مصادر بـ«البترول»: الوزارة حصلت رسمياً على موافقة الجهات السيادية لاستيراد الغاز من «تل أبيب»
تستعد الحكومة بخطة من 5 بنود رئيسية لمواجهة مشكلة انقطاع الكهرباء فى الصيف المقبل، أهمها استيراد الغاز اللازم لتشغيل المحطات من مصادر متعددة، ومنها الغاز الإسرائيلى.
ووفق الخطة التى تنفرد «الوطن» بنشرها، تعمل وزارة البترول على خمسة محاور رئيسية، وهى: أولاً، تكثيف أعمال البحث والاستكشاف من خلال طرح مزايدات عالمية جديدة لهيئة البترول والشركة القابضة للغازات الطبيعية وجنوب القابضة لإبرام اتفاقيات بترولية جديدة.
والمحور الثانى هو العمل على زيادة إنتاج مصر من الغاز الطبيعى عبر تنفيذ عدة مشروعات منها مشروع المرحلة التاسعة (أ) غرب الدلتا فى المياه العميقة بالبحر المتوسط باستثمارات تقدر بحوالى 1٫6 مليار دولار وبمعدل إنتاج 450 مليون قدم مكعب غاز يومياً.
أما المحور الثالث فى الخطة، وفق مصادرنا، فهو التنسيق مع وزارة الكهرباء لبدء استخدام كافة أنواع الوقود خصوصاً منظومة الفحم للوفاء باحتياجات محطات التوليد فى القاهرة والمحافظات.
والمحور الرابع هو زيادة الوعى بأهمية ترشيد الطاقة التى تعد أحد الحلول المهمة والمحاور الأساسية فى سد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.
وأخيراً، فإن المحور الخامس فى الخطة هو التعاقد على استيراد كميات من الغاز المسال من مصادر متعددة أهمها الجزائر وروسيا وسويسرا ودراسة استيراد الغاز الإسرائيلى.
وكانت وزارة البترول قد قررت الأسبوع الماضى إنشاء إدارة جديدة فى الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس»، لتنظيم سوق الغاز الطبيعى وإتاحته للمنتجين والمستهلكين مباشرة بتسهيلات.
وقال مصدر فى الوزارة لـ«الوطن» إن «البترول» مصرة على توفير الغاز الطبيعى للمصانع كثيفة ومتوسطة الاستهلاك بسعر الاستيراد الخارجى خلال 3 أعوام ليصل إلى 13 دولاراً للمليون وحدة حرارية، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تهدف لتوفير كميات الغاز الطبيعى المقتطعة من المصانع لمحطات توليد الكهرباء خلال الصيف المقبل، لتجنب قطع التيار الكهربائى عن القطاع المنزلى.
من جانبه، قال مصدر بالهيئة العامة للبترول إن «الوزارة حصلت رسمياً على موافقة الجهات السيادية لاستيراد الغاز الإسرائيلى بكميات تتراوح ما بين 150 إلى 177 مليار متر مكعب، وبأسعار لا تزيد على 9 دولارات لكل مليون وحدة حرارية مقارنة بالسعر الحالى الذى لا يقل عن 13 إلى 15 دولاراً للمليون وحدة للغاز الطبيعى وليس المسال. وأضاف المصدر لـ«الوطن» أنه لا يوجد ما يمنع من استيراد الغاز من إسرائيل خلال السنوات المقبلة، خاصة أن مصر لديها أزمة فى الكهرباء لن تتكمن من حلها قبل عام 2017، لافتاً إلى أن «الاستيراد من إسرائيل سيكون بأسعار تتناسب مع الوضع المالى الاقتصادى الحالى، نظراً لارتفاع الأسعار فى السوق العالمية، خاصة أنه سيتم توريد الغاز الإسرائيلى لمصر عبر خط أنابيب شركة شرق البحر المتوسط الذى كان مخصصاً لنقل الغاز إلى إسرائيل من مصر».
وأوضح المصدر أن مصر ستبحث استيراد الغاز من إسرائيل لمدة طويلة قد تصل إلى 15 عاماً مع تسوية قضايا التحكيم الدولى بين مصر وإسرائيل، منوهاً بأن المفاوضات كان من المقرر أن يتم استكمالها مع وفد شركة «نوبل إنيرجى» نهاية شهر فبراير الماضى، لتوقيع العقود فى أقرب وقت لسد احتياجات مصر من الغاز الطبيعى ومدها إلى محطات توليد الكهرباء، وأن يتم توقيع الاتفاقية بين مصر وإسرائيل قبل حلول الصيف المقبل، خاصة أن وزارة الكهرباء تحصل فى الصيف على 90% من إنتاج الغاز الطبيعى يومياً لمنع قطع التيار.
