بقلم يوسف سيدهم
قراءة في ملفالأمور المسكوت عنها-(527)
العد التنازلي للانتخابات البرلمانية جار, والأنظار تتركز علي استعدادات الفرقاء السياسيين لها والجميع يسألون عن المتقدمين للترشح سواء لنظام الفردي أو ضمن القوائم, وليس خافيا اهتمام المواطنين باستكشاف مرشحهم المفضل وقائمتهم المرجحة في دئراتهم الانتخابية حرصا علي الذهاب لأداء دورهم الوطني في تقديم برلمان قوي متوازن لمصر في هذه المرحلة الفاصلة من تاريخها الحديث.
لهفة الناخبين وحماسهم علي المشاركة يخلقان مشهدا يدعو للتفاؤل,لكن للأسف مايزال مشهد الأحزاب والفرقاء السياسيين يدعو للحنق ويصيب المرء بالغثيان,فالمتابع لما دار من مساومات ومشاحنات وكر وفر وزواج وطلاق بين الأحزاب في سعيها لحسم قضية التحالفات الانتخابية لاعجب في أن يصاب بالإحباط وتتملكه الحيرة إزاء غياب الشعور بالمسئولية الوطنية وتبلد الإحساس بخطورة الموقف والفشل الذريع في الاتفاق علي مرشحين أو قوائم يصطف معظم الناخبين خلفهم اتقاء لشر شرذمة القوي السياسية وتبعثر الأصوات, الأمر الذي حتما يصب في صالح التيارات الدينية التي نظمت صفوفها وتهيأت للعودة لاختطاف مصر من خلال بوابة البرلمان!!!
الأنباء التي كانت تلاحقنا يوميا عن فض تحالف مزمع بين مجموعة من الأحزاب واشتعال الخلافات بين القائمين عليها والآمال التي كانت قائمة في إنقاذ الموقف في آخر الوقت والذي أطلقت عليه أنا-كالتلميذ البليد الذي يذاكر ليلة الامتحان-هي نفسها تبددت,والآن وسط محاولاتنا رصد أسماء المرشحين واتجاهات القوائم تبدو النتيجة مخيفة من غزارة الأسماء وتعدد القوائم بشكل لا يعد بأي نتائج مطمئنة ولا يرقي إلي استشعار مسئولية هذه المرحلة.
يؤسفني أن أقول إن الآمال المعقودة علي الأحزاب السياسية في خلق تحالف وطني قوي ذهبت أدراج الرياح وانتهي بنا الأمر إلي مشهد عبثي مهلهل ظاهره تعددية حزبية بينما حقيقته مقامرة خطيرة غير محمودة العواقب ستسفر عن تصدير التشرذم الذي نراه إلي داخل البرلمان…هذا ما يخص الخريطة الحزبية,والمضحك المبكي أن تلك الخريطة طالما طالب أطرافها بإعلاء قيمة الأحزاب واحترام دورها عند تصميم توزيع مقاعد البرلمان فإذا بهم يعطون أسوأ المثل لاستحقاقهم ذلك بعد أن استنزفوا أنفسهم في الصراع والعراك والشد والجذب في محاولات كريهة لانتزاع أكبر قطعة من الكعكة دون أدني قدرة علي الاستحواذ عليها…فما بالكم من أمر التهامها!!!
لقد بلغ بي اليأس والإحباط من الاستقرار علي تحالف حزبي وطني قوي يدخل الانتخابات ويجذب المصريين خلفه,أن بدأت أبحث عن المستقلين سواء بين المرشحين للفردي أو مرشحي القوائم…تخيلوا أن يبلغ بنا الإفلاس السياسي حد التعلق بالمستقلين الذين لاتربطهم توجهات حزبية أو ثوابت سياسية لإنقاذ الانتخابات البرلمانية من الاختطاف؟!!….أصبحت أكثر شغفا من ذي قبل علي تحري أخبار المستقلين سواء من منهم كفر بالأحزاب أو من منهم ينتمي إلي كبار العائلات لخوض الانتخابات. وهنا وجب الاعتراف بأن مصر قبل أن تنضج ديمقراطيا وسياسيا وحزبيا ستظل العشائرية والقبلية والكيانات العائلية هي العناصر المسيطرة والمرجحة في انتخاباتها لأنها تمتلك القدرات التمويلية والكتل التصويتية اللازمة للفوز أمام الصندوق.
الآن بدأت أبحث عن المستقلين وأرصد حركتهم وانتماءاتهم وأسجل معايير قوتهم لأتلمس فرص نجاحهم لعلهم يكونون طوق النجاة من حقل الرمال المتحركة الذي وضعتنا فيه الأحزاب السياسية اللاهية عن خطورة المرحلة والمنغمسة في تمزيق الكعكة بينها!!!…أقول ذلك لأننا سبق أن سعينا لنشر أسماء وقوائم المرشحين في مختلف الدوائر لقرائنا في الانتخابات التي جرت خلال الأعوام الثلاثة الماضية حتي يتبينوا الاختيارات المطروحة ويستقروا علي من يعطونه أو يعطونهم أصواتهم…هو علامة أخري دالة علي تقاعسنا الحزبي ومراهقتنا السياسية
فبدلا من أن يسير الناخب وراء حزب يطمئن إلي تاريخه وتوجهه وبرنامجه,أصبح فاقد الانتماء والرؤية تنتابه الحيرة يتلمس طريقه خوضا في المجهول ويسأل من أنتخب؟…وهي في حد ذاتها ظاهرة سلبية دعتنا للأسف للتدخل للمعاونة كمن يوزعالإجابات النموذجية علي أسئلة الامتحان!!!
والآن…بعد أن كنا ننتظر الإجابات النموذجية من كتابالأحزاب بتنا نسعي للحصول عليها من كتاب المستقلين؟!!!