بقلم : أبو الفتوح قلقيله | الأحد ٢٢ فبراير ٢٠١٥ -
٣٨:
١٢ م +02:00 EET
صورة أرشفية
بالطبع في وسط الحرب الدائرة الآن والمفروضة على مصر من جهات معروفة متحالفة معا ضد أي كيان عربي متماسك أو منظم في شكل دولة، حتى إن لم تكن تلك الدولة ناجحة بالدرجة الكافية، تجد الغالبية تستحضر دوما كلمة الحق التي يراد بها باطلا ونفاقا واستفزازا، وهي (لا صوت يعلو فوق صوت المعركة)، وكأننا نزايد فقط على الحاكم والدولة، والجميع بتلك المقولة حتى نبرر للنظام أي خطأ واعوجاج قد يفضي بنا إلى ما هو أخطر فعليا من محاربة عصابات إرهابية في سيناء أو داخل حدود ليبيا الممزقة.
بل إن هذا هو الوقت المناسب جدا للنقد الإيجابي وللمعارضة الوطنية التي ترشد النظام الحاكم للطريق القويم؛ خشية الانزلاق في سبل تفرق بنا جميعا إلى ما هو أخطر وأشرس من القضاء على تنظيمات وقحة إرهابية يرفضها كل الشعب.. ولقد ظهر ذلك جليا في حادثة إعدام كلاب النار داعش للمصريين القراء المساكين المهاجرين مؤقتا من الوطن الآمن المسالم نوعا ما، إلى جحيم ليبيا من أجل لقمة عيش.. وهنا يبرز شيئان في غاية الأهمية والخطورة أيضا: أولهما أن الضحايا كانوا من المسيحيين المصريين، وهذا هو الوصف الصحيح لهم فهم ليسوا وحدهم أقباطا فجميعنا أقباط أي مصريين، ولقد كنت أتمنى أن يتخلى الإعلام عن ترديد الوصف الأحمق والمنقول حرفيا من صحف غربية وهو (أقباط) بمعنى اختلافهم في الهوية عن باقي المواطنين المصريين، الذين بحق كانوا أكثر وعيا من إعلامهم عندما غضبوا وانزعجوا بسبب مقتل مواطنين مثلهم ولم يصفوهم بالوصف الأبله بالأشقاء الأقباط، وكأنهم من دولة أخرى ووطن مغاير!
وهنا يبرز الشيء الثاني الذي نستخلصه من تلك المأساة، وهي أن المصائب بكل أسف هي ما تجمعنا وتنسينا اختلافات العقيدة والملة والتعصب وتوحدنا كمواطنين ولكن.. ألم ندرك جميعا أو حتى تدرك منظمات قياس الرأي العام الغائبة دوما عن الأهم بأن الغضب كان شديدا هذه المرة من غالبية الشعب من الفقراء على هؤلاء الضحايا رغم اختلاف العقيدة الدينية، وذلك في نظري يرجع إلى شعور كل واحد في الشعب أنه ينتمي لهؤلاء وأنهم منه حقا حتى مع اختلاف المعتقد.. هم من نفس بيئته الفقيرة ومن نفس شقائه وبؤسه وغربته في وطنه فقرا وتمييزا وقهرا وبؤسا!
هنا نستفيق أو ينبغي علينا كذلك بأن المواطن انتماؤه الأول للحياة ولما يقربه منها بكرامة وعزة.. وعندئذ يجب على النظام أن يرحب بالنقد، ويدرك أن هذا وقت المعارضة التي ترشده إلى الطريق القويم وتجنب غضبا قادما يمكن أن يطيح، لا قدر الله، بسفينة الوطن فيغرقها في فوضى غضب جامح إذا ما وجد المصري نفسه مغربا بالفعل في داخل تراب وطنه، فهل من المعقول والمنطقي أن يخرج وزير الكهرباء عقب عمليات الجيش الناجحة فوق درنة ليبشر الفقراء برفع الدعم مجددا عن الكهرباء وارتفاع أسعارها أكثر مما هي عليه رغم فشل وزارته في توفير تلك الخدمة على مدى اليوم.. هي إذن انتهازية سلطوية فجة واستثمار غير شرعي لنجاح الغير؛ تغطية لفشل وزارته المعترف به من كل أطياف الشعب الذي يدفع فاتورة وجود وزراء لا يتمتعون بالبعد التقني أو الحس السياسي!
الحق فقط وصوته هو الذي يجب سيادته فوق الجميع، والحق الظاهر الواضح الذي نعرفه أن المواطن على وشك الانفجار من الأسعار المستعرة والخدمات المتدنية التي تقدمها حكومة محلب في شتى المجالات، ولولا الضربة الجوية للقوات المسلحة ضد أوكار داعش في ليبيا لشعر الجميع بأنه بلا دولة أو طن أو حماية.. فتكون إذن الانتهازية السياسية من الحكومة ومن وزاراته الفاشلة هي العلامة المميزة لهم.. يلا يا جدعان إلحق وبسرعة زايد على الشعب؛ لأننا في حرب، وغطِّي فشلك بنجاح الجيش ولنسير على خطى وزير المالية الذي يحمل الفقراء فقط مسئولية فشلهم في إدارة موارد الدولة ورفع الدعم - كما يقول - عن البترول في يوليو القادم، وهل هناك دعم للبترول في ظل انخفاض أسعاره لما دون النصف يا سادة!!، هل تعتقدون أن الشعب بتلك البلاهة؟.. استفيقوا واستيقموا ولا تزايدوا على الحق.
نقلان عن فيتو
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع