الأقباط متحدون - الوطن.. انحيازنا الوحيد
أخر تحديث ٠٥:١٢ | الأحد ١ فبراير ٢٠١٥ | ٢٦ طوبة ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٦٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

الوطن.. انحيازنا الوحيد

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

 كمال زاخر
لا نملك إدارة حوار بعيداً عن مخاطر اللحظة، التى صار فيها الوطن فى مرمى استهداف القوى المعادية، لتقويضه وتفتيته، والتى تحققت من هزيمتها، فانتابتها حالة هستيرية، بعد أن جاءت ردود الفعل فى الشارع معاكسة لتوقعاتهم، وفقدت النذر اليسير من بقية تعاطف انقلب إلى رفض كامل لهم بفعل الأعمال الإجرامية التى صدمت الوعى المصرى.

نحن إزاء هجمة شرسة رأس حربتها الجماعة الإرهابية وتفريعاتها، من القاعدة إلى مجرمى بيت المقدس، وفى خلفيتها الأحزاب الدينية التى خرجت من عباءتها وتراوغ فى إخفاء طبيعتها وتغطى أنيابها ومخالبها بتصريحات تكشفها مواقفها الرافضة للدولة المدنية، والمساواة على أرضية المواطنة غير المنقوصة.

وهى لحظة غير مسبوقة يتحالف فيها ضد مصر كل من سقط مشروعه فى إعادة صياغة خارطة المنطقة، سواء فى المربع العربى أو فى دائرة الشرق الأوسط، ومعهم من يقدمون خدماتهم ليفوزوا بتأسيس خلافتهم الجديدة، وهو حلم ظل يخايلهم ويعدون له على امتداد قرن من الزمان، بعد سقوط الدولة العثمانية، 1923، وتتحول قيادتها إلى رجل أوروبا المريض، وقد فشل فى أن يجد موقعاً له فى الإتحاد الأوروبى، الذى يقرأ بعيون مفتوحة تاريخه وموروثه.

وهى هجمة متوقعة بعد أن انكسرت ما سبقها من هجمات، على مدى السنوات الأخيرة، على صخرة الوطنية المصرية، التى صارت أكثر صلابة فى تأكيد على أن الضربة التى لا تقتلنى تقوينى، ولكنها تتطلب تناول ومواجهة أكثر حسماً وحزماً وانتباهاً، وتتطلب ابتداء التفافاً كاملاً دعماً للدولة، وهو ما سبق أن أكده شهيد الكلمة، الدكتور فرج فودة، الذى اغتالته إحدى الأذرع الأخطبوطية للجماعة الأرهابية 8 يونيو 1992، بعد أن أسقط عنهم أقنعتهم المدلسة، والمفارقة للشرعية، وسجل رؤيته فى كتابه "النذير" بمقولة ما زالت صحيحة حتى اليوم، "يصبح من واجب الجميع المختلفين منهم قبل المتفقين أن يتضامنوا مع الدولة لعبور المأزق الصعب"، ويعود ليؤكد "وفي صراع مثل هذا أعطى تأيدي للدولة دون تردد ، أنصحها بكل صدق وأؤجل خلافي معها إلى مرحلة تالية".
ولعل البعض ممن تستغرقهم خيالات التنظير يدركون الخطر الذى يتربصهم قبل غيرهم، فيكفوا عن الوقوف خارج الإجماع الوطنى، ويقدموا مصلحة الوطن عن مصالحهم الضيقة التى لن تتحقق فى اللاوطن.

ويلتفت فرج فودة إلى الحكام ليضع قاعدة لا بديل عنها فى لحظات المواجهات الحاسمة، فيقول فى كتابه "حوار حول العلمانية" مشيراً إلى هذه الجماعات الإرهابية "لن يعيدهم إلى مكانهم إلا سيف الشرعية، ولن يحمينا منهم إلا حزم السلطة وسلطة الحزم".

والشرعية والحزم هما اللذان شكلا خيارات الشارع المصرى عندما دفعوا بالرئيس عبد الفتاح السيسى إلى كرسى الرئاسة، بإجماع لم ينعقد لأحد قبله عبر انتخابات حرة وشفافة ونزيهة بشهادة العالم، وقد تبدت هذه السمات فيه بشكل واضح فى كافة المواقف التى تعرض لها الوطن.

واللحظة تفرض تفعيل الحزم والحسم فى مواجهة هذه الهجمة الشرسة التى شهدتها سيناء قبل أيام، وأودت بحياة عشرات من الجنود البواسل، ويتطلب الأمر بضرورة إعلان منطقة شبه جزيرة سيناء كمنطقة حرب، ً مع مدن القناة فى مرحلة حرب الاستنزاف التى أعقبت حرب الخامس من يونيو 1967.
وعلينا التخلى عن ما استقر فى التعامل مع سيناء وكأنها المدينة الفاضلة، فوقوعها فى قبضة الاحتلال لنحو ربع قرن (67 ـ 82) يحتمل امكانية سعى المحتل لتجنيد بعض من سكانها، والذين يمثلون الجيوب التى تحمى مصالحه، وتتحول الى جيوب داعمة للإرهاب، فى وسط طوفان الشرفاء الوطنيين من بدو سيناء.

وبالتوازى يتحتم اغلاق الحدود مع اسرائيل ومع غزة التى مازالت عملياً تخضع لسيطرة الجناح الغزاوى للجماعة الإرهابية التى أسقطتها ثورة 30 يونيو، حتى نجفف المنابع التى تمثل شريان الحياة للإرهابيين.

وطنى أن اللحظة تستوجب إعادة هيكلة الأجهزة المعلوماتية ذات الصلحة، فهى لحظة فرز تفرض الحيطة والحذر والانتباه لسد الثغرات التى تشكلت بفعل الأنظمة السابقة، وبالأكثر فى سنة الإخوان التى ألقت بظلالها على مؤسسات كثيرة، خاصة مع الإعفاءات الرئاسية الملتبسة والغامضة التى صدرت بها قرارات رئاسية من الرئيس المخلوع، والذى يخضع لمحاكمة عن اتهامات بالتخابر مع المنظمة التى خرجت من عباءة جماعته.

يبقى أن يحتمى الرئيس بالشعب، الذى اجمع على اختياره ودعمه، يصارحه ويفضح المتآمرين، ليسد أفواه المتربصين بالوطن، ويبادر بإقامة جسور تواصل مع الشباب النقى الذى كان المحرك الأساسى لثورة 30 يونيو والذى يؤمن به وبمصريته التى لا يمكن المزايدة عليها، ليقطع الطريف على القوى المعادية التى تسعى لاستقطابه.

فى اللحظات الفارقة يحتاج الوطن إلى: المساءلة، المصارحة، المكاشفة، المراجعة، الحوار ، الانضباط، الجدية، الاعتراف بالخطأ، تحديد المسئولية، ثم التوقف عن تبادل رمى الكرة فى الملعب الآخر.
ودرس التاريخ أن مصر لم ولن تسقط ابداً طالما بقيت موحدة ومنتبهة ومتيقظة، سيزول الإرهاب فهو وإن طال جملة اعتراضية فى سياق أزلى أبدى اسمه مصر.
نقلآ عن البوابة نيوز


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter