( قصة رمزية طريفة )
للأديب والشاعر فايز البهجورى
( تقديم : كتبت هذه القصة فى عام 1988 لتكون درسا تحذيريا لمن يمكن أن ينخدعوا " بالنصائح الماكرة " للآخرين ، وهم " يدسّون لهم السم فى العسل" .
وقد نشرت فى عدة صحف ومنها صحيفة " الحرية " عدد مايو 2003 ، وكان يصدرها فى نيو جيرسى نادر جرجس قبل أن يتوقف صدورها .
لم أكن أتصوّر أن يكون أحوج الناس الى استيعابها - بعد أكثر من ربع قرن على كتابتها ونشرها - هم " الأقباط الذين يفكرون فى أن يرشحوا أنفسهم للانتخابات البرلمانية على قوائم السلفييين وحزب النور" .
وليتهم يعيدون قراءة تصريحات قياداتهم ودعاتهم عن " الأقباط الكفرة " والأقباط الأنجاس " وما شابه ذلك.
والي هؤلاء أهدى هذه القصة .
االسمكة الماكــرة
سمكة ماكرة برتقالية اللون شعرت بالجوع .
بدأت تسبح هنا وهناك تبحث عن طعام .
رأت سمكة صغيرة سمينة فاقتربت منها .
ابتسمت السمكة البرتقالية الماكرة فى وجه السمكة الصغيرة وقالت لها :
عزيزتى السمكة الصغيرة .
خذى بالك من نفسك .
أنت قليلة الخبرة فى هذا البحر الواسع المتلاطم .
أنظرى إلى هذه السمكة الكبيرة المخططة . إنها تفتح فمها تريد أن تلتهمك .
وخذى حذرك من هذا الحوت الكبير.
أنظرى إلى أسنانه الحادة .
إنه يريد أن يغرسها فى لحمك الطرى .
وهل ترين هذه السمكة التى تسبح هناك ؟
لا تقتربى من زعانفها القوية .
إنها لو ضربتك بذيلها سوف تفقدين حياتك
ثم إقتربت السمكة البرتقالية الماكرة أكثر فأكثر من السمكة الصغيرة وهى تقول لها :
أنت فى سن إبنتى . ولذلك فأن من واجبى أن أقدم لك النصيحة ، حتى لا يلحق بك أذى بسبب قلة خبرتك
قالت السمكة الصغيرة للسمكة البرتقالية الكبيرة : أشكرك أيتها السمكة الطيبة على هذه النصائح العظيمة وسأعمل بها .
ردت السمكة الماكرة :
إن واجب الكبير أن يقدم النصيحة للصغير .
وواجب القوى أن يحمى الضعيف .
وأنت صغيرة وضعيفة ،
ومن واجبى أن أقدم لك النصيحة ، وأحميك من الأقوياء .
تعالى إليّ وإقتربى منّي .
إننى سوف أمنحك الحماية والرعاية والحنان . فلا تجرؤ سمكة على مهاجمتك .
إطمأنت السمكة الصغيرة للكلام الحلو الذى سمعته من السمكة الماكرة وشعرت بالراحة والسعادة
وإقتربت منها وأخذت تدور حولها وتلعب معها .
وفجأة فتحت السمكة البرتقالية الماكرة فمها وهجمت على السمكة الصغيرة وإبتلعتها .
فى هذه الأثناء كان أحد البحارة جالساً فوق ظهر قاربه الصغير يستمع إلى حديث السمكة البرتقالية الماكرة مع السمكة الصغيرة .
ورأى - من خلال الماء الشفاف - النهاية التى إنتهت إليها حياة السمكة الصغيرة نتيجة سماعها وتصديقها " نصيحة السمكة الماكرة ".
وأخذ البحار يضرب كفاً على كف وهو يقول :
مسكينة السمكة الصغيرة .
لقد أعطت ثقتها لمن لا يستحق الثقة .
وصدّقت نصيحة ماكرة غادرة .
فدفعت حياتها ثمناً لسذاجتها وسوء تقديرها للأمور
فى نفس الوقت كان يقف على سارى المركب طائر نورس .
وكان هو أيضا قد سمع الحوار الذى دار بين السمكة الماكرة والسمكة الصغيرة .
ورأى ما حدث للسمكة الصغيرة.
وسمع الكلام الذى قاله البحّار ووجه فيه اللوم للسمكة الصغيرة الساذجة .
ورفرف طائر النورس بجناحيه وهو يقول ضاحكاً :
عجبى عليك أيها الإنسان .
عجبى على من يرى الخطأ فينصح الآخرين بتجنبه ، ويقع هو فيه .
كم مرة فعلت أنت ذلك أيها الإنسان .
ووثقت فيمن لا يستحق الثقة .
وسلمت أمرك لمن ليس هو أمين عليك .
ودفعت ثمن هذه الثقة غالياً ؟
ونظر البحار إلى طائر النورس . وهزّ رأسه وهو يقول فى أسى :
لقد صدقت أيها الطائر الحكيم .
ويجب أن نتعلم أن نصيحة الماكرين هى غدر مقنّع
و العاقل من يتنبه لها ويتجنبها.
حكــمــة
نصيحة الماكرين غدر مقـنـّـع . الذكى من يتنبه لها و يتجنبها.
عن "مشروع موسوعة الألف قصة " لفايز البهجورى .
مجموعة " تعلّم كيف تعيش "