بقلم كريمة كمال | الأحد ١ فبراير ٢٠١٥ -
١٢:
٠٩ ص +02:00 EET
كريمة كمال
هل هناك اختيار بين أن تقف مع شابة صغيرة قتلت غدرا وهى تحمل لافتات وورودا، وبين أن تقف مع شرطة وجيش بلدك الذى يحميك فى لحظة صعبة ومصيرية من تاريخ هذه الأمة؟
أشعر وكأننا فى اختبار وعليك أن تختار الإجابة الصحيحة، على أن تكون واحدا من اثنين.. هذا بالضبط الوضع الذى نحن فيه الآن، إما أن تختار إدانة اغتيال شيماء الصباغ والمطالبة بالتحقيق العادل وإدانة القاتل، وإما أن تختار الدفاع عن الشرطة والجيش اللذين يدفع أفرادهما حياتهم يوميا من أجل الدفاع عن هذا الوطن.. لا أعرف من الذى وضعنا فى مثل هذا الاختيار.. هل هو الإعلام الذى يدين بعضه الثورة والشباب والثوار من أجل مصالح طبقة؟!.. أم هو خوف الناس فى منازلها من مصير دول عربية شقيقة؟.. أم هو الرعب الذى تخلفه وراءها قنابل الإخوان والذى يتمسك بأهداب الدولة فى يأس؟.. لقد هالنى ما قرأته فى المواقع من تعليقات على استشهاد شيماء.. هالنى أن نكون قد انحدرنا- أو على الأقل بعضنا- إلى حد تبرير مقتل فتاة لم ترفع إصبعا، ناهيك عن سلاح.. تبرير قتلها لأنها جرؤت على أن تخرج لا لتتظاهر- رغم أن هذا حقها- ولكن لتضع ورودا فى الميدان من أجل شهداء سقطوا من أجلنا جميعا.. فكرة التبرير نفسها وكأن البعض يبحث عن عذر للقتل، ولكن الأسوأ أنه يرسّخ لفكرة أنه لا توجد حقوق، ناهيك عن معارضة، وعندما نربط ذلك بكل الأصوات الفاشية التى تخرج علينا من كل القنوات إلا ما ندر. هذه الأصوات التى تستخدم ما يحيط بمصر من الداخل والخارج من إرهاب لتحيك مؤامرة من صنعها، مدّعية أن ثورة يناير كانت جزءا منها وأن الثوار والسياسيين ضالعون فيها، وفى وسط كل هذا يرتفع أكثر من صوت لينال من الأحزاب السياسية وضعفها، كل ذلك ليس بلا هدف، بل الهدف واضح وجلىّ تماما، وهو إخراس الألسن وتجفيف السياسة، والأهم هو القضاء على المكسب الأساسى لثورة يناير، وهو المشاركة والعودة إلى مربع السلطة تأمر والشعب يطيع.. المشكلة الحقيقية هنا هى أن من يسعى إلى هذا يستخدم خوف الناس ورعبهم مما يجرى، سواء من إرهاب داخلى أو تهديد خارجى، وهو الخوف الذى يجعل كثيرا من المصريين على استعداد لقبول أى شىء فى مقابل مواجهة الخطر المحدق، هذا الاستعداد هو الذى دفع عددا منهم إلى تبرير ما جرى لشيماء على طريقة «إن جالك الطوفان حط ابنك تحت رجليك»، وإن كان من الممكن أن نحوّرها لتكون «إن جالك الطوفان حط ضميرك تحت رجليك».
شيماء ماتت، ولكن أخشى ما أخشاه أن يموت شعب بأكمله أو على الأقل جزء كبير منه بفعل الخوف والشحن بخطاب فاشى، فيفقد إنسانيته وإدراكه، فقط لكى يحيا وكأنما هناك مفاضلة أخرى بين أن يعيش حرا بضمير وأن يخرس إلى الأبد خوفا على حياته.
من يتنازل عن حق الآخرين يصبح كمن يمضى صكا على بياض بالتنازل عن كل حقوقه.. ومن لا يدرك الدائرة الجهنمية التى يتم اصطياده إليها بالمفاضلة ما بين مقتل شيماء ومقتل جنودنا وضباطنا لا يفعل سوى إعادة تقسيم هذا الوطن لمن ينتمون لهذه ومن ينتمون لهؤلاء، لتأتى لحظة لا تسقط دموع أحدهما على الآخر.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع