الأقباط متحدون - الدولة العربية ومآل التجربة اليابانية
أخر تحديث ٠٤:٠٣ | الاثنين ٩ مارس ٢٠١٥ | ٣٠أمشير ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٩٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الدولة العربية ومآل التجربة اليابانية

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
بقلم   إميل أمين
يعن لنا والعالم العربى يمر بعنق زجاجة تاريخى، وبعد أربع سنوات من ثورات وفورات، أن نتساءل هل لاتزال الحيرة تخيم على سماواتنا العقلية، بسبب عدم مقدرتنا على تحديد هويتنا؟
 
الجواب يقودنا ولاشك إلى السجال غير المحسوم حتى الساعة حول المفاضلة بين التحديث والتغريب، أو بين التراث والمعاصرة، وأى النموذجين هو الأنفع والأرفع للعرب فى حاضرات أيامهم.
 
يؤكد صموئيل هنتنجتون، المفكر الأمريكى ذائع الصيت، وصاحب «فتنة» صراع الحضارات والثقافات أن التحديث هو التقدم العلمى والتكنولوجى، وهو ما يسمى بالحداثة أو التطور.
 
أما التغريب لديه، فهو مصطلح يعنى ميل المجتمعات للغرب، والمقصود هنا بالغرب الإطار الجغرافى المتمثل فى أمريكا ودول غرب أوروبا.. هل سارت العرب وراء هنتنجتون؟
 
يبدو أنه رسخ فى الذهنية العربية أن التحديث هو صنو للتغريب، ما يعنى أن الـ Modernization هى الـ Westernization بدرجة متماثلة أو متطابقة.
 
غير أن تجربة حداثية غير عربية يمكن أن تقدم لنا قبسا من النور يضىء ظلمة هذا الصراع العبثى العربى.
 
قطعا أنصع مثال هو اليابان ونهضتها الحديثة، ولا نقصد النهضة الثانية والحديثة التى عرفتها بعد الحرب العالمية الثانية، بل عن النهضة الأولى التى عاشها اليابانيون فى عصر الإمبراطور الـ «ميجى» بدءا من العام ١٨٦٨م.
 
ما حصل فى ذلك العصر كان مرتبطا بأخلاقيات الإنسان اليابانى، الذى أدرك حقيقة الأمور، وعرف بتفوق الغرب قبل أن تصل سفنه قبالة الشواطئ اليابانية، وأيقن أنه عاجز عن مواجهته بالإمكانيات التى يملكها، غير أنه فعل أمرين، مثلا عماد النهضة اليابانية الحقيقية:
 
الأول أنه انضوى جميعا تحت حماية الإمبراطور سليل الآلهة دون أن ينبهر بحضارة الغرب القوى ولا بعظمة قوته، وكانت وحدته السلاح الذى جرده فى وجه مؤامرات الآخر.
 
والأمر الثانى استطاعت اليابان من خلاله أن تختصر الوقت والمجهود الذى بذله غيرها من الأمم فأرسلت البعثات إلى الشرق والغرب، إلى العرب وإلى الأوروبيين.
 
وعليه فقد أدركت اليابان ما يمكن أن نسميه «سر الخلطة العجيبة» والتى تتصل بالتنمية الحقيقية، البعيدة عن الصراعات اللفظية كالتغريب والتحديث، فى مجتمعات تعانى من ارتفاع نسبة الأمية، وتفشى الأمراض، وانتشار العصبيات.
 
ليس أمام العرب إلا خياران، الاستجابة الذاتية الخلاقة، انطلاقا من أن طرح القضايا الجوهرية والمصيرية يبدأ من الذات، أو ستتولى القوى الخارجية الممسكة بزمام التحديث والحداثة المهمة نيابة عنهم، وهنا الكارثة وليس الحادثة.
 
emileamen@gmail.com
 
  نقلا عن المصرى اليوم

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter