الأقباط متحدون - الأخوة كرامازوف
أخر تحديث ٠٥:٣٠ | الثلاثاء ١٠ فبراير ٢٠١٥ | ٣ أمشير ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٧١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الأخوة كرامازوف

عرض/ماجد كامل
أشتهر الأديب الروسي الشهير فيدور ديستوفسكي ( 1821 -1881 ) بقدرته الهائلة علي الغوص في أعماق النفس البشرية وإكتشاف ما بها من أسرار ودوافع وغرائز ؛ ولهذا السبب يعتبره الكثير من النقاد رائد القصة النفسية في العالم ؛ ولهذا السبب أيضا فأن معظم رواياته تتناول الشخصيات الشاذة والغريبة "الغير سوية " .

ولديستوفسكي أعمال روائية كثيرة كانت آخرها "الأخوة كرامازوف " التي نحن اليوم بصددها وقد صدرت عام 1880 اي قبل وفاته بعام واحد ؛ و أهم شخصيات الرواية هم "الأب فيدور كرامازوف" وهو إنسان فاسد ومستهتر ؛يدمن الخمر والنساء ؛ الأبن الأكبر "ديمتري" علي نفس شاكلة أبيه ؛وإن كان في داخله رغبة قوية في التوبة ورفض كامل لهذه السيرة المنحرفة ؛ الأبن الثاني "إيفان" كاتب وشاعر وفيلسوف لا يؤمن بوجود الله ؛شعاره "إن لم يكن الله موجودا ؛فكل شيء مباح حتي الجريمة " الأبن الثالث "أليوشا" لعله الإنسان الوحيد الصالح في هذه الأسرة ؛من شدة حبه للخير عمل كاهنا في القرية وتتلمذ في بداية حياته علي يد راهب قديس يدعي "الأب زوسيما " الأبن الرابع "سميردياكوف" وهو أبن غير شرعي من أبيه ؛وهو غير متزن في قواه العقلية ؛أعجب كثيرا بأفكار وتعاليم "إيفان " ؛ لقد كان "إيفان" في ماديته وإلحاده يرمز إلي الحضارة الغربية التي زحفت حديثا علي روسيا خلال القرن التاسع عشر ؛أما "أليوشا" فهو في تدينه يرمز إلي القيم السلافية التي تدعو إلي المحافظة علي روسيا المقدسة بكل روحاننيتها وقيمها ؛ وطوال الرواية يدور حوار بين الأخوين أو بالأحري التيارين (الغربي والسلافي) ويلاحظ تعاطف ديستوفسكي مع التيار السلافي المحافظ من خلال إنتصاره لأفكار "أليوشا" ودعوته اليها كما يتضح في نهاية الرواية؛

وأيضا من شخصيات الرواية الأب "زوسيما الراهب" (ولقد أستوحي ديستوفسكي قصة حياة هذا الراهب من خلال مقابلته لشخصية حقيقية لأحد الرهبان الشيوخ في أحد الأديرة الروسية ودارت بينهما أحاديث دينية وفلسفية طويلة) ؛ تتلمذ عليه الأبن الكاهن "أليوشا" في بداية حياته الكهنوتية ؛ ومن نصائحه الغالية له ( لا تقم من نفسك قاضيا لإصدار الأحكام علي الناس ؛والحب الخاشع المتواضع قوة رهيبة وهو أكثر تأثيرا من العنف ؛ حب الناس ولا تخش ما يقترفون من آثام ؛

وأحب كل مخلوقات الله ؛وأطلب منه ان يجعلك دائما باشا مستبشرا ) وعندما تسأله أحدي السيدات المترددات علي الدير كيف أصل إلي الإيمان الكامل بوجود الله يرد عليها قائلا( عن طريق الحب الفعال ؛فحاولي أن تحبي جيرانك حبا حقيقيا وكلما تقدمت في طريق الحب أزداد تأكدك من وجود الله ؛واذا وصلت إلي نسيان النفس الكامل في حبك لجيرانك ؛ فأنك ستؤمنين إيمانا لا يشوبه شك في وجوده ) وعلي لسان الأب زوسيما يسجل ديستوفسكي هذه العبارة الجميلة عن غلبة نزعة الخير في الإنسان مهما طال الزمن ( هل يمكن أن يكون حلما ان الإنسان في النهاية سيجد سروره وإرتياحه في الأعمال المضيئة لا في المتع الوحشية والفسق والحسد المتبادل ؟ ؛

أنا أعتقد اعتقادا راسخا ان ذلك ليس حلما ؛والناس يضحكون ويتسائلون متي يجيء هذا الوقت ؟ وهل يبدو انه قادم ؟ اني أعتقد انه بنعمة المسيح سوف نحقق هذا الأمرالعظيم مهما طال الزمن ) .

وتستمر أحداث الرواية حيث يقتل الأب الماجن ؛ ويوجه الإتهام إلي الأبن الأكبر ديمتري أنه هوالقاتل بسبب كراهيته لأبيه وغيرته منه ؛ ولأنه تهجم عليه ذات ليلة في محاولة لقتله وتمت إزاحته عنه بمساعدة أخويه والخادم العجوز "جريجوري " بصعوبة شديدة .

وهكذا كانت كل القرائن ضده أنه هو القاتل ؛ولكن القاتل الحقيقي هو الأبن المعتوه "سميردياكوف" بسبب كراهيته الشديدة له ؛ ونتيجة إيمانه بأفكار اخيه الملحد انه إن لم يكن الله موجودا فكل شيء مباح حتي الجريمة ؛ وتوجه المحكمة حكم الإعدام إلي ديمتري ؛ ولكن أخيه الملحد يصرخ في قلب المحكمة لا ؛ لا ؛ انه بريء ؛أنه بريء ؛ أن الله شاهد أنه بريء ؛ لأن الله موجود ؛نعم الله موجود ؛ وتننهي الرواية بإيمان الأخ "إيفان "بوجود الله وتدبيره العظيم في الكون .


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter