أفاد مسؤولون عراقيون بان مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية بدأوا بتدمير آثار منطقة النمرود التي تبعد مسافة نحو 30 كم جنوب مدينة الموصل في محافظة نينوى.
وقالت وزارة السياحة والآثار العراقية في بيان نشرته على موقعها الرسمي إن عناصر تنظيم الدولة استخدموا آلات ثقيلة لتجريف الموقع.
وحضت الوزراة في بيانها "مجلس الأمن الدولي إلى الإسراع بعقد جلسته الطارئة وتفعيل قرارته السابقة ذات الصلة".
وقالت منظمة الثقافة والفنون التابعة للأمم المتحدة يونسكو إن ما قام به التنظيم يرقى "لجريمة حرب."
وقالت مديرة المنظمة إيرينا بوكوفا في بيان "أدين بكل شدة تدمير موقع النمرود. لا يسعنا التزام الصمت. إن التدمير المتعمد للإرث الحضاري يعتبر جريمة حرب، وأنا أناشد كل الزعماء السياسيين والدينيين في المنطقة أن يتصدوا لهذا العمل البربري الجديد."
وقالت بوكوفا إنها تباحثت في الأمر مع رئيسي مجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية.
وقالت "إن اليونسكو مصممة على عمل كل ما هو ضروري لتوثيق وحماية إرث العراق الحضاري، وقيادة المعركة ضد الإتجار غير الشرعي بالآثار وهي تجارة تسهم بشكل مباشر في تمويل الارهاب."
13 قرنا قبل الميلاد
ويرجع تاريخ هذه المنطقة إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وتعد أحد أهم المواقع الأثرية في العراق والشرق الأوسط.
و نمرود هي التسمية المحلية بالعربية لمدينة كالخو (كالح) الآشورية "kalhu" التي بنيت على نهر دجلة على يد الملك الأشوري شلمنصر الأول (1274 ـ 1245 ) وجعلها عاصمة لحكمه خلال الامبراطوية الأشورية الوسيطة.
وعبر آثاريون عن حزنهم العميق وغضبهم البالغ ازاء تدمير موقع النمرود، إذ وصفه أليكس بلاث مسؤول منظمة اليونسكو في العراق بأنه "هجوم مروع جديد على إرث العراق الحضاري"، فيما قالت الآثارية العراقية لمياء الكيلاني لبي بي سي "إنهم يمحون تاريخنا."
وتقول "داعش" إن الآثار القديمة عبارة عن "أصنام" ينبغي ازالتها.
نقل آثار
يرجع تاريخ هذه المنطقة إلى القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مسؤول في الفرع 14 للحزب الديمقراطي الكردستاني قوله "إن عناصر التنظيم كانوا يعملون منذ ما يقارب اسبوع على تدمير آثار النمرود بواسطة الجرافات".
كما نقلت عن مسؤول عراقي يعمل في حقل الآثار قوله إن عملية التجريف بدأت بعد صلاة الظهر الخميس، مع ملاحظة وجود شاحنات في الموقع منذ اسبوع، الأمر الذي جعله يرجح قيام مسلحي التنظيم بنقل آثار من الموقع.
ويأتي هذا بعد أسبوع من عرض تنظيم الدولة الإسلامية شريط فيديو يصور أعضاءه وهم يحطمون تماثيل وتحفا أثرية في متحف مدينة الموصل الواقعة تحت سيطرته.
كما أظهر شريط الفيديو إلى جانب الهجوم على المتحف تحطيم تماثيل أثرية في موقع "بوابة نرغال" الأثري في الموصل.
وقد أثار ذلك ردود أفعال دولية غاضبة، إذ عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا أدان فيه ما وصفه "بالأعمال الارهابية البريرية" التي ارتكبها مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، وبضمنها تدمير آثار تاريخية وثقافية نفيسة.
وشددت اليونيسكو في بيان أصدرته على أن تدمير الموروث الثقافي المتعمد يعد "جريمة حرب" على وفق تشريع روما للمحكمة الجنائية الدولية.
أعلنت اليونيسكو عن تشكيل "تحالف عالمي لمكافحة التهريب غير القانوني للمواد والأعمال الثقافية".
وأضاف البيان أن إيرينا بوكوفا، المدير العام لمنظمة اليونيسكو، قد دعت المحكمة الجنائية الدولية لبدء تحقيق في هذا الصدد.
تحالف عالمي
وأعلنت أيضا عن تشكيل "تحالف عالمي لمكافحة التهريب غير القانوني للمواد والأعمال الثقافية" مضيفة أنه سيجتمع خلال الأسابيع المقبلة.
يذكر أن المنطقة الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة في العراق تحوي 1800 من أصل 12 ألف موقع أثري في البلاد.
دمر مسلحو تنظيم الدولة الاسلامية قطعا أثرية في متحف الموصل.
ويعتقد أن تنظيم الدولة قام ببيع بعض تلك الآثار لتمويل عملياته العسكرية.
وكان مسلحو تنظيم الدولة اقتحموا مكتبة الموصل التي تضم نحو 8000 من الكتب والمخطوطات النادرة في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي وحطموا الأقفال واستولوا على 2500 كتاب، وأبقوا على النصوص الإسلامية فقط، ثم أحرقوا الكتب التي صادروها.
تحليل: فينيسنت دود مراسل بي بي سي للشؤون الفنية
نمرود: مدينة أثرية تقع على ضفاف نهر دجلة، في المرحلة الآشورية الوسيطة (القرون الستة قبل الـ 1000 قبل الميلاد). وكانت تدعى كالخو أو (كالح) (Kalhu ) ووردت في العهد القديم باسم كالا.
وظهرت قوة الآشوريين في الجزء الشمالي من بلاد مابين النهرين (ميسوبوتاميا)، المنطقة التي تمتد الآن في العراق وسوريا وتركيا. وظلت نمرود عاصمة الآشوريين لنحو 150 عاما، لكنها تدهورت في النهاية.
وبدأت أولى التنقيبات فيها في العصور الحديثة على أيدي الأوروبيين في عام 1840. وكشفت التنقيبات عن كنوز أثرية ثمينة تترواح بين أجزاء كاملة من القصور الملكية إلى تماثيل شخصية وتحف أثرية صغيرة.
وتوقف البحث في المنطقة لعقود إلى أن قام السير ماكس مالوان (الآثاري وزوج الكاتبة أغاثا كريستي) بالتنقيب في المنطقة من جديد في عام 1949. وكتب كتابه المهم عنها "نمرود وأطلالها".
وواصل منقبون آثاريون أخرون التنقيب في المنطقة بعده، وبشكل خاص في السبعينيات حيث تم وضع سجل توثيقي فوتغرافي لآثار المنطقة وكنوزها الأثرية، التي يبدو أن بعضها قد دمر الان.