل على الإسلام السياسى الذى قدمته جماعات المصالح الخاصة التى صعدت للسلطة باسم الدين ولم تحترم مصالح الوطن أو سيادة القانون أو حتى الشعب المصرى.

لو كنت مكان السيسى لأكدت أن مصر حققت تقدماً كبيراً فى صياغة دستور والبدء فى بناء ديمقراطية فاعلة، لكننا نواجه تحديات اقتصادية هائلة، فبالرغم من أن مصر غنية بالموارد البشرية والكفاءات فى مختلف المجالات، فإن الكثير من المصريين يعانون الفقر والبطالة وسوء الحالة الصحية وأزمة السكن، التى تعد جميعها تركة ثقيلة خلفها فشل الأنظمة السابقة، فضلاً عن بنية تحتية متداعية أثرت بدورها على عمليات التنمية الاقتصادية والنهوض بالمجتمع. نحن ندرك فى مصر صعوبة الواقع الذى نعيشه، لكننا نواجهه بشجاعة. أدركنا أن مصر تحتاج إلى خطة للإنعاش الاقتصادى على المدى الطويل بشكل يضعنا على طريق النمو الاقتصادى المستدام والتنمية الاجتماعية، وهذا ما عملنا عليه طوال الأشهر الماضية.. نحن نحتاج إلى التكاتف جميعاً لإعادة بناء الدولة والنهوض بها كى تصبح فى مصاف الدول المتقدمة. هذه الخطة لإنعاش اقتصادى تتناول بالتوازى جميع الملفات من فقر وبطالة وأمن وصولاً إلى إنعاش قطاع السياحة وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتنويع الاقتصاد وتعظيم الاستفادة من الطاقة النظيفة وتحديث البنية التحتية. ولكن لتحقيق هذه الخطة لجأنا إلى اتخاذ بعض الخيارات السياسية الصعبة وإجراء إصلاحات داخلية ضرورية تفهمها أهلنا فى مصر ودعموا قيادتهم لإدراكهم أهمية هذه الإجراءات، كما سنحتاج الوقت والصبر حتى يشعر المواطن بتحسن ملموس فى مختلف القطاعات.

لو كنت مكانه لقلت فى النهاية إننى سأسعى إلى جانب تحقيق الأمن والاستقرار والأمل لبلادنا، لاستعادة تحالفاتنا السابقة وتعزيز علاقاتنا الدولية وخلق مناخ يمكننا من استعادة ثقة المستثمرين فى مصر مرة أخرى.
نقلا عن المصري اليوم


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع