تحالف البلدان شكلا قوة كبيرة صمدت في وجه عدة دول بأزمات مختلفة
حرب اليمن فرقت بين البلدين وجمعتهما نكسة "يونيو".. وفرقهما الصلح مع إسرائيل
كتب – نعيم يوسف
تحالفهما أو اتفاقهما يشكل قوة غير عادية، استطاعت الوقوف في وجه العديد من دول العالم، عدة مرات على مدى التاريخ، إنهما "مصر والسعودية" البلدان اللذان كلما اتحدا في موقف نجحا، وكلما وحدا هدفا حققاه، وهذا ما اتسمت به علاقتهما في معظم الأوقات على الرغم أن هذه العلاقات تخللتها بعض التوترات لعدة أيام سنوات... إلا أنه سرعان ما يعود البلدان لعلاقتهما مطبقين المثل الشعبي المصري القائل: "ما محبة إلا بعد عداوة".
حكم محمد علي
في مطلع القرن التاسع عشر كانت العلاقات بين البلدين علاقة حرب، حيث شن محمد علي باشا ثلاثة حملات عسكرية على السعودية، بهدف قمع الوهابيين في السعودية، ولم تستطع السلطنة العثمانية الصمود فاستنجدت بوالي مصر، الذي قاد إحدى الحملات بنفسه، عام 1812، بينما قاد ابنه طوسون باشا الحملة الأولى، ثم قاد إبراهيم باشا عام 1816 الحملة الثالثة والأخيرة والتي انتهت بتسلم إبراهيم باشا لـ"الدرعية" وهدمها وأسر الأمير عبد الله بن سعود وإرساله إلى محمد علي باشا في القاهرة، والذي أرسله بدوره إلى الآستانة، فطافوا به في أسواقها ثلاثة أيام ثم قتلوه.
فترة الاحتلال البريطاني
بدأت صداقة البلدين باتفاقية عام 1926، ثم تبعتها اتفاقية الرياض عام 1939، حيث قامت مصر بإنجاز بعض المشروعات العمرانية في السعودية، وكان للبلدين دور كبير في التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية، وأيدت السعودية مطالب مصر في جلاء القوات البريطانية عن أراضيها ووقع البلدين اتفاقية دفاع مشترك عام 1955، وذلك من خلال وفدا سعوديا ترأسه الملك فيصل بن عبد العزيز.
حكم جمال عبد الناصر
في بدايات حكم الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر شهدت العلاقات تعاونا كبيرا حيث أعلنت السعودية التعبئة العامة لجيشها للوقوف مع مصر في العدوان الثلاثي عليها، ودفعت 100 مليون دولار لبناء السد العالي بعد سحب التمويل الأمريكي، إلا أن العلاقات توترت بين البلدين بسبب حرب اليمن التي ساندت فيها مصر الثوار بينما ساندت المملكة النظام اليمني القائم، وذلك عقب تدخل القوات المسلحة المصرية عام 1962 في اليمن، ولكن العلاقات عادت بين البلدين حيث تصالح ناصر مع الملك فيصل في مؤتمر الخرطوم، بعد نكسة 67 عندما ساهمت السعودية في نقل الجيش المصري من اليمن، كما دعا الملك فيصل الدول العربية إلى توفير المساعدات الاقتصادية التي تمكن البلاد المعتدي عليها من إسرائيل من الصمود والمواجهة.
حرب أكتوبر وفترة السادات
خلال حرب أكتوبر بقيادة الرئيس أنور السادات، قررت السعودية قطع إمدادات البترول عن الدول الداعمة لإسرائيل وعلى رأسها الولايات المتحدة، كما قام قام الأمير سلطان بن عبد العزيز بتفقد خط المعركة في أحد الخنادق على الجبهة المصرية، إلا أن العلاقات عادت للتوتر مرة أخرى، بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، من قبل مصر، الأمر الذي قررت السعودية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع مصر بسببه.
عهد حسيني مبارك
عادت العلاقات المصرية – السعودية إلى طبيعتها مرة أخرى في عام 1987 في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، والملك فهد بن عبد العزيز، وأعلنت القاهرة دعمها للملكة في 12 مايو 2003 بعد إعلان تنظيم القاعدة مسؤوليته عن عدة تفجيرات انتحارية وقعت في الرياض واستهدفت عدة مجمعات يسكنها أجانب، وفي ثورة 25 يناير عام 2011 ساندت السعودية موقف مبارك، وأعلن الملك عبدالله بن عبد العزيز، عن استعداده لدفع المعونة الأمريكية التي تضغط بها الولايات المتحدة على مبارك للتنازل عن السلطة، إلا أن المملكة عادت لتساند الثورة، وتؤيد مطالب الشعب.
ما بعد ثورة يناير
بعد ثورة يناير أبدت السعودية رغبتها في تقديم الدعم المالي للقاهرة دون ارتباط بتأييدها لمبارك، كما قام المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الذي كان يمثل منصب رئيس الجمهورية في ذلك الوقت سافر إلى السعودية رغم الأوضاع الداخلية المتأزمة لتأدية واجب العزاء في الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد السعودي، لما تمثله السعودية شعبا وحكاما من مكانة لدى مصر.
أزمات ما بعد الثورة
شهدت هذه الفترة أيضا عدة أزمات، ومنها أزمات الحجاج المصريين عام 2011 الأمر الذي أدى إلى تظاهر المئات من المصريين أمام سفارة المملكة في القاهرة، كما أقيمت وقفة احتجاجية أخرى أمام السفارة عام 2012 احتجاجاً على اعتقال الناشط أحمد الجيزاوي، وفي أبريل قررت السعودية غلق سفارتها في القاهرة، ولكن وفدا برلمانيا مصريا رفيع المستوى غادر إلى الرياض واستطاع إنهاء الأزمة.
موقف تاريخي للسعودية في ثورة 30 يونيو
موقف السعودية المساند لثورة الثلاثين من يونيو، من أكثر المواقف التي يحفظها المصريون في قلوبهم للملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، حيث ساند الثورة بقوة، اقتصاديا وسياسيا، ورفض التدخل الأجنبي في شؤونها، ودعمها ماليا عدة مرات، ودعا العاهل الراحل إلى مؤتمر أصدقاء مصر، لدعم الاقتصاد المصري، وهو المقرر عقده في مارس المقبل، وكان العاهل السعودي أول المهنئين للرئيس السيسي بفوزه في الانتخابات، واجتمع معه في جلسة مباحثات ثنائية لتعزيز العلاقات بين البلدين بغرفة اجتماعات طائرة العاهل السعودى، وهي وتعد الزيارة هي الأولى من نوعها بعد الانتخابات الرئاسية المصرية 2014.