چون الفي
أكتب إليكم بعد غياب قارب العامين وبعض الشهور من الولايات المتحدة-حيث أعيش - وأنا انظر إلي بلدي حيث نشأت ، وتربيت ، وتعلمت ، وعشت ، وأنا اشكر الله كل لحظة علي نعمة الوطن والبيت ، مفهوم وكلمة لا يشعر إلا من نظر لمصر من بعيد ، من نظر لمصر علي الحياد ، غير متحاملا عليها كبلد منهك وفقير لا تحمل مستقبل كريم للغالبية العظمي من شبابها ومواطنيها ومنهم أنا ، أهلها الذين لا تتعدي أقصي أحلامهم الستر والصحة ، ولا انظر إليها كأنها جنة رغد العيش فيها طالما أنت محاط بالأهل والأحباب انظر إلي مصر بناء علي إنها دولة ، جمهورية ، جمهورية مصر العربية.
بينما أعيش في دولة يظن الكثير - وفي هذا الظن الكثير من الصحة - أنها السبب الرئيسي فيما يحدث في مصر من اضطرابات وثورات زعزعة والوطن وحركت خطواته في طريق لا يعلم نهايته إلا الله (سبحانه وتعالي). اتفق مع السواد الأعظم للمصريين أن الولايات المتحدة هي المخطط والمحرك الرئيسي والحيوي والنشط لكل الأحداث في الشرق الأوسط عامة ، وفي مصر خاصة ، بداية من الربيع العربي الذي لم يكن إلا شتاء قارص لا يحمل إلا الألم والقسوة والوجع ، انتهاء إلي ( داعش ) الكيان الذي تربي ونشأ وترعرع في كنف الولايات المتحدة الأمريكية ، وأصبح الآن كابوسها الجديد الذي يؤرقها ولكن - ولنا عند لكن مليون ملاحظة - السبب الأساسي لضمان الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط بعد دمار العراق ، وفشل في أفغانستان ( طالبان لازالت حية ونشطه ) ، وتقسيم اليمن وليبيا ، وتأجيج الإرهاب البربري بمعناه الجديد في سوري
. أتحدث هنا بحكم عملي مع الكثير والكثير من الأمريكان سواء مواطنين ، أو عاملين بالجيش الأمريكي أو حتى الساسة منهم - اعمل كمدير عام لأحد المطاعم الإيطالية في مدينتي - واستمع إليهم ويستمعون لي ، وكلانا بكل احترام نقدر وجهة نظر الأخر ، وان كنت أحاول علي قدر استطاعتي أحاول أن أزيل الكثير من الغبار الذي حقيقة ما يجري ، وسبب هذا الغبار هو وسائل الإعلام الأمريكية الداعمة لاوباما وللأسف هي الأشهر في العالم وليس في أمريكا فقط. هنا أودّ أن أوضح أن الغالبية العظمي من الشعب الأمريكي لا يثق في اوباما ولا إدارته - يعلمون انه بالبلدي كلام وبس - ولا يرغبوا في وجوده .
وهنا ايضا يجب ان نفرق حين نعارض أو نتخذ قرار بكراهية - وان كانت الكراهية غير موجودة في قاموسي الإنساني - أمريكا ، فهي كدولة أكن لها كل الاحترام لأنها ببساطة احترمتني كإنسان بعض النظر عن ديني أو لوني أو حتى قناعاتي وأيدلوجيتي ، طالما جئت إليها قاصدا العيش لا التخريب ، أما كسياسة إدارتها وحكمها فهي الدولة الأكثر أنانية وفصامية في العالم كله - ولهذا هي الاقوي - لأنها كدولة لا تبحث الا عن مصلحتها ومصلحة مواطنيها فقط ، ولا يوجد في قاموسها كل المصطلحات التي تدعي الحفاظ علي الأقليات والحريّة والعدالة وغيرة ، فهذه المبادئ لا تطبق إلا علي أرضها فقط. أما عن فصاميتها فها هي تعتبر ( داعش ) الخطر الأكبر ، وهي أول من مد السلاح والعتاد والمال - للثوار- في سوريا لمواجهة نظام الأسد ، ومن هنا نشأت جبهة النصرة في سوريا والتي ولد منها الدولة الاسلامية في العراق والشام بعد ان استولوا علي شمال العراق.
الولايات المتحدة لا تعبر الرئيس عبد الفتاح السيسي انقلابيا كما اعتبرته في ٣٠/٦ ، النظرة اختلفت تماما الآن ، وأتحدث هنا عن الشعب والرأي العام الأمريكي خاصةً وهذا لسببين ، الاول هو التأييد الشعبي الجارف لحكم السيسي ، والسبب الثاني هو شخص السيسي الذي يؤمن بمصر وبالشعب المصر إيمانا لم يسبقه إليه أي حاكم اخر، مع الوضع في الاعتبار الظروف والتحديات التي تواجه الدولة المصرية الان والتي كلما زادت زاد معه تمسكه وإيمانه بمصر وشعبها. وهنا أقول لكل من يختلف مع الرجل لمجرد الاختلاف ، او لكونه ذو خلفية عسكرية - وهي الأنسب حاليا لحشد القوات المسلحة ومواجهة فوصي الإرهاب التي ضربت المنطقة كلها - أو لمن يعارضه لمجرد الإحساس بأنك ثوري ، أقول لكم ائتونا بمن هو أفضل منه في المرحلة الراهنة من بين صفوف المدنيين ( الثائرين ) ، أو فلتعبر عن رأيك بما فيه من اتفاق او اختلاف في حكم السيسي من خلال الطريق الأمثل والشرعي للمعارضة وهو حزب قوي معارض يسلك الطرق الصحيحة التي لا تجرح الوطن بل تحفظ مسيرته وتوجه خطواته لعبور الأزمة ، أو فلتصمتوا.
أخيرا أكرر لكل الشباب الثوري في شوارع المحروسة ، لا يوجد دولة في العالم تعيش الحالة الثورية للأبد ، وان كُنتُم في أوج الثورة ومجدها لم تستطيعوا ان تأتوا بقائد لها فهل لكم الان ان تأتوا بقائد للوطن بأكمله ؟؟!! اصبروا ،، وتوحدوا ،، وساندوا الرجل الذي أخذ علي عاتقه حفظ مصر وأهلها بما يرضي الله - سبحانه وتعالي - ويعبر بها من هذا المنحني الذي لم يضعنا في دوامته ...... إلا أنتم. تحيا مصر بالمصريين.