«الوطن» تكشف من قلب الأحداث: عناصر إخوانية اعتلت أسطح العمارات بعد السيطرة على الميدان.. وحملوا أسلحة «خرطوش وقنابل ومولوتوف» استعداداً لمواجهة الأمن
شهد حى المطرية اشتباكات دامية، أمس ، استمرت لمدة 18 ساعة متواصلة، بين قوات الشرطة وعناصر الإخوان التى أشعلت موجة جديدة من العنف والتخريب، تزامناً مع الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير.
وصلت الاشتباكات إلى ذروتها، خلال الساعات الأخيرة من الليل، بعد أن سيطر عناصر «التنظيم» على ميدان المطرية بالكامل، فى مقابل تراجع وإخلاء تكنيكى من جانب قوات الأمن، لأماكن الاشتباكات فى شارع التعاون بالمطرية. وقطع المتظاهرون مداخل ومخارج الميدان، بإشعال النيران فى صناديق القمامة، وإطارات السيارات، ووضع القطع الحجرية، لمنع الأمن من التقدّم، ونصبوا عدة خيام، استعداداً للاعتصام.
ميدان وشوارع المطرية تحولت إلى مسرح للكر والفر بين قوات الشرطة وعناصر الجماعات الإرهابية فى الذكرى الرابعة لـ«الثورة»
واعتلى عدد من عناصر «التنظيم» أسطح العمارات، بهدف التصدّى لقوات الأمن فى حالة تقدّمها لتفريق المتظاهرين، حاملين معهم زجاجات المولوتوف، وقنابل المونة البدائية، والخرطوش، ووقف عدد من عناصر «التنظيم»، ممن يسمون بـ«الندورجية»، على مقدمة الشوارع المؤدية إلى الميدان لرصد تحركات الأمن، وإبلاغ المتظاهرين، فيما أنقذ الأهالى أحد أمناء الشرطة، بعد أن أمسك به بعض العناصر، واعتدوا عليه، أثناء مروره صدفة ليلاً، بالقرب من الميدان، فى طريقه إلى منزله، وكادوا يفتكون به لولا تدخل بعض الأهالى.
ولم يكتفِ الإخوان بالسيطرة على ميدان المطرية فقط، لكنهم تقدموا، وهم يردّدون هتافات مناهضة للجيش والشرطة، نحو شارع «الكابلات» باتجاه قسم الشرطة، مصطحبين معهم سلال القمامة الكبيرة كدروع واقية، فى حالة نشوب اشتباكات مع الشرطة، وتمكنوا من الوصول إلى القسم، وألقوا عليه قنابل المونة والمولوتوف والخرطوش، إلا أنه بعد اقترابهم من محيط القسم، فى محاولة لاقتحامه، تقدّمت مدرعات الشرطة «ميدز»، كاسحات الحواجز، وأطلقت تجاه ميليشيات «التنظيم» الخرطوش والغاز المسيل للدموع، كما أطلق بعض الضباط الرصاص الحى فى الهواء، لدفع المتظاهرين إلى التراجع، وتقدّمت قوات الشرطة باتجاه أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى، الذين فروا إلى الشوارع الجانبية، وغادروا الميدان الذى استحوذت عليه قوات الشرطة تماماً بعد ساعات من سيطرة الإخوان عليه، وقبل إعلانهم الاعتصام.
سيطرة الأمن على ميدان المطرية، دفعت الإخوان إلى قطع شارع الحرية، القريب من الميدان، فى محاولة لخلق بؤرة تمركز جديدة لمتظاهرى «التنظيم»، ووضعوا إطارات السيارات المشتعلة إلى جانب صناديق قمامة كبيرة الحجم، استعداداً للدخول فى مواجهات جديدة مع الشرطة، ولاقتناص أى فرصة للعودة إلى الميدان مرة أخرى، إلا أن قوات الأمن، التى تم دعمها بمدرعتين للجيش، استطاعت تفريق المتظاهرين مجدداً، وإعادة الحركة إلى شارع الحرية، وعقب اختفاء المتظاهرين وهدوء الأوضاع، توجّه العشرات من الأهالى إلى ميدان المطرية، معلنين دعم القوات المسلحة والشرطة، وتأييد الرئيس عبدالفتاح السيسى، ورفعوا أعلام مصر.
وظلت قوات الأمن مسيطرة على مداخل ومخارج «الميدان»، حتى الساعات الأولى من صباح اليوم، وفتحت جميع الطرق أمام حركة السيارات والمارة، بعد أن ظل الميدان مغلقاً بمدرعات الداخلية والقوات المسلحة وسيارات مكافحة الشغب، لساعات متواصلة عقب سيطرة الشرطة عليه.
الشرطة نجحت فى إخلاء الميدان قبل بدء الاعتصام.. ومصدر أمنى: أغلب المحتجزين جاءوا من أحياء ومحافظات أخرى
ولم يسلم الأهالى من أعمال العنف والتخريب التى مارسها أنصار «مرسى»، واضطروا إلى إغلاق المقاهى والمطاعم، خوفاً من عنف الإخوان، كما تحطمت نوافذ أحد المنازل المطلة على شارع الحرية، وأصيب السكان فى داخله بحالات اختناقات مؤقتة، جراء الاشتباكات وتبادل الشماريخ والقنابل المسيلة للدموع والخرطوش بين الأمن والإخوان، وتوجه إليهم بعض رجال الإسعاف والأمن لحمايتهم، فيما سقطت إحدى القنابل فى محيط مجمع للمحال التجارية، رفض صاحبه إغلاق أبواب المجمع لبيع منتجاته للأهالى والمتظاهرين على حدٍّ سواء، وأصيب الأهالى الذى كانوا موجودين بمحيط المجمع التجارى بالفزع، بعدما أصيبت إحدى السيدات بطلق خرطوش فى ذراعها اليمنى، واصطحبها البعض إلى أحد الشوارع الجانبية لإسعافها. وعلى بُعد مائتى متر من ميدان المطرية، استقبل مستشفى المطرية التعليمى، المصابين والقتلى من صفوف المتظاهرين والأهالى، جراء الاشتباكات التى أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات، ورفض بعض المصابين الدخول إلى المستشفى خوفاً من القبض عليهم، حسب ما قاله مواطن يُدعى «كريم»، الذى كان فى انتظار أحد أقاربه المصاب بطلق خرطوش فى بطنه، قائلاً لـ«الوطن»: «فيه ناس كتيرة رفضت تدخل المستشفى علشان مايتقبضش عليها، وهناك أكثر من 100 مصاب، وأكثرهم رفضوا الحضور إلى المستشفى، وأصحابهم وأهاليهم قاموا بنقلهم إلى عيادات خارجية»، مشيراً إلى أن الأعداد التى ستُعلن عنها إدارة المستشفى ستكون قليلة، مقارنة بأعداد المصابين الحقيقيين الذين سقطوا خلال الاشتباكات.
وكانت الساعات الأولى من مشاهد العنف الإخوانى فى المطرية، قد بدأت بمجرد انطلاق مسيرة الإخوان، من مسجد النور المحمدى بالمطرية، إلى اتجاه قوات الأمن الموجودة فى الميدان، وهاجم عناصر «التنظيم» جنود وضباط الشرطة بزجاجات المولوتوف، والألعاب النارية، إلا أن قوات الأمن تصدت لهم بالقنابل المسيلة للدموع، وأجبرتهم على الرجوع إلى الشوارع الجانبية، لتتوالى بعد ذلك عمليات عنف الإخوان من قطع طرق واشتباكات متفرقة مع الأهالى والأمن، حتى تصل إلى ذروتها فى الساعات الأخيرة من مساء أمس ، بعد سيطرتهم على ميدان المطرية.
حريق «الإرهابية» يلتهم كشك الترام
ومن جانبه، أصدر ما يُسمى بتحالف «دعم الشرعية»، بعين شمس والمطرية، بياناً صباح اليوم، حرّض خلاله أنصار «المعزول» على مواصلة العنف فى المطرية.
يُشار إلى أن الإخوان وحلفاءهم، سعوا لتحويل المطرية إلى بؤرة مشتعلة منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى، فى 30 يونيو، وذلك بعد السيطرة الأمنية على حى عين شمس، وملاحقة عناصر «التنظيم» هناك، مما دفع جزءاً كبيراً منهم، إلى جانب أفراد الجماعة الإسلامية والجهاديين، للفرار إلى الحى القريب، الذى يمتلئ بالحارات الضيقة والأزقة التى يصعُب على سيارات الأمن الدخول فيها، إضافة إلى طبيعة المنطقة التى تشهد كثافة سكانية عالية، وعشرات المحلات التجارية والورش والمصانع الصغيرة. وتعرّض قسم المطرية للاحتراق مرتين، الأولى فى ذكرى 28 يناير العام الماضى، والثانية أثناء عمليات تجديده منذ ثلاثة أشهر، بعد أن اعتدت عليه مسيرة إخوانية. الحاج أحمد، رجل ستينى، يمتلك أحد المحال التجارية فى ميدان المطرية، قال لـ«الوطن»: «كان يوم أسود فى تاريخ المطرية، تسبّب الإخوان فى تكسير عدد من المحلات التجارية، وسقط من أهالى المطرية عدد من الضحايا، لم يكن لهم ناقة ولا جمل، كل ذنبهم أنهم من سكان الحى، سواء قتلى أو بإصابات». وقال عبدالواحد السوهاجى، مالك أحد الأكشاك فى ميدان المطرية، وينتمى إلى «أصول المطرية» حسب وصفه، إن المنطقة تشتهر بسوق الخميس، التى يتوافد عليها أسبوعياً آلاف الباعة، وأكثر منهم المواطنون، ويشهد عمليات بيع وشراء واسعة، مما يجعل الحى مفتوحاً أمام غيره من باقى الأحياء والمحافظات، الأمر الذى جعل الإخوان يختارون المطرية تحديداً، لأنه من الطبيعى أن يكون فى الحى الكثير من المواطنين الأغراب، والملاحقة الأمنية فيه ستكون عملية صعبة على قوات الشرطة.
وفى سياق متصل، قال مصدر أمنى لـ«الوطن»، ضمن القوات الأمنية الموجودة فى الميدان، إن قوات الأمن تتفهم طبيعة الحى جيداً، وترصد توافد عدد كبير من عناصر الجماعة الإرهابية عليه للتظاهر، و«لن نعاقب أهالى المنطقة بسبب الإخوان». وأكد أن الشرطة ستلتزم نهجاً جديداً فى تأمين الحى يعتمد على توفير قوة أمنية مكثّفة وثابتة، مكوّنة من مدرعات شرطية، إضافة إلى كمائن متحركة وقوى انتشار سريعة لتأمين المواطنين والتصدى لتظاهرات الإخوان.
وكشف المصدر عن أن عدداً كبيراً من الذين ألقى القبض عليهم خلال الاشتباكات، ينتمون إلى أحياء أخرى، مثل عين شمس وشبرا، إضافة إلى وجود عدد كبير من محافظات الشرقية والقليوبية والإسماعيلية، مما يؤكد تركيز «الإخوان» على الحى، وإصدار تعليمات لعناصر «التنظيم» فى أماكن ومحافظات مختلفة، بالتوجه إليه وإشعاله واستغلال شهرته إعلامياً.