الأقباط متحدون - 7 حكم حياتية يُجسدها باعة المترو: «الحياة عرض ومطالب والتراجع وقت اللزوم فضيلة»
أخر تحديث ٠٩:٤٢ | الثلاثاء ١٧ فبراير ٢٠١٥ | ١٠ أمشير ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٧٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

7 حكم حياتية يُجسدها باعة المترو: «الحياة عرض ومطالب والتراجع وقت اللزوم فضيلة»


 ي ثمانينيّات القرن الماضي، دخل مترو الأنفاق قاموس المصريين اليوميّ، مرتبطًا في أذهانهم بالهروب من اختناقات مرورية ما فوق الأرض، إلى رحاب العالم الموازي بالأنفاق، حيث لا تكدُس خلف إشارات المرور، وأخطاء القيادة التي من شأنها تعطيل السير ساعات وساعات.

 
ومنذ دخل المترو إلى حياة سُكان القاهرة وضواحيها، وزُوارها، كمَعلَم أساسيّ من معالمها، حتى بدأت على ضفافه حيوات موازية، حياة السائقين وقاطعي التذاكر، وحياة عُمّال النظافة وعُمال صيانة السلالم الكهرُبائية، وحياة مُرتادي مترو الأنفاق من كُل مكان، إلى جوار عالم باعة المترو الجائلين، ببضائعهم ذات المنافع، واستراتيجياتهم التسويقية الفطرية، وعلاقتهم المُتناغمة ببعض.
 
«المصري لايت» تستعرِض دروسًا حياتيّة مُستوحاة من عالم باعة مترو الأنفاق.
 
7. الذئب والغنم القاصية
المثل العربي القديم يقول «إنما يأكُل الذئب من الغنم القاصية»، وفي حين قد لا يعلم معظم أفراد عائلة باعة المترو الجائلين بأمر هذا المثل العربيّ، إلا أنهم يُطبقونه بحذافيره، وبعيدًا عن مجاز الذئب، والغنم، فإن عدو بائع المترو الأول هو فرد الأمن الذي من بعض سلطاته أن يوقِّف البائع بمُجرّد أن يكتشف أنه يقوم بممارسة فعل البيع، وتغريمه غرامة قد تفوق مكاسب اليوم الهزيلة، وللحفاظ على هذه المكاسب بالإضافة إلى حرية التجول في عربات المترو بغير التعقُب، لا مفر من الانتماء إلى عائلة الباعة الجائلين الكبيرة، والتي يوفر الانضواء تحت ظلها تدفُقًا معلوماتيّاً فيما يخُص المحطات التي يتكثّف فيها التفتيش والمُلاحقة، والتحذير بشأن الحملات الأمنية، عن طريق تبادُل المعلومات بشكلٍ موسعٍ وسريع من شأنه حماية أفراد العائلة جميعًا.
 
6. السبق لا يضمن مزيد رزق
قد يصدُف وجود زميلين يبيعان سلعتين مختلفتين، أو حتى سلع متشابهة في ذات العربة، وبالرغم من ذلك، فإنك أبدًا لن تًصادف نداءين للبيع مُتداخلين معًا في وقت واحد، فبينما يُمهل أحدهم الآخر حتى ينتهي من ندائه، وعرض بضاعته، وتفنيد مزاياها على مسامع جماهيره، ويُفسح الزميل المُتعطل المجال لزميله بكُل تسامُح، وقد يراقب المحطات له من سبيل تأمين الظهر، ينبُع هذا التسامُح من إيمان تامٍ بأن أحد لا يقتنص فرصة الآخر في الكسب بسبقه إلى النداء، وأن التنسيق سويًا أفضل كثيرًا من شراء العداوة.
 
5. الحياة عرض ومطالب
يقولها صبيّ بيع كرّاسات الدرس ذو العشرة أعوام بكُل ثقة، «الحياة عرض ومطالب يا أبلة»، وبالرغم من عدم اتساقها تمامًا مع المبدأ التسويقيّ الأشهر؛ فالسوق خاضع لقانون العرض و«الطلب»، إلا أن حكمة الصبيّ الفطرية التي اتخذها شعارًا لحملته الإعلانية عن كُراسات الدراسة تصلُح لأن تكون أحد دروس باعة المترو الجائلين الحياتيّة المُستخلصة. اشترى الصبيّ بضاعته التي اختارها بعناية في التوقيت المضبوط الذي يتعطّش له السوق «كراسات الدرس في موسم عودة المدارس»، بحيث يصبح هو موردها الأوحَد في سوق خط المرج حلوان المتنقل، وبحيث يتحكم هو في نسبة المعروض، والذي يوازن به وبين حجم الطلب للتحكم في الأسعار بنفسه.
 
4. هيّ من تتخذ قرار الشراء
إلى جانب أن مُعظَم سلع باعة المترو من فئة «الرفائع»، والتي بدورها تستهوي النساء في الأغلب اللاتي تُدركن أهمية التفاصيل، فهُن في الأغلب اللاتي تمتلكن الحل والعقد فيما يخُص قرار الشراء أيًا تكُن قيمته، وانطلاقًا من هذا الفهم، فإن بائع المترو غالبًا ما تعتمد خطته التسويقية على الترويج لسلع تهم السيدات، ويتخِذ لها نافذة عرض في عربة مترو السيدات، بداية من «المقوار السحري» الذي يستخدم البائع خضروات طازجة في التسويق له بتحضيرالخضروات مباشرةً أمام الحاضرات، فتنهال عليه طلبات الشراء ما إن ينجح في تفريغ قلب حبة الكوسة \ الباذنجان \ البطاطس بكل سهولة وكفاءة، مرورًا بأدوات الزينة، ومستلزمات الحجاب، والإكسسوارات، وصولاً إلى هدايا الأطفال وحلواهم والطعام بشكل عامٍ في حالات قليلة.
 
3. التراجع وقت اللزوم فضيلة
بالرغم من حالة التحدي بين باعة المترو وأفراد الأمن، والتي يتمخض عنها حالات من الكر والفر وربما استعراض القوى في أحيان بتلويح الأيدي من خلف الزجاج لفرد الأمن من قِبَل البائع بعد إغلاق باب العربة أن «أفلتت منك هذه المرة، ولن تستطيع اللحاق بي»، إلا أن حاسّة بعينها يمتلكها باعة المترو تختص بـ«إدراك اللحظة الفارقة» التي يتوجب عندها التوقف عن استعراض القوى، وإخفاء البضاعة تحت مقاعد المترو، ورُبما التخفي في شكل راكبٍ عادي يتبادل الحديث مع الركاب الآخرين، ويحدث هذا عند استشعار الرغبة الحقيقية في الإيذاء في الأجواء من حوله.
 
2. حلاوة اللسان صنعة
يدرك جيدًا بائع المترو أن حلاوة لسانه هي رأس ماله، وأنه يبيع إلى جوار سلعته خفه ظله وسرعة بديهته إلى مُشتري لا يعرف كم من المحطات سيدوم وجوده، وأي من السلع التي تحني ظهره تقع داخل نطاق اهتمامه، وانطلاقًا من هذا الفهم، فإن بائع المترو ينوّع دومًا في وسيلة الترويج لسلعته، بيد أن هذا التنويع غالباً ما لا يخلو من مُجاملة مُغلّفة  بمُميزات المُنتج، والثناء على رجاحة عقل مُتخذ قرار الشراء.
 
هذا في حين كثيرًا ما يبيع باعة المترو بفكرة تشجيع طالبي الرزق الحلال عن طريق البيع والشراء، بدلاً من التسوُل واستدرار عطف الرُكاب، فالسيدة الأربعينيّة التي تبيع المناديل المُعطرة والتي يبدأ دوامها مع السابعة مساءً لتلحق برحلة عودة موظفي الفترات المسائية قررت أن تُطور من وسيلتها الإعلانية، لتتغنى أخيرًا بالأمداح النبوية، وتروي قصتها مع بناتها اليتيمات في شعرٍ مُنغّم ملؤه الفخر بأنها لا تقبل المساعدة وتكسب رزقها من عرق جبينها.
 
1. أحكام عالم الكبار
بخلاف الحياة خارج مُجتمع باعة المترو، فإن للصغار مسؤوليات مُحددة، ولهم حقوق واسعة، بينما يُعكس هذا المبدأ على مستوى أطفال باعة المترو، الذين ما إن ينضموا إلى عائلة الباعة، حتى تتوسّع مسؤولياتهم، بداية من المتوقع منهم بصدد مد الصوت لإسماع الجماهير بشأن بضاعتهم، فترى  طفل الخمس سنوات وقد تعلّق في رداءك، أو تكاد تُميّزه بصعوبة من وسط بضاعته التي ينوء بحملها الكِبار ولايشكو، أو اختار حافة أحد الكراسي كمنبر له حتى يكاد يبين من بين الكُتلة الآدمية، مرورًا بمسؤوليته التامة عن حمايته لنفسه من  أخطار التوقيف، أو الانزلاق بين عجلات المترو، أو انغلاق الأبواب عليه، أو حتى مسؤوليته عن دروسه التي تفوت عليه في جولة البيع، وتبهه إلى ضرورة البُعد عن الأشرار، وصولاً إلى مسؤوليته عن حماية الأضعف ممن هم في محيطه، إذا كانوا أطفال أصغر منه، أو عجائز، أو سيدات.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.