ذكرت دار الإفتاء المصرية أن «المرجعية الفكرية التى يستند إليها تنظيم منشقى القاعدة، المعروف باسم (داعش)، فى الذبح ترجع إلى فكر الخوارج، الذين كانوا أول من فعل هذه الفعلة الشنيعة فى الإسلام».
وقالت: «الخوارج أوقفوا الصحابى عبدالله بن خباب بن الأرت، وسألوه عن أبى بكر وعمر وعثمان وعلى، رضوان الله عليهم أجمعين، فأثنى عليهم خيراً، فذبحوه فسال دمه فى الماء، وبقروا بطن امرأته وهى حامل».
وتناولت دار الإفتاء، فى تقريرها الذى أصدره «مرصد الفتاوى التكفيرية»، أمس، حول عقيدة الذبح عند تنظيم «منشقى القاعدة»، المعروف بـ«داعش»، تاريخ قطع الرؤوس عند العرب والأمم الأخرى.
وقال التقرير إن «قطع الرؤوس ممارسة قديمة عرفتها البشرية بمختلف أجناسها وثقافاتها، وهذه العملية اللا إنسانية كانت معروفة لدى بعض العرب فى الجاهلية، وبعد أن جاء الإسلام لم يثبت عن النبى (صلى الله عليه وسلم) أنه حُمل إليه رأس كافر بعد قطعه، ولا أنه أمر بحزِّ الرؤوس، بل إن النصوص الشرعية لم تؤسس لمثل تلك العقيدة التى ينتهجها تنظيم منشقى القاعدة فى القتل والذبح والتمثيل».
وأضاف التقرير، الذى حمل عنوان «الذبح.. الفريضة الغائبة عند التنظيمات الإرهابية»، أن «الكارثة الكبرى تكمن فى محاولات هذا التنظيم الإرهابى إيجاد مبررات من الدين الشريف لشرعنة هذه الانتهاكات».
وحول الأسباب التى تدفع التنظيم إلى «ارتكاب مثل هذه الفظائع التى تذكرنا بما فعله التتار والمغول حين دخلوا المدن الإسلامية، وعلى رأسها بغداد آنذاك»، أوضح تقرير دار الإفتاء أن «أبرز هذه الأسباب هو إشباع سادية القائمين على التنظيم الذين أدمنوا رؤية الدماء، فأصبحت رؤية هذه الرؤوس المقطوعة عامل نشوة لهم تمامًا مثل مدمنى المخدرات».
وتابع: «من ثم يتم التأثير على الأهالى حتى يأتمروا بأمرهم وينضووا تحت سلطانهم، بالإضافة إلى رفع معنويات المقاتلين فى صفوف التنظيم بإظهار قوة التنظيم وجبروته، وكذلك إيصال رسالة لأعداء التنظيم بأن هذه هى نهاية من يعاديهم، وقطع الرؤوس والتمثيل بالجثث جزاء من يحاربهم، فضلاً عن شن حرب أعصاب، باستخدام وسائل الإعلام المختلفة حتى يصل الخبر بكل مقوماته العنيفة لجميع أنحاء العالم».
وقال التقرير: «تنظيم منشقى القاعدة يعتمد فى رؤيته القتالية على عدد من الأحاديث والروايات التى يُسئ تأويلها وتفسيرها ويلوى أعناق نصوصها لتتوافق مع سياسته الإجرامية فى القتال والحرب، ليبرر بها شرعيته وادعاءاته التى يزعم من خلالها زورًا وبهتانًا تأسيس الخلافة الإسلامية فى الأرض، كما يبرر بها ما يرتكبه من فظائع وجرائم فى حق الإنسانية».
وأضاف: «التنظيم الإرهابى أصدر فتوى تبيح لمقاتلى التنظيم ذبح كل من يخالفهم، حيث نصت الفتوى على أن (الذبح فريضة إسلامية غائبة)، وهو ما يخالف ما جاء به دين الرحمة، وهذا الفهمُ المنحرف البغيض الذى يصدره هذا التنظيم التكفيرى خطأ ومخالف لكل قواعد الأصُول، لأنه إخراجٌ لصورة السَّبب عن عمُوم دلالة النصِّ، والقاعدةُ الأصولية تنصُّ على أنَّ: صورة السَّبب داخلةٌ قطعًا، لأنَّ العامَّ ورد لأجلها فلا يجوز إخراجُها من العامِّ».
وخلص التقرير إلى أنه «لم يرد نص شرعى صحيح صريح يدل على جواز ذبح العدو حيًّا، فضلاً عن أن يكون سنة نبوية متَّبعة! وأن النصوص وردت بالتفريق بين القتل والذبح، وجعلت الذبح خاصًّا بالبهائم والطيور».
وعن نشر هذه الأفعال الشنيعة فى وسائل الإعلام المختلفة، كما عهد ذلك تنظيم منشقى القاعدة، قال: «هذا جرم مركب، فقد كان النبى، صلى الله عليه وسلم، يراعى فى تصرفاته (الناحية الإعلامية)، فامتنع عن قتل بعض المنافقين حتى لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ، فصورة الإسلام فى الأذهان أهم من النكاية بالعدو».