مينا ملاك عازر
النوايا الطيبة لبعض الصحفيين المقربين من دوائر صنع القرا،ر قد تجعلهم يريدون أن يبدوا وكأنهم على علم ببواطن الأمور، قد تجعلهم يفشون أسراراً لإظهار مدى قربهم من الحكام، قد تجعلهم يفتون، ولنا مثلاً في الأستاذ أسوة حسنة، حيث الوثائق التي تظهر فجأة ولا توجد نظير لها في أي مكان في العالم إلا لديه، والمعلومات التي لا يفشي أحد بها إلا إليه وهكذا، أو رغبتهم في تجميل صورة حاكم فتجعلهم ينسبون له ما ليس فيه، وقد تقودهم لعدم فهمهم لمقتضيات الأمور أن ينسبوا للمقربين منه أمراً يظنونه حسن في حين أنه يسيء له إساءة كبيرة.
 
ولنا في حالة خبر اشتراك ملك الأردن في قصف داعش بالمقاتلات الأردنية أسوة حسنة، لا أعرف من سرب الخبر، ومن فبركه بهذه الشاكلة التي إما تسيء للملك أو تضعه في حالة إحراج، فلنبدأ بالاحتمال الثاني لأنه الأقرب، فلو لم يكن الخبر صحيح وهو الغالب، يجعل الملك وكأنه مطالب بأن يقوم بما قيل عنه في الخبر، أو إذا كان الخبر صحيح، فتسريب خبر كهذا، يجعل الملك في وضع سيئ إذا ما لا قدر الله تعرض مقاتل آخر للقتل، كمقتل الكساسبة، إذ اشتراك الملوك في المعارك بأنفسهم لا يعني إلا أن الخطب جلل، وهو كذلك لكن لا يرق أبداً إلى اشتراك الملك، وسيكون السؤال هنا، ما هي الخطوة التالية الأكثر تصعيداً فيما لو قُتل أردني آخر في المعارك؟ وهو أمر وارد ولا نتمناه بعد أن اشترك الملك بنفسه في القتال.
 
أما الاحتمال الأول، وهو أن الخبر يسيء للملك، فهو إن كان الخبر غير صحيح يجعل الملك مقصراً إن ظهر بُهتان الخبر أو كان الخبر صحيحاً، تجعل الخبر في وضع الحركة، هذا لايعني أن الأمور تهتز لمقتل فرد مهما كانت أهمتيه؟؟؟ لكن لا يعني أبداً أن يتحرك الملك، وبلغة الشطرنج لا تتحرك الملوك إلا في حالة كش ملك، وملك الأردن لم ولن يقل له كش ملك لمقتل فرد وإلا استقال السيسي أو ارتدى بزته العسكرية ليقاتل ضد أنصار بيت المقدس انتقاماً لرجال جيش بلاده المستشهدين بقنابلهم ونيرانهم.
 
أخيراً، لا يسعني إلا تعزية الملك، وتعزية شعب الأردن والأمة العربية وأنفسنا من بينهم، ونتمنى لأم الشهيد وأهله الصبر والسلوان.