بقلم د. يحيى الجمل
الذى ينظر إلى المنطقة التى تنتمى إليها مصر من العالم بقدر من الإمعان لابد أن يصيبه نوع من الفزع، ولابد أن يتساءل فعلاً: هل تقترب الزلازل من مصر قلب العروبة؟ وإذا اقتربت الزلازل من مصر فماذا نتوقع فى المستقبل القريب؟
الشىء المؤلم أن الزلازل ليست زلازل خارجية فحسب – وإن كانت هى الأخطر – إلا أن هناك أيضاً زلازل داخلية مازالت جماعة الإرهابيين الخونة تشنها على المواطنين الآمنين من أجل ترويعهم، وليس بعيداً أيضاً أن يكون ذلك الإرهاب بقصد توصيل رسالة فحواها «لا تذهبوا إلى صناديق الانتخاب»، حتى يفسدوا الاستحقاق الثالث من خريطة الطريق، خاصة فى ظل تخاذل الأحزاب المدنية وترددها بين يوم وآخر. تقرأ عنواناً اليوم عن التئام القائمة الفلانية، ثم تقرأ غداً عنواناً آخر عن تحالف جديد فى اليوم التالى، وصدقت الصحافة التى قالت إن مصر تواجه حرب استنزاف داخلية يشنها أولئك الذين لا ضمير لهم، والذين يظنون أنهم يتقربون إلى الله بقتل مواطن أو مجند أو ضابط، ولم يقرأوا أبداً قوله تعالى {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.
الإرهاب الداخلى الذى لا شبهة فى أن تمويله والتحريض عليه يأتيان من الخارج هو أحد الزلازل التى تهدد أمن مصر، وقد يكون أقلها خطراً كما قلت من قبل.
وتعالوا بنا ننظر إلى الزلازل الأخرى التى تحيط بمصر.
العراق الحبيبة دُمِّرت أو تكاد، وسوريا وعاصمتها دمشق التى قيل عنها «وعز الشرق أوله دمشق» تصدَّعت، وليبيا فى الغرب أصبحت الدولة فيها أثراً بعد عين. بعض مؤسسات الدولة تعيش على بقعة من الأرض محدودة بالقرب من طبرق فى الغرب وما حولها، أما ليبيا بالغة الاتساع فلا أحد يعرف من يحكم إقليمها أو شعبها. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وإذا تركنا شمال مصر (العراق وسوريا)، وغرب مصر (ليبيا)، واتجهنا إلى الجزيرة العربية وإلى اليمن بالذات، فإننا سنرى أن الخطر يتفاقم، وأن الزلزال القادم من هناك زلزال رهيب.
والحوثيون يسيطرون على العاصمة صنعاء، ورئيس الجمهورية والوزراء يرحلون من مواقعهم، والحوثيون يسيطرون على أغلب أجزاء اليمن.
وإذا سألنا أنفسنا: من يقف وراء تدمير العراق، وتدمير سوريا، وإشاعة الفوضى فى اليمن، فإننا سنهتدى بسهولة إلى أن إمبراطورية فارس (إيران) تتحرك من جديد لتسيطر على كل هذه المناطق من العالم العربى، ولم يبق أمامها إلا السعودية ومصر.
وقد يزيد من خطورة الأمر، إذا دققنا النظر، أن محاولات حثيثة تجرى بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية لتنقية الأجواء والتغلب على مشاكل الملف النووى.
والتقارب بين إيران والولايات المتحدة يخفى فى طياته إن لم يكن تقارباً مع إسرائيل، فعلى الأقل إرجاء المواجهة معها إلى حينٍ يعلم الله وحده مداه.
وهل يلفت النظر أن الولايات المتحدة الأمريكية منحت تأشيرات دخول إلى بعض عناصر الإخوان المسلمين؟
هل يعنى ذلك كله أن الزلازل تقترب من مصر، وأن علينا أن تكون كل أجهزتنا واعية متنبهة، وأن علينا أن ندرك أنه فى أحيان كثيرة «يؤتى الحذر من مأمنه»، كما يقول المثل القديم؟
أنا من الذين يعتقدون أن الله يحفظ مصر، وأن شعبها وجيشها ورجال أمنها وأزهرها وكنيستها، كل هؤلاء هم جند مصر وحراسها، ولكن علينا مع ذلك أن نتنبه تماماً وبكل ما نستطيع.
نقلآ عن المصري اليوم