نبيل المقدس
بعد مشوار طويل في تجهيز المرحلة الإخيرة للإستحقاقات الثلاثة ... وهي إنتخابات مجلس النواب ... كنا نأمل وخصوصا بعد الإستفتاء علي الدستور المنشود والذي كنا نأمل فيه محاسن .. و إننا سوف نطبقه علي المرحلة الأخيرة في إنتخابات مجلس الأمة بالتمام والكمال .. وكان تصورنا أن نتخلص من أمور ظلت جاثمة علي صدورنا أربعة عقود وربما أكثر .. لدرجة أننا أطلقنا عليه بدستور مصر الجديدة , وأول هذه الأمور وأد التفرقة الدينية .
الشعب خرج يوم 30 يونيو لكي ينهي هذه التفرقة والتي بدأت تطل علينا بوجهها القبيح في أوائل السبعينات .. حتي أننا أصبحنا نسأل عن إسم الشخص حتي جده السابع عشر لو لم يتضح في أي إسم من السلف إسما يشير إلي العقيدة التي يؤمن بها , وبناء عليه يتم التعامل معه . أي أن التعاملات بين 30 % وأكثر من شعب مصر , في علاقة طردية مع أخيه .. فلو كانت عقيدته تتفق مع عقيدة الزميل أو الصديق تعلو التعاملات بينهما إلي مستوي طيب .. أما العكس أي أن لو الشخصين علي إختلاف في عقائدتهما يقل مستوي التعامل بينهما ..!
رحب عدد من السياسيين بالنص على حظر الأحزاب ذات مرجعية دينية فى الدستور الجديد مؤكدين أن هذه أحد أهم مطالب الثورة التى يجب أن تتحقق وذلك بعد تجربة الماضى القريب فى إشارة منهم إلى تجربة حزب الحرية والعدالة، مشددين على ضرورة تفسير معنى الخلفية والأساس الدينى فى الأحزاب ومحاصرة إمكانية انحراف الأحزاب بعد تأسيسها ووضع معاير لذلك , إنتظرنا أن يخرج علينا قانون أو تفسير لمعني كلمتي " الخلفية والأساسي الديني " .. وطال إنتظارنا .. صحيح تم نسف حزب الإرهاب الذي كان يخص الإخوان ... وتركوا باقي الأحزاب الدينية بالرغم أنها لا تقل تطرفا وخطورة من الإخوان , بأفكارهم ومبادئهم والسعي لسحب مصر النهضة إلي مصر الجاهلية بشرائعها وجهلها الإسود .
حتي الأن وبكل الصراحة , وأعلنها علني , لماذا هذا التجاهل أو عدم الإلتفات لهذه الأحزاب الخطيرة علي الدين الغالب أولا ثم علي هوية المصري والتي تتصل إتصالا مباشرا بوطنية مصر ؟؟ . لماذا هذا السكون والصمت من باقي الأحزاب المدنية , ولم تشير إلي إستمرارية الأحزاب الدينية ؟؟ وأخيرا لماذا عدم الإهتمام من أغلب الشعب الذي كان يزدري بوجود مثل تلك الأحزاب , وأنه ليس لديه الإستعداد أن يعيش في قلق الفتنة .
هل إقتنعت اللجنة العليا للإنتخابات , والتي نعتبرها أعلي مستوي عال في الفكر والعبقرية لأنها تتكون من صفوة الشخصيات التي لهم صلة بالقوانين الدستورية , ولهم الخبرة في وضع سياسيات الإنتخابية وكيفية إدارتها و ينضحك عليها بهذه السهولة ويعتبرون أن مجرد وجود بضع من الشخصيات المسيحية الذين لديهم الإستعداد حتي في ترك ديانتهم من أجل المال والجاه ؟؟؟؟
هل أعضاء اللجنة العليا للإنتخابات لا تدرك أن الحزب الديني لا يتوقف علي وجود اعضاء أقباط فقط وتناست أن الحزب يُطلق عليه حزب ديني بالبرنامج والمباديء الدينية الخاصة بهم ؟؟ هل في يوم وليلة .. تتغير الأفكار الدينية المتطرفة إلي فكر متحرر وديني وسطي وطني بحيث يعترف بالعلم المصري , ويقف امامه يحييه بقلب صاف ؟؟ هل في لحظة .. تتغير سلوكيات السلفي من أدني مستوي إلي أعلي مستوي في الإنسانية , ويقبل بتهنأة الأقباط في أعيادهم بصدق وبمحبة خالصة ؟؟ هل أدركت اللجنة العليا للإنتخابات أن الجماعات السلفية سوف لا يستخدمون فكر التقية في عهودهم مع أخيه الإنسان الأخر , ومع الحكومة نفسها ؟؟ ... لا أظن .. !!
في الدائرة الإنتخابية التي سوف انتخب فيها .. يُوجد مرشح شاب .. وعند البحث عن أصوله إكتشفنا أنه له صلة ما مع الجماعة الإرهابية ... غرضي من هذا أن الجماعات السلفية لا تستطيع أن تعمل في السياسة إلاّ بوجود الإخوان فيها ومعها .. فهما لا يستطيعان الإستغناء عن بعضهما البعض ... وجود أحزاب دينية هي المفتاح السحري الذي نجحت الجماعات الإرهابية في شرائه بأغلي الأسعار .. علي صورة دعم الأحزاب الدينية السلفية , أو مساندة رجالهم وشبابهم الذين يحتلون الصف الثالث والرابع من ترتيب الإخوان في مصر لتبوء كراسي في المجلس .
وفي حركة غالبا ما إلا تمثلية أصدرب الهيئة العليا لحزب النور إستنكارا، لحادث استشهاد 21 مصرياً داخل الأراضى الليبية، على يد تنظيم داعش الإرهابى، الذى بث مقطع فيديو ظهر خلاله عملية ذبح الشهداء. وتقدم الشيخ عبد المعبود أحد قيادات حزب النور بالعزاء للشعب المصرى كله فى ضحايا الإرهاب، من خلال تصريحات له اليوم حيث قال : "الدم المصرى كله حرام، سواء كان مسلماً أو مسيحياً، ومقتل 21 مسيحياً مصرياً فى ليبيا لن يزيد المصريين إلا بغضاً من داعش، والتفافاً حول القيادة السياسية .
أتصور لو كانت نيتهم سليمة , كان المفروض قيادات هذه الأحزاب السلفية الذهاب بأنفسهم إلي مقر البابا لتقديم العزاء .. او علي الأقل كان يتقدم أعضائهم الذين يقطنون في المنيا الذهاب إلي مطرانية قرية العورة والتي تم إطلاق اسم جديد لها فأصبح إسمها قرية الشهداء تحية لدم الشهداء .. فكان لزاما علي هؤلاء السلفيين القيام بالواجب الإنساني أولا نحو أهل الشهداء ثم الواجب الوطني .. وأنا متؤكد أنهم لا يقبلون إلقاء اسم شهداء علي الـ 21 شاب ..!!
لذلك أطالب من الأحزاب الدينية وافرادها والتي قدمت نفسها للترشيحات .. تقديم برنامجها ومبادئها بالكامل وينشروها في الجريدة الرسمية المصرية .. لكي تكون إثباب عليهم .. إذا حادوا عن مباديء مصر الجديدة .
اخيرا وبكل صدق .. انا أخشي كثيرا من وجود هؤلاء السلفيين في مجلس النواب الجديد .. ومهما قل عددهم سوف يكون المجلس مرآة مشوهة أمام شعبه والعالم كله . كذلك طالما قبلوا بالأحزاب السلفية الدخول في الترشيحات ... كان من الواجب قبول احمد عز في الترشح ... مش كده ولا إيه ...!!!!؟؟؟؟؟
أتمني من كل مصري شريف أن لا يرشح أحدا منهم .. لكي تصبح مصر هي مصر الجديدة لأولادنا في المستقبل .!
ولكي السلامة يا مصر ..!!