يا دين النبى على هذا الارتباك فى المشهد السياسى.. ودولة عظمى بحجم مصر لا تستطيع صياغة قانون متزن لانتخاب نوابها.. وأقطع ذراعى، والحال كذلك، أن التيار الدينى سوف يكتسح انتخابات البرلمان.. التيار الدينى موحد رغم الخلافات الداخلية.. والنور ابن عم الإخوان.. وسوف يخوض الانتخابات تحت شعار انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً.. سوف يساند أفراده بعضهم بعضاً.. والفضل للتمويل والفلوس وارد بلاد بره.. والعسل الذى تنام فيه أحزابنا المدنية..!

الفوز المتوقع للتيار الدينى المتوحد لا يعنى أنهم متفوقون بالشارع.. بقدر ما يعنى أنه هزيمة للنخبة المدنية التى هجرت الشارع السياسى واستقرت بالفضائيات تزعم أنها تتكلم باسم الناخب.. نخبة متشرذمة يحارب بعضها بعضاً.. وانظر إلى عدد التحالفات والأحزاب الجديدة التى تخوض الانتخابات تحت شعار أنا ومن بعدى الطوفان.. هى فى حقيقة الأمر خارج حسابات الشارع تماماً.. هى نخبة عاجزة عن التعامل والتفاعل مع المواطن البسيط.. نخبة تسعى لأضواء المدينة.. فى حين أن التيار الدينى فى القرى والنجوع بالذات تخصص فى التعامل مع الناس العاديين.. فاجتذبوهم إلى صفوفهم بالتعامل المباشر والبساطة والكلام بلغة الناس.. والقوافل الطبية تطوف القرى.. ولا تنسى أنهم يغازلون رؤوس العائلات الكبيرة فى الصعيد وبحرى.. يعرضون التحالف والمساندة.. والخيبة أنها أساليب برعت الأحزاب فى تطبيقها فى مصر زمان.. قبل أن يخترعوا الفضائيات التى تجتذب النخبة وتبعدها عن الناس العاديين.

بعض النخبة استفادت من المناخ السياسى المرتبك.. استفادت خصوصاً فى جمع ثروات طائلة.. وعندى عشرات الحكايات والأمثلة.. وحتى السكرتارية والموظفون بتوع العلاقات العامة فى الأحزاب والتحالفات فتح الله عليهم من وسع فاقتنوا السيارات والشقق بالزمالك.. وافتتحوا الكافيهات آخر موضة.. لزوم الكلام فى النضال الذى يدر عليهم الملايين.

ودلنى على تيار واحد يحظى بالأغلبية والاحترام بين الأحزاب والتحالفات التى تتاجر باسم مصر.. فتضعه على يافطة الحزب.. دلنى على زعيم سياسى تلتف حوله الجماهير.. وحملات تكسير العظام على أشدها.. وقنوات رجال الأعمال الفضائية تخدم من حيث لا تدرى.. وربما أنها تدرى.. تخدم التيار الدينى..!

والله العظيم إننا فى حاجة لضبط الصواميل فى جهاز الحكم.. والعشوائية تحكم القرار غالباً.. ومن هو يا ترى المسؤول السياسى الذى أفتى بالأمس فقط، بتجاهل حدوتة المجرم الإخوانى الذى نفذ فيه الحكم بالإعدام؟!.. تاركاً الساحة للإخوان وحدهم ليصوروه للعالم شهيداً للرأى وحرية الاعتقاد.. لتخرج علينا النيويورك تايمز تزف للعالم بداية تنفيذ أحكام الإعدام فى قيادات الإخوان الأسيرة..!

وأين المسؤول السياسى الذى يأمر بعمل فيلم تسجيلى يوثق جريمة المتهم وإلقاءه الأطفال من أعلى العمارات؟!.. فيلم تسجيلى معتبر نرد فيه على أنصار الجماعة فى الداخل والخارج.. يرددون كلاماً غريباً حول الإعدام ويصورون المجرم على اعتبار أنه مجنى عليه.. دفع حياته ثمناً للانتماء لجماعة الإخوان..!

وأين المسؤول السياسى الواعى الذى يأمر بتفعيل هيئة الاستعلامات لتقوم بدورها من جديد؟!.. أيام كان اسمها مصلحة الاستعلامات.. تضم الكوادر الواعية والمدربة.. التى تعرف ألف باء الإعلام.. تزود الغرب بوجهة نظر الدولة فى القضايا المختلفة.. يعمل بها محترفون على مستوى عال من الوعى السياسى.. بدلاً من هؤلاء الذين يعملون بالوساطة.. والذين هم من أبناء فلان وعلان كما يحدث الآن.. وهمهم وهدفهم هو جمع الأموال بالأخضر الأمريكانى.. لزوم مواجهة المستقبل فى قادم الأيام.

وعليك بالاعتراف بأن جماعة الإخوان تفوقت على الدولة المصرية فى شغل الدعاية الخارجية.. هى تخاطب العالم الخارجى وتصور نفسها مضطهدة مظلومة.. والإعلام الخارجى فى حاجة لكى يستمع لوجهة النظر الأخرى الغائبة عن الساحة والغائبة عن الوعى فى نفس الوقت.

أخشى والله أن هذا الارتباك الشامل فى السياسات سوف يصب فى صالح جماعة الإخوان والتيار الدينى المتربص بك والانتخابات تدق الأبواب بشدة!

أنا شخصياً سوف ألطع زبيبة على جبهتى استعداداً للمواجهة القادمة.. المواجهة التى فشلنا فى التعامل معها رغم أن الناس كلها تقف معنا.. لكننا وبفضل النخبة والارتباك والخيبة الثقيلة فشلنا تماماً.. الزبيبة هى الحل يا سادة..!!
نقلا عن المصرى اليوم