من جهته، قال الدكتور حسام عرفات، رئيس الشعبة العامة للبترول باتحاد الغرف التجارية، إن «مؤتمر مارس الاقتصادى سيجعل مصر البلد الأكثر استهلاكاً فى المنطقة للغاز ومواد الطاقة لمواجهة الاحتياجات المتزايدة»، موضحاً أن مصر استوردت 4 شحنات من الجزائر من بين 75 شحنة حتى 2017.
وأضاف «عرفات» أن «مزايا الغاز الإسرائيلى أفضل مقارنة بالغاز الروسى، حيث يجرى الإمداد من خلال خط أنابيب فى مياه أقل عمقاً وقرباً للشاطئ بعيداً عن خط العريش الشهير بالتفجيرات، وهو قريب لميناءى السخنة ورشيد، بينما الغاز الروسى يأتى عبر السفن، وهو غاز مسيل ينتقل خلال تركيا ويضخ فى شبكات ويحتاج إلى عمليات كبيرة تستهلك الوقت والمال».
وتابع «عرفات» أنه «يجرى التفاوض حالياً لشراء ما لا يقل عن 5 مليارات متر مكعب من الغاز على مدار ثلاثة أعوام وبيعها إلى عملاء من القطاع الخاص فى مصر عبر خط أنابيب أنشئ فى الأصل لنقل الغاز إلى إسرائيل، وستنقل الإمدادات عبر خط أنابيب أقيم قبل نحو 10 سنوات من خلال شركة غاز شرق المتوسط التى كانت تقوم على تنفيذ عقد الغاز الطبيعى بين مصر وإسرائيل».
من جهة أخرى، رفض عدد من الخبراء مجرد فكرة الدخول فى مفاوضات لاستيراد الغاز الإسرائيلى، نظراً لحالة الغليان فى الشارع المصرى ضد الحكومة بعد ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية وعدم وصول الدعم إلى مستحقيه حتى الآن، بالإضافة إلى إعلان الحكومة عن زيادة جديدة متوقعة فى أسعار البنزين والسولار خلال يوليو المقبل.
وأكد أسامة كمال، وزير البترول الأسبق «صعوبة استيراد الغاز حالياً سواء من إسرائيل أو أى دولة أخرى، بسبب سوء الأوضاع المالية الراهنة لقطاع البترول واستمرار ارتفاع عجز الموازنة للدولة سنوياً». وقدم «كمال» ما يشبه «الروشتة» لحل أزمات الطاقة خلال السنوات المقبلة بدلاً من استيراد الغاز بأسعار باهظة، تقوم على «تكثيف الرقابة لوقف عمليات التهريب السنوية التى تصل إلى 15% سنوياً» منوهاً بأن «تكثيف الحملات الأمنية ضد مافيا الوقود سيوفر 50 مليار جنيه، ما يعفى الحكومة من اللجوء للاستيراد، خاصة من إسرائيل».
ودعا «كمال» إلى «تعميم تطبيق منظومة الكروت الذكية على البنزين والسولار والبوتاجاز التى ستحل أزمات الطاقة وستوفر مليارات الجنيهات للدولة سنوياً»، وقال إن مصر تصرف 300 مليار جنيه سنوياً على المنتجات البترولية وتذهب إلى غير مستحقيها ومافيا الوقود، وهذا بسبب غياب الرقابة الأمنية أو التموينية على أصحاب المحطات أو شركات توزيع المنتج البترولى، موضحاً أنه منذ الإعلان عن تطبيق الكروت الذكية بين المستودعات والمحطات لم يتم تهريب أى منتج للبترول فى السوق السوداء إلا بشكل طفيف نتيجة مراقبة عملية التوزيع.
ورفض إبراهيم زهران، الخبير البترولى، فكرة استيراد الغاز من إسرائيل، داعياً إلى «عدم تعريض مصر لقضايا تحكيم أخرى، خصوصاً أن من الصعب تسديد قيمة الشحنات فى ظل سوء الأوضاع الاقتصادية الحالية، ومن الضرورى البحث عن وسائل أخرى لحل أزمة الكهرباء المتكررة بترشيد الاستهلاك أو اللجوء إلى استخدام منظومة الفحم».
وأوضح «زهران» لـ«الوطن» أن «وزارة البترول تحتاج إلى 12 مليار جنيه سنوياً بمعدل مليار جنيه شهرياً لسد احتياجات الكهرباء، ما يصعب توفيره فى الوقت الراهن، وأضاف أنه «لا بديل أمام الحكومة المصرية غير استيراد الغاز بعيداً عن إسرائيل لعدم تفاقم الغضب الشعبى، بشرط البحث عن أسعار أقل لمنع زيادة فاتورة دعم الطاقة سنوياً فى ظل انخفاض أسعار النفط العالمية إلى أكثر من 50%، خاصة بعد رفض الشركاء الأجانب توريد أى كميات من الغاز الطبيعى أو زيادة معدلات إنتاجهم إلا بعد سداد المديونيات المتأخرة التى تصل إلى 3.2 مليار دولار».