الأقباط متحدون - عم «بطاطا».. بلغ أشده و«استوى»..!
أخر تحديث ٠٧:٠٥ | الاثنين ٢ مارس ٢٠١٥ | ٢٣أمشير ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٨٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

عم «بطاطا».. بلغ أشده و«استوى»..!

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

  بقلم   د. مصطفى حجازى

عم بطاطا يزك الزكة.. يعبر سينا ويفتح عكا..

يصبر ع الجار السو.. خمسين سنة.. ويقول دول فكة..!

هكذا غناها «العلى» خلقاً وفناً «على الحجار» بعد أن نظمها أحد أصدق من يعرفون مصر.. «جمال بخيت».. وهما من سيبقيان فى التاريخ مع كوكبة الكبار.. حجاب والشريعى.. الأبنودى وعبدالحليم.. جاهين ونجم.. ومن مثلهم ليقال عنهم إنهم من غنوا لـ«مصر» وليس من غنوا عنها أو غنوا عليها..!

عم «بطاطا» يا سادة يا كرام - من حيث المبتدى - هو تجسيد معضلة مصر أو نظرية الاعتدال، كما كتبها «جمال حمدان» فيلسوف الجغرافيا الأشهر.. «عم بطاطا» هو من يراه «حمدان» أنه لم يكن ليثور أبداً ولا ينهار قط.. لا يموت أبداً ولا يعيش تماماً.. ولكنه فقط ينحدر ويتعثر.. يطفو ولا يسبح.. ولكنه أبداً لا يقطع الموت بالحياة ولا الحياة بالموت..!!

بين الـ«جمالين».. «جمال حمدان» و«جمال بخيت».. الحدوتة كانت واحدة.. ولكنها الآن تكتب لنفسها نهاية جديدة..!

الاثنان يقولان فينا.. نحن «المصريين».. إن الرمادية والصبر السلبى هما سلاحانا ضد كل خطر يهددنا وكل ظلم واقع علينا أو فساد فينا.

وأخطر ما فى «عم بطاطا - نا» هو توهمنا أن صلاح الأحوال يكون - فقط - فى زوال «الجار السو» أياً كان من هو.. وبعدها «يحلها ربنا بمعرفته» كما نتناقل فى المأثور المصرى..!

وتاريخنا يشهد..!!

«آه لو ربنا يخلصنا من الترك ومماليكهم تحيا مصر لأبنائها».. وربنا خلصنا..!

«الفرنسيس يخرجوا بس وأحوالنا تنصلح وربنا يولى من يصلح».. والفرنسيس خرجوا..! «الاستقلال التام أو الموت الزؤام.. الإنجليز والقصر هما العائق أمام مستقبلنا.. فلنثر».. وثرنا وخرج الإنجليز.. وبقى القصر..!

«الغرب يعادينا.. نقهر الإمبريالية فقط.. وسنستفيق للتنمية».. وقهرنا الإمبريالية..!

«لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.. نحرر سيناء.. ونزيل آثار العدوان.. لنبدأ الجهاد الأكبر».. وحررنا سيناء ودحرنا العدوان الخارجى وبقى العدوان الداخلى..!

«آن لنا أن ننهى حالة الحرب المقيتة التى فرضت علينا.. وبالسلام ننعم.. وفى الرخاء نحيا.. فقط ندخل معركة السلام ولتكن أكتوبر هى آخر الحروب».. فاوضنا وعاهدنا وسالمنا والتهينا عن حقيقة الحرب.. أكثر مما انتهينا من حالة الحرب..!

«نرجع بأه لربنا شوية.. ونسيبنا من الكلام عن الوطنية والقومية والليبرالية والحرية.. نسيبنا من كلام الملاحدة والأفندية الأرازل.. عشان ربنا يكرمنا.. نحارب الإلحاد فى أفغانستان فقط.. والصحوة الدينية تجيب الخير كله».. سيبنا الوطنية والقومية.. والصحوة المدعاة الزائفة جاءت بغفلة كادت تقضى علينا..! «فقط يزول مبارك رأس الإثم.. وهو من جرَّف الكفاءات وقزَّم الوطن واحتكر الحكم واحتقر الشعب».. وزال رأس الفساد مخلفاً آثار عدوانه..!

«فقط يخفى الإخوان.. بشبقهم للسلطة.. وبضيق أفقهم.. وباحتكارهم للدين وبكرههم للوطن وأبنائه ومؤسساته».. وخفى التنظيم من السلطة تاركاً الندوب ترعى فى قلوبنا..!

والآن «الإرهاب.. ومؤامرات القريب والبعيد.. تواطؤ الشرق والغرب علينا.. فقط نصطف.. لندحر الإرهاب».. وأقول لكم بيقين سيزول الإرهاب بوجهه الداعشى.. والمباركى.. والإخوانى.. سنزيحه بإذن الله إزاحة خشنة وقريبة..!

المهم ماذا بعد أى زوال لأى «جار سو» فى تاريخنا؟!.. ماذا بعد «جار السو» الآنى أو الآتى..! من أيام الترك ومماليكهم وحتى داعش ومباركهم وإخوانهم..!

«جار السو» عرض المرض.. المرض الحقيقى هو فى الإصرار على انتظار ما لا يأتى فى أن أمورنا ستصلح نفسها بنفسها.. هو فى ادعاء الحيدة فى كل موقف يقتضى انحيازاً للقيم وتمايزاً عن الفساد.. المرض الحقيقى هو الإمعان فى حرق الموارد والرصيد النفسى للمستقبل باسم الاعتدال الكاذب أو التدرج المدعى.

الرمادية باسم الاعتدال رفاهية تصلح وقت كان رصيد الخطأ أو الجهل يسمح بتبديد موارد هذا الوطن ومستقبله.. أما وقد وصلنا إلى ما حذر منه «حمدان» بأنه مغبة إدمان الرمادية باسم الوسطية وهو أن «يصل المستوى العام إلى الحضيض» وقد وصل.. «وأن الكيف يتدهور إلى مجرد كم والمجد إلى محض تاريخ».. وأما وقد صار الكيف المصرى غثاء سيل وأصبح المجد ماضياً.. فليس للجهالة باسم الاعتدال مكان..!

ربنا قادر أن يحلها بمعرفته.. «نعم».. ولكن حسن النوايا لا يغنى عن سلامة التدبير.

التماهى فى دور ضحية التاريخ ومؤامراته.. وإن صح كثير منها.. لن يطعم جائعاً أو يسترد كرامة أو يضعنا على طريق مستقبل.

إتقان قدرات الضحية فى «الشكاية والنكاية والتباكى» مع انتظار أن يخفى الجلاد المتآمر.. سيبقينا كذوبين.. متواكلين.

كما أن توظيف المؤامرة والاستثمار فيها لصناعة التوتر فى مجتمع متململ.. هو رأس التآمر..!

علينا أن نعرف أن كل دولة على وجه الأرض هدف لمؤامرة ما.. كائنة أو ستكون.. وكل دولة على وجه الأرض كانت ضحية لمؤامرة ما.. وإلا ما كان التاريخ ليرفع الله فيه أقواماً ويخفض آخرين، وما كانت سنة التدافع.. «ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين» (البقرة ٢٥١).

زوال الإرهاب بوجهه الداعشى والإخوانى والمباركى ضرورة وحقيقة.. ولكن ليس كافياً لكى نلملم أشلاء مجتمع يعيش فى أزمان مختلفة وإن جمعته أرض واحدة..!

«اصطفاف الحناجر» أو الأبدان لن يغنى عن «تلاحم عقول» قادرة أن تعيد يقين ملكية مصر لكل من ارتضاها وطناً.. وأن تبنى دولة لم يبق منها إلا ركام بيروقراطية شاحبة.. وهيبة ترجى فى أطلال فساد كان.

التمترس ضد الخطر «تكتل مؤقت» ينفرط عقده بزوال الخطر.. ولكن الالتفاف حول حلم صادق مستحق هو «وطن باق» متجدد ما بقى الحلم وما تنامت أسقفه.

التمترس ضد الخطر.. «الوطنية» فيه «قسمة غرماء»..

أما التآلف من أجل الحلم.. «الوطن» فيه «تكاتف شركاء»..!

وأخيراً نهاية الحدوتة يا سادة يا كرام.. كما أراها تقول إن عم «بطاطا» بلغ أشده وفى ذات الوقت «جاب آخره».. وهو الآن يحتاج إلى معجزة يصنعها بنفسه يجمع فيها بين جلد التعلم ومحدودية القدرات وفريضة الإتقان.

عم «بطاطا» استوى عوده واشتد.. «استوى» بنار اللامنطق فى تيه مصطنع عمره خمسون عاماً..!

عم «بطاطا» استوى حتى تيبس وفقد رفاهية الرخاوة.. وأصبح غير قابل للرمادية أو لـ«لزوجة المواقف».. حتى وإن استعذب اللزوجة.. وليس أمامه إلا أن يستقيم عوده أو أن ينكسر..!

عم «بطاطا» قد لا يعرف أنه قد ثار على عقله ومثله وشخصيته.. أكثر من ثورته على «جار السو» ٢٠١١ و٢٠١٣.. وأن أحداً لن يرده إلى سابق عهده لينبطح أو يصبر.. فهل من «عاقل» يعينه على أن تكون تلك الثورة لمصر لا عليها.. مع رجاء أخير.. بأن الوسطاء وسماسرة الوطنية يمتنعون..!

فكروا تصحوا


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع