الأقباط متحدون - كلمةٌ واحدةٌ فرقتنا
أخر تحديث ٢٣:٠٤ | الخميس ٢٩ يناير ٢٠١٥ | ٢١ طوبة ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٦١ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

كلمةٌ واحدةٌ فرقتنا

البابا كيرلس عمود الدين
البابا كيرلس عمود الدين

بقلم: ماجد سوس
منذ فترة  ليست بقليلة كنت قد لاحظت وجود أسرة لبنانية تأتي اسبوعيا لحضور صلاة القداس في كنيستي القبطية و لكني لاحظت في الآونة الأخيرة ان هذه الأسرة لم تعد تأتي مرة اخرى للصلاة بالكنيسة فعرفت ان كانت هناك طفلة من هذه الأسرة في زيارة و حضرت الطفلة مع اهلها الى القداس و عندما بدأ التناول من الأسرار المقدسة شعرت الجدة بأن حفيدتها الصغيرة ستسافر بالطائرة في ذات اليوم فتقدمت بها للتناول من جسد الرب و دمه و لكن ما حدث ان الأب الكاهن قال لها عندما جاء دورها لتناول الطفلة ان قانون الكنيسة لا يسمح لبعض الطوائف المسيحية من التناول الا بعد ترك طائقته و نوال سر المعمودية من جديد و من الممكن أن أدهن الطفلة بزيت الميرون بعد القداس فرفضت الأم هذا الكلام و لم تقبل ان تتعامل بنتها كأنها ليست مسيحية و بسبب هذا الموقف لم تعد هذه الأسرة تحضر القداس الإلهي في كنيستنا القبطية مرة أخرى.

    يذكرني هذا الموقف بموقف شبيه حدث معنا و نحن صغار حينما اشتركنا في فريق الترنيم بلكنيسة و تقدم شاب صغير و طلب ان يشترك معنا في الترنيم و بالفعل ارتبط بكل اجتماعات الكنيسة و يوما تقدم لنوال نعمة الأسرار الكنيسة و عند الإقتراب من جسد الرب و دمه قال للأب الكاهن عندما سأله من اي كنيسة انت فقال ان كاثوليكي فنظر اليه الكاهن وقال له اسف لن استطيع ان اناولك فكان حزن الشاب و المه كبيرا جدا .

صديق آخر في احدى ولايات امريكا لم يجد كنيسة قبطية فذهب الى كنيسة قريبة ووجد قداس يشبه القداس القبطي بكل روحانياته و عرف انها كنيسة روسية أرثوذكسية و عندما حان وقت التناول سأل شماسا قائلا أرغب في التناول انا قبطي ارثوذكسي قال له دعني اسأل الأب الذي يصلي القداس و كان اسقفا و بعد ان سأله التفت الاسقف للشاب القبطي و امام الجميع اشار له بأصبعه بالرفض.

أمور كهذه جعلتني افكر جيدا في ما يفعله الآباء في الأبناء فكما تحملنا فعلة ابونا ادم و خرجنا من الفردوس علينا ان نتحمل ما حدث من انشقاق للكنيسة تسبب عنه اننا أبناء المسيح تشتتنا و صرنا غرباء في الكنائس الأخرى و صار حلم الوحدة بعيد المنال .

من دراساتي في تاريخ الكنيسة و عقيدتها اعلم جيدا انها هناك خلافات حدث بين الكنيستين الشرقية و الغربية على اثرها حرمت الكنائس بعضها البعض بل ان الكنيسة الغربية هي التي قامت بحرمان الكنيسة القبطية اولا حتى لا يتسرع شخص ناعتا كنيستنا بالتعصب و التشدد و ان اشتركت في جزء منه .
و القصة بدأت عند نسطور بطريرك القسطنطينية عام(428) الذي قال ان المسيح لديه طبيعتين لم تتحدا فحل اللاهوت في المعمودية و تركه عند الصليب  لذا فالعذراء هي كريسطوكس و ليست ثيؤطوكس اي انها والدة المسيح و ليست والدة الله . الا ان نسطور عاد و في كتابه " بازار هيرقليدس" انكر انه دعا الى الفصل بين الطبيعتين . لذا تجد ان لازال هناك نساطرة في سورية و العراق يدافعون عنه حتى الآن.

الأمر الذي دعا البابا كيرلس الكبير (عامود الدين) بالدعوة الى مجمع أفسس عام 431 و الذي حضره 200 اسقفا، وإدانة نسطور بطريرك القسطنطينية.وقال كيرلس الكبير ان الاله الكلمة اتحد في يسوع اتحادا شخصيا اي طبيعة واحدة ، اتحاد اللاهوت مع الناسوت في التجسد .
و من هنا بدأت المشكلة فلفظ "شخص" بحسب المدرسة الأنطاكية تعني " الطبيعة" لذا كانت فرصة للنسطوريين و من بعدهم الكنيسة الغربية لمحاربة كيرلس الكبير و اتهامه بالهرطقة حينما قالوا ان كيرلس قصد ان يقول ان اللاهوت و الناسوت اصبحا طبيعة واحدة في المسيح و اصبحوا حتى الآن يرددوا عبارة كيرلس الشهيرة : " طبيعة واحدة للاله المتجسد " ، فلم يفهموا قصده بأنها طبيعة من طبيعتين أي اتحاد طبيعة اللاهوت مع طبيعة الناسوت في طبيعة واحدة دون امتزاج .

الأمر المضحك المبكي ما حدث في اليومين التاليين لمؤتمر أفسس ، فقد حضر الوفد الأنطاكي المكون من 33 اسقفا برئاسة البطريرك يوحنا الأنطاكي ، الى أفسس متأخرا ، فكانت فرصة لكنيسة أنطاكية ان تعقد المؤتمر مره أخرى في اليوم التالي مدعوما ب 150 اسقف من سوريا و من آسيا الصغرى و تعاقب كيرلس الكبير و تحكم عليه بالحرم و اتهامه بالهرطقة .

ثم جاء وفد روما هو الآخر متأخرا فعقد مجمع هو الآخر ولكنهم أيدوا فيه كلام البطريرك السكندري كيرلس الكبير و حرم البطريرك الأنطاكي يوحنا و حكموا هم أيضا على نسطور بالحرم .

بعد ذلك كان هناك راهب مسن يدعى اوطاخي رئيس دير أيوب في الربع (الحي) السابع من مدينة القسطنطينية و كان يحب البابا كيرلس الكبير و كان متعاطف مع كنيسة الإسكندرية جدا و بدأ يدافع عن ايمان الكنيسة القبطية و لكنه وهو يدافع بشراسة عن لاهوت عامود الدين وقع في هرطقة و صلت في دفاعه عن الطبيعة الواحده ان يقول ان الناسوت ذاب في اللاهوت مثلما تذوب نقطة الخل في المحيط و الذي اشعل الدنيا ان في دفاعه عن الأسكندرية كان يهاجم أنطاكية.

بعد عامين وقع صلح بين كنيستي الاسكندرية و انطاكية و للحق ان البطريرك يوحنا هو الذي سعى لمصالحة البابا كيرلس الكبير إلا ان هذا الصلح لم يقفل كل الجراح التي سببها نسطور بين الكنيستين.

استلم البابا ديسقوروس تركة ثقيلة جدا من سلفه البابا كيرلس الكبير و تحفز ضده النساطره و اتهموه انه يؤيد هرطقة اوطاخي و هذا لم يحدث كل الذي حدث ان اوطاخي التجأ إلى الإمبراطور خلال صديقه خريسوفيوس كبير الحجاب، كما لجأ إلى روما والإسكندرية وأورشليم وتسالونيكى.

 وقد كتب لاون بابا روما رسالة إلى أوطاخي يمتدحه فيها على غيرته ضد الثنائية النسطورية، وفى نفس الوقت ، بدهاء ، كتب إلى ديسقورس بابا الإسكندرية يدعوه لعقد مجمع لمناقشة الأمر .

لذا عقد البابا ديسقوروس مجمع افسس الثاني عام 449 و كانت من أهم قراراته إعادة اعتبارأوطاخي بعد ان اوهم المجمع انه عدل عن هرطقته ، وفى هذا لا يلام القديس ديسقورس لأننا نجد لاون بطريرك روما نفسه يكتب بأن  أوطيخا انزلق في الهرطقة عن جهل، إن تاب فليعامل حسنا. و قد كانت من قرارات المجمع أيضا خلع بعد الأساقفة النسطورين من كراسيهم .

و لكن عاد بابا روما ليرفض قرارات مجمع أفسس الثاني و يصدر امرا بإعادة بعض الأساقفة المحرومين في المجمع السابق و هنا عقد مجمع خلقيدونيا عام 451و الذي قسم الكنيستين الشرقية و الغربية
و في مجمع خلقيدونيا نوقش البابا ديسقوروس بشأن عقيدة أوطيخا الذي برّأه مجمع أفسس الثاني 449م؛ فقال الرجل بالحرف الواحد "إذا كان أوطيخا يتمسك بمفاهيم ترفضها عقائد الكنيسة، فهو يستحق ليس العقاب فقط بل النار أيضًا (أي جهنم) ،فإهتمامي إنما هو بالإيمان الجامع الرسولي وليس بأي إنسان أيًا كان
و العجيب ان البابا ديسقوروس في نفس المجمع قال "أنا أقبل عبارة "من طبيعتين بعد الاتحاد" وهو في تأكيده على الطبيعة الواحدة المتجسدة لله الكلمة أراد أن يثبت عدم التقسيم بين الطبيعتين من بعد الاتحاد، أراد أن يؤكّد ما أكّده القديس كيرلس الكبير عن استمرار وجود الطبيعتين في الاتحاد وعدم امتزاجهما.
و انتهت قرارات المجمع بوضع: " عبارة تحرم "كل من يعتقد بطبيعتين قبل الاتحاد وبطبيعة واحدة بعد الإتحاد " و رفضت الكنائس اللاخلقيدونية و من بينهم الكنيسة القبطية الجزء الثاني من العبارة و قالت ان للمسيح طبيعة واحدة يتحد فيها اللاهوت بالناسوت و لكن دون امتزاج او تغيير و راحت تتمسك بتعبير كيرلس الكبير " الإتحاد الإقنومي"

و دون الدخول في تفاصيل المجامع و التي انتهت بالحكم على لاون بابا روما بالحرم من قبل الكنائس اللاخيلقودنيا و حرم ديسقوروس من قبل الكنائس الخلقيدونية .
و في القرن العشرين و في عام 1988 استطاع البابا شنودة الثالث العظيم بابا الإسكندرية الوصول الى الاتفاق في العقيدة بين كنيستي الإسكندرية و روما عن طبيعة المسيح و كان يوما عظيما بين الكنيستين و ننتظر استكمال الحوار حول المطهر و انبثاق الروح القدس .

و قد طالبت الكنيسة القبطية رفع الحرم عن ديسقوروس لتقوم هي أيضا برفع الحرم عن لاون بابا روما طالما انهما كانا يدافعان عن الايمان بحسن نية .
حاولت جاهدا عزيزي القاريء ان ألخص جزءا هام من تاريخ الخلاف المسيحي المحزن حتى نصل يوما الى وحدانية حقيقية  على انني اود من رجال الكنيسة المستنيرين و بسلطان الحل الممنوح لهم من الله ان يجعل المتقدم للتناول ان يعترف بالإيمان بلاهوت المسيح و لا يحرمه ابدا من تناول جسد الرب و دمه طالما يشتاق اليه و يعرف قيمته لئلا و نحن نتمسك بالإيمان نعثر اولاد الله و نحرمهم ما حلله الله.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع