الأقباط متحدون - قرار الفرار
أخر تحديث ١٣:١٩ | الثلاثاء ٣ فبراير ٢٠١٥ | ٢٦ طوبة ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٦٦ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

قرار الفرار

البرادعى
البرادعى

بقلم :  مينا ملاك عازر

وقت أن كان بيده التغيير، وهو يحمل هموم الوطن- كما كان يظن فيه الكثيرون- قرر الفرار، وقت أن كان بالسلطة -واتته على طبق من ذهب- قرر الفرار. وقت أن بات بلا أدنى جهد منه في مطبخ صناعة القرار، قرر الفرار. وقت أن كانت الفرصة أمامه لنقل البلد إلى حيث كان يظن الكثيرون فيه أنه كان يريد نقلها إليه، حيث التقدم والديمقراطية والحرية، قرر الفرار. حينما كان كل شيء بين أصابعه يحركه كما يشاء، قرر الفرار. حينما كانت مشورته مسموعة، وكلمته قوية صداحة عالية، قرر الفرار. حينما أصبح في مركز قوة شعبية وسلطاوية، قرر الفرار. لماذا قرر الفرار؟ قد أصدقكك أنه نبيل، لم يطق الدم، قد أصدقك أنه شعر أن القرار جرى بدون علمه، ويفسد خططه، فقرر الفرار. لكن ما أتيقنه أنه شعر أن ما هو به أكبر منه، ومن إمكانياته، فقرر الفرار.
 
هكذا يعرفون الرجال، يضعون في مواقف صعبة، فمن يفر هو جبان، ومن يواجه فهو رجل، أما هم فيعتبرون من فر مناضل، ومن يبقى ندل، هذه هي حقيقة الرؤية التي يراها الناس في بلادي للبرادعي، المعارضون يروه مناضل فذ، والعقلاء يرونه هارب ندل، تغريداته ترقى لمستوى النعيق، كلما غابت شكرنا الله، وكلما عادت ازددنا شكراً له، أننا لم نُخدع فيه، ولم يطل بقاءه في المنصب الحساس الذي كان به.
 
حينما نزل البرادعي مع أحد الإعلاميين إلى إحدى المناطق العشوائية لم يصدق هول ما رأى لكنه لما وصل للكرسي الثاني في الحكم في البلاد قرر الفرار قرر الجري ظاناً أن الجري هو نصف الجدعنة، ولكنه والحق يُقال هو الجدعنة كلها حينما يكون جرياً في إثر قاتل ندل يتخذ من اعتصام سلمي شكلياً دموي في الحقيقة، ستار ليمطر الناس بوابل من النيران، يعذب وينكل بمعارضيه، ويشقى البرادعي لفض الاعتصام.
 
قرار الفرار ليس وحدهه الذي كشف البرادعي على حقيقته بل تبعته، مواقف تغريدية كثيرة، وحديثه الأخير مع الجريدة النمساوية، يكشف عمق خيبته القوية حينما يظن أن الحياة بهذه الصورة المثالية، ويبدو لك غير واعي ولا مدرك لهول ما جرى بليبيا على إثر التدخل العالمي، ويطمح في تدخل مماثل له في سوريا، وكأن البرادعي لا يدرك من هم المقاتلين بسوريا، وضد من يقاتلون؟ لا يفهم أن سوريا أصبحت برميل بارود جديد قد ينجم عن انفجاره حرب عالمية ثالثة، وستكون لا محال حرباً نووية لكنه لا يفهم هذا، لسطحية فهمه السياسي.
 
البرادعي يحلم ولم يزل يحلم باحتواء الإخوان في مصر، ولكنه لا يحلم أبداً باحتوائهم في فرنسا وإدخالهم الحياة السياسية من باب مجلس النواب، البرادعي لم يتعظ مما فعلوه حال وصولهم للسلطة في مصر، وكانه كان يقف في خندق المعارضة آنذاك من باب الوجاهة لا الثورية، معتاد الكتابة على تويتر والنضال من فوق مفاتيح الكيبورد، وكأنه ولد ليعارض، وكأنه لم يحصل على أنواط وأوسمة من نظام يدعي أنه من أسقطه بعد هذا، البرادعي يؤكد أن العنف ليس حلاً، ولكن لم يقل لنا ما هو الحل إذن في وجهة نظره، هل هو أن نجيب لهم تورتاية، ونسيب لهم كام ميدان يرتعوا فيه ويمارسون فيه جهاد النكاح وتدريباتهم القتالية إلى أن يصلوا للحكم بالقوة المسلحة !؟
المختصر المفيد تباً للعقول الفارغة التي تعلو أجساد تلبس سترات فخمة.

More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter