منظمة الأمم المتحدة ومكافحة الإرهاب:
تبنت الأمم المتحدة، منذ أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، عدة قرارات تناولت فيها الإرهاب الدولى، وتركزت أساساً فى أعمال الاستيلاء على الطائرات وتحويل مسارها وتهديد ركابها، التى كانت سائدة فى ذلك الوقت، ودعت الدول والمنظمات الدولية المعنية إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمكافحة الأعمال الإرهابية ومعاقبة مرتكبيها.
وتعتبر المرحلة التى امتدت منذ بداية أعوام التسعينيات وحتى أحداث الحادى عشر من سبتمبر ٢٠٠١ وما بعدها من أهم المراحل فى تاريخ مكافحة الإرهاب الدولى.
وقد حظيت باهتمام واسع النطاق، سواء على مستوى الجمعية العامة أو مجلس الأمن.
ويتيح لنا استقراء الوثائق الرسمية الصادرة عن الأمم المتحدة فى تلك المرحلة إمكانية القول إن جهود الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب- من خلال قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن وتقارير اللجان ذات الصلة- قد عملت على بلورة وتأكيد القاعدة العرفية التى تحرم الإرهاب وتقرر عدم مشروعيته، كما ساهمت فى تنبيه الرأى العام العالمى إلى خطورة العمليات الإرهابية وضرورة إدانتها.
وفيما يلى نعرض لجهود كل من الجمعية العامة ومجلس الأمن فى مكافحة الإرهاب:
أولاً: الجمعية العامة للأمم المتحدة ومكافحة الإرهاب:
بحثت الجمعية العامة، ابتداءً من عام ١٩٩١ فى دورتها السادسة والأربعين، موضوع الإرهاب الدولى، تحت عنوان: «التدابير الرامية إلى القضاء على الإرهاب الدولى».
ومنذ ذلك الحين أصدرت الجمعية العامة عدة قرارات تتعلق بتدابير القضاء على الإرهاب، نذكر منها:
- القرار ٤٦/٥١ الصادر فى ٩ ديسمبر ١٩٩١ وثيقة رقم (٥١/٤٦/A/RES).
- القرار ٤٩/٦٠ الصادر فى ٩ ديسمبر ١٩٩٤ وثيقة رقم (٦٠/٤٩/A/RES).
- القرار ٥٠/٦٠ الصادر فى ١١ ديسمبر ١٩٩٥ وثيقة رقم (٦٠/٥٠/A/RES).
- القرار ٥١/٢١٠ الصادر فى ١٧ ديسمبر ١٩٩٦ وثيقة رقم (٢١٠/٥١/A/RES).
- القرار ٥٢/١٦٥ الصادر فى ١٥ ديسمبر ١٩٩٧ وثيقة رقم (١٦٥/٥٢/A/RES).
- القرار ٥٣/١٠٨ الصادر فى ١٣ ديسمبر ١٩٩٨ وثيقة رقم (١٠٨/٥٣/A/RES).
- القرار ٥٤/١١٠ الصادر فى ٩ ديسمبر ١٩٩٩ وثيقة رقم (١١٠/٥٤/A/RES).
- القرار ٥٥/١٥٨ الصادر فى ١٢ ديسمبر ٢٠٠٠ وثيقة رقم (١٥٨/٥٥/A/RES).
وتعكس هذه القرارات، بوجه عام، تنبيه المجتمع الدولى إلى خطورة الإرهاب وتأثيره على حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، كما تعكس عزم المجتمع الدولى على قمعه وإدانته، أياً كانت أسبابه، وأينما وجد.
وكانت استجابة الجمعية العامة لأحداث الحادى عشر من سبتمبر عام ٢٠٠١- التى تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية- غير مسبوقة وغير متوقعة، من حيث السرعة فى اتخاذ القرار، حيث اتخذت فى اليوم التالى مباشرة القرار رقم ٦٥/١، لتدين بقوة الأعمال الإرهابية التى وقعت فى واشنطن ونيويورك وبنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية، كما دعا القرار إلى التعاون الدولى لتقديم مرتكبى تلك الأعمال الإرهابية إلى المحاكمة على وجه السرعة، وكذلك التعاون من أجل منع الأعمال الإرهابية.
وفى ١٢ ديسمبر ٢٠٠١، أصدرت الجمعية العامة قرارها رقم ٥٦/٨٨ المعنون: «التدابير الرامية إلى القضاء على الإرهاب الدولى»، وقد دعت فيه جميع الدول إلى اتخاذ تدابير إضافية للقضاء على الإرهاب الدولى، كما طلبت من جميع الدول الامتناع عن تمويل الأنشطة الإرهابية، أو تشجيعها، أو التدريب عليها، أو دعمها بأى صورة كانت.
ثم توالت القرارات من الجمعية العامة، ولم تخرج فى إطارها العام عن ذات مضمون قراراتها السابقة، حتى أطلق الأمين العام «كوفى عنان» مقترحاته لوضع استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب فى ١٠ مارس ٢٠٠٥.
واتفقت الدول الأعضاء، لأول مرة فى مؤتمر القمة، الذى عقد فى سبتمبر ٢٠٠٥ على إدانة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره أياً كان مرتكبه، وأينما ارتكب، وأياً كانت أغراض ارتكابه، إدانة واضحة وقاطعة. كما اتفق أيضاً قادة العالم، فى الوثيقة الختامية التى اعتمدت فى الجلسة العامة رفيعة المستوى، التى عقدتها الجمعية العامة فى الفترة من ١٤ إلى ١٦ سبتمبر ٢٠٠٥، على بذل كل جهد ممكن للتوصل إلى اتفاق بشأن تعريف موحد للإرهاب، ووضع صيغة نهائية لاتفاقية شاملة بشأن مكافحة الإرهاب.
وبناء عليه، تقدم الأمين العام بتقريره إلى الجمعية العامة، فى ٢ مايو ٢٠٠٦، تحت عنوان: «الاتحاد فى مواجهة الإرهاب»، والذى اتخذته الجمعية العامة أساساً للمناقشات التى دارت عند اعتماد الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب بالقرار رقم ٦٠/٢٨٨١ فى ٨ سبتمبر ٢٠٠٦، فى شكل قرار وخطة عمل مرفقة به.
وتجدر الإشارة إلى أن الاستراتيجية المقترحة من قِبَل الأمين العام لمكافحة الإرهاب، والتى اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة، تقوم على خمسة عناصر رئيسية:
- تثبيط الجماعات عن اللجوء إلى الإرهاب.
- منع الإرهابيين من الحصول على الوسائل التى تمكنهم من شن هجوم.
- ردع الدول عن دعم الجماعات الإرهابية.
- تنمية قدرة الدول على منع الإرهاب.
- الدفاع عن حقوق الإنسان فى سياق مكافحة الإرهاب.
كما لا تفوتنا الإشارة كذلك إلى قرارى الجمعية العامة، الصادرين فى ٥ و٨ سبتمبر٢٠١٠، المعنونين: «استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب»، وقد أكدا أن مسؤولية تنفيذ الاستراتيجية تقع على عاتق الدول الأعضاء فى المقام الأول، مع الاعتراف بالدور المهم الذى تقوم به الأمم المتحدة فى تيسير الاتساق فى تنفيذ الاستراتيجية، وتقديم المساعدة، فعلى الدول اتخاذ مجموعة من الإجراءات على وجه الاستعجال، «فى إطار خطة العمل»، تكفل منع الإرهاب ومكافحته بجميع أشكاله ومظاهره.
ثانياً: مجلس الأمن ومكافحة الإرهاب:
يمكن القول إن نشاط مجلس الأمن فى التصدى للإرهاب- قبل فترة التسعينيات- كان محدوداً، حيث اقتصر على الإدانة والشجب، أو دعوة الدول إلى اتخاذ التدابير اللازمة لمنع وقمع الأعمال الإرهابية، ولم يتعداها إلى استخدام السلطات الممنوحة له، طبقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
أما فى فترة التسعينيات وحتى ما بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر لعام ٢٠٠١، فقد اختلف الأمر، حيث انتهت الحرب الباردة وسيطرت الولايات المتحدة الأمريكية على مجلس الأمن، الذى أصبح يتصرف بمقتضى الفصل السابع من الميثاق، وفرض العقوبات الاقتصادية ضد أفغانستان «حركة طالبان، وتنظيم القاعدة»، وضد ليبيا وكذلك ضد السودان، وكان ذلك كله إثر حوادث إرهابية تبين لمجلس الأمن تورط تلك الدول فيها.
وقد جاء رد فعل مجلس الأمن تجاه أحداث الحادى عشر من سبتمبر ٢٠٠١ سريعاً وحاسماً، حيث أصدر فى ١٢ سبتمبر ٢٠٠١ قراره رقم ١٣٦٨، الذى اتخذ بالاجماع، وقد أدان فيه، بصورة قاطعة وبأشد العبارات، تلك الهجمات الإرهابية المروعة، واعتبرها تهديداً للسلم والأمن الدوليين، وأهاب بالمجتمع الدولى أن يضاعف جهوده من أجل منع الأعمال الإرهابية وقمعها عن طريق زيادة التعاون الدولى والتنفيذ التام للاتفاقيات الدولية لمكافحة الإرهاب، ودعا الدول للعمل معاً من أجل تقديم مرتكبى هذه الهجمات ومنظميها ودعاتها إلى العدالة.
وفى ٢٨ سبتمبر ٢٠٠١، أصدر مجلس الأمن- وهو يتصرف بموجب الفصل السابع من الميثاق- القرار رقم ١٣٧٣، الذى يعد من أهم قرارات مجلس الأمن على الإطلاق فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، ويعتبر بجانب الاتفاقيات الدولية ذات الصلة المتعلقة بالإرهاب، إحدى الدعائم التى يرتكز عليها النظام القانونى الدولى لمنع الإرهاب والعقاب عليه.
ولعل أهم ما جاء فى القرار فرض تدابير يجب على جميع الدول اتخاذها، وتتضمن منع وتحريم تمويل الأعمال الإرهابية وتجميد أموال الإرهابيين ومن يرتبط بهم من أشخاص وكيانات، والامتناع عن تقديم الدعم للإرهابيين وعدم توفير الملاذ الآمن لهم أو لمن يمولونهم أو يساعدونهم، وكفالة تقديم الإرهابيين للعدالة، وإدراج الأعمال الإرهابية فى القوانين الوطنية بوصفها جرائم خطيرة.
وكذلك طلب المجلس من الدول تبادل المعلومات بشأن أعمال وتحركات الإرهابيين، والتعاون فى الشؤون الإدارية والقضائية لمنع ارتكاب الأعمال الإرهابية، كما طلب الانضمام إلى الاتفاقيات والبروتوكولات ذات الصلة بالإرهاب، وكفالة عدم الاعتراف بالادعاءات بوجود بواعث سياسية كأسباب لرفض طلبات تسليم الإرهابيين المشتبه فيهم.
وتجدر الإشارة إلى أن المجلس قد أنشأ بموجب القرار المشار إليه لجنة مكلفة برصد التدابير التى تعتمدها الدول، تنفيذاً له، وبذلك يكون المجلس قد طرح مبادرتين ابتكاريتين فى الكفاح ضد الإرهاب، تتمثلان فى إنشاء اللجنة ورصدها للتدابير التى تقرها الدول، إعمالاً للقرار.
وبات مجلس الأمن، عقب القرار ١٣٧٣ يضطلع بدور قيادى فى توجيه وتنسيق الجهود العالمية لمكافحة الإرهاب، ولاسيما وقد أنشأ بموجب القرار المذكور لجنة لمكافحة الإرهاب، كما أصبح يتصرف بقوة ليرقى إلى مستوى مسؤولياته فيما يتعلق بالتهديد العالمى الذى يشكله الإرهاب.
وفى الفترة من ٢٠٠١ حتى ٢٠٠٥، أصدر مجلس الأمن عدة قرارات بشأن الإرهاب، لتعزز وتؤكد التدابير التى تضمنها القرار السابق الإشارة إليه، والذى يمكن اعتباره حجر الزاوية فى عمل الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب. كما جاءت تلك القرارات لتؤكد من جديد أن أعمال الإرهاب الدولى تشكل أحد أخطر التهديدات التى تواجه السلام والأمن الدوليين، وأنها تتنافى مع مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة. ونشير إلى نماذج من هذه القرارات:
- فى نوفمبر ٢٠٠١ أصدر إعلاناً بشأن الجهود العالمية لمكافحة الإرهاب.
- وفى أكتوبر ٢٠٠٢ كان قراره بإدانة الأعمال الإرهابية فى بالى.
- وفى أكتوبر ٢٠٠٢ أيضاً أصدر قرارا بإدانة خطف الرهائن فى موسكو.
- وفى ديسمبر ٢٠٠٢ أصدر قرارا بإدانة الأعمال الإرهابية فى كينيا.
- وفى فبراير ٢٠٠٣ أصدر قرارا بإدانة الأعمال الإرهابية فى بوغوتا بكولومبيا.
- وفى نوفمبر ٢٠٠٣ كان قراره بإدانة الأعمال الإرهابية فى اسطنبول.
- وفى مارس ٢٠٠٤ أيضا كان قراره بإدانة الأعمال الإرهابية فى مدريد.
- وفى مارس ٢٠٠٤ أصدر قراراً بتأسيس الإدارة التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب.
- وفى أكتوبر ٢٠٠٤ حذر الدول من الأخطار التى تهدد السلام والأمن الدوليين جراء الأعمال الإرهابية.
- وفى يوليو ٢٠٠٥ أصدر قراره بإدانة الأعمال الإرهابية فى لندن.
- وفى أغسطس ٢٠٠٥ أصدر قراره بإدانة الأعمال الإرهابية فى العراق.
- وفى سبتمبر ٢٠٠٥ أدان بقوة ما يشكله التحريض على الأعمال الإرهابية المرتكبة بدافع التطرف والتعصب.
الاتفاقيات الدولية الإقليمية ومكافحة الإرهاب:
١. اتفاقية منظمة الدول الأمريكية لعام ١٩٧١ لمنع ومعاقبة أعمال الإرهاب التى تأخذ شكل الجرائم ضد الأشخاص:
أُبرمت الاتفاقية فى فبراير ١٩٧١، وهى تتكون من ديباجة وثلاث عشرة مادة. وقد وافقت عليها منظمة الدول الأمريكية لتواجه بها تزايد الأعمال الإرهابية فى قارة أمريكا اللاتينية وازدياد حالات العنف السياسى، والاعتداء على السفارات وخطف أعضاء البعثات الدبلوماسية.
وتلتزم الدول الأطراف بالاتفاقية بالتعاون فيما بينها، واتخاذ الإجراءات الفعالة التى تراها مناسبة طبقاً لتشريعاتها الجنائية لمنع ومعاقبة الأعمال الإرهابية، خاصة القتل والخطف والاعتداءات الأخرى الموجهة ضد حياة وسلامة الأشخاص، مع جواز تسليم الأشخاص المتهمين بارتكاب أى من هذه الجرائم.
٢. الاتفاقية الأوروبية لقمع الإرهاب لعام ١٩٧٧:
أُبرمت الاتفاقية فى يناير عام ١٩٧٧، وهى تتكون من ديباجة وست عشرة مادة، وتهدف إلى ضمان عدم اعتبار بعض الجرائم المعنية جرائم سياسية، بما يتيح تسليم المتهمين المتورطين فيها. والحقيقة أن الاتفاقية لا تعالج إلا جانباً واحداً من جوانب الإرهاب، وهو الإرهاب السياسى الموجه ضد الدول، ولهذا فإنه يخرج من نطاق تطبيق الاتفاقية إرهاب الدولة، وكذلك الإرهاب الفردى الذى يمارس لأغراض غير سياسية، حيث تركز الاتفاقية بصفة أساسية على الإرهاب الذى يمارس لأغراض سياسية.
٣. الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لعام ١٩٩٨:
أُبرمت الاتفاقية فى أبريل عام ١٩٩٨، ودخلت حيز النفاذ فى مايو ١٩٩٩، وهى تتكون من ديباجة واثنتين وأربعين مادة. وقد ألزمت الاتفاقية الدول بالعمل على منع الجرائم الإرهابية طبقاً للقوانين والإجراءات الداخلية لكل دولة، وعدم استخدام أراضيها كمسرح للتخطيط أو تنفيذ الجرائم الإرهابية أو للإيواء، كما حثت الاتفاقية الدول المتعاقدة على ضرورة إلقاء القبض على مرتكبى تلك الجرائم ومحاكمتهم وفقاً للقانون الوطنى أو تسليمهم، كما أكدت الاتفاقية على تبادل المعلومات بين الدول بشأن أنشطة الجماعات الإرهابية وقيادتها وعناصرها وأماكن تمركزها ووسائل ومصادر تمويلها وأنواع الأسلحة والذخائر التى تستخدم وغيرها.
وجدير بالذكر هنا أن القمة العربية الخامسة والعشرين التى انعقدت بالكويت فى يناير ٢٠١٤، أكدت أهمية تفعيل أحكام هذه الاتفاقية، وضرورة التعاون العربى والدولى لمكافحة الإرهاب الذى تتعرض له غالبية دول العالم. كما أن الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجى- والتى ترتبط مباشرة منذ نشأتها عام ١٩٩٧ بقادة دول المجلس- كانت قد أصدرت فى سبتمبر ٢٠٠٥ قراراً بإنشاء مركز إقليمى لمكافحة الإرهاب و١٣ توصية تتناول المعالجة الأمنية لظاهرة الإرهاب.
٤. اتفاقية المؤتمر الإسلامى لمحاربة الإرهاب الدولى ١٩٩٩:
عُقدت هذه الاتفاقية بأجادوجو فى أول يولية ١٩٩٩، ودخلت حيز النفاذفى ٧ نوفمبر ٢٠٠٢، وقد استثنت الاتفاقية الجرائم الإرهابية من تعداد الجرائم السياسية، كما لم تغفل التفرقة بين الجريمة الإرهابية وبين أعمال الكفاح المسلح ضد العدوان أو الاحتلال. ثم توسعت فى نطاق الحماية لتشمل أفعال العنف أو التهديد به التى تعرض المرافق الدولية للخطر، أو تهدد الاستقرار أو السلامة الإقليمية أو الوحدة السياسية أو سيادة الدول المستقلة. كما اعتبرت الاتفاقية أن جميع الجرائم الدولية التى ترتكب بغرض تمويل الإرهاب تعد جرائم إرهابية تستحق أشد العقوبات.
وكذلك نذكر من الاتفاقيات الدولية الإقليمية لمواجهة الإرهاب التى تضمنت نفس المفاهيم السابق الإشارة إليها:
٥. البروتوكول المعدل للاتفاقية الأوروبية لقمع الإرهاب، المعتمد فى ستراسبورج ١٥ مايو ٢٠٠٣.
٦. اتفاقية شنغهاى المتعلقة بمحاربة الإرهاب والانفصال والتطرف، المبرمة فى ١٥ يونيه ٢٠٠١، ودخلت حيز النفاذ فى ٢٩ مارس ٢٠٠٣.
٧. بروتوكول الاتحاد الأفريقى لمنع الإرهاب ومحاربته، المبرم فى أديس أبابا ٨ يوليو ٢٠٠٤.
٨. اتفاقية الدول الأمريكية لمناهضة الإرهاب، الموقعة فى بريدج تاون ٣ يونيه ٢٠٠٢، ودخلت حيز النفاذ فى ١٠ يوليه ٢٠٠٣.
٩. اتفاقية مجلس أوروبا لقمع الإرهاب، الموقعة فى وارسو ١٦ مايو ٢٠٠٥.
١٠. اتفاقية مجلس أوروبا المتعلقة بغسل عائدات الجريمة والبحث عنها ووضع اليد عليها ومصادرتها وقمع تمويل الإرهاب، المبرمة فى وارسو ١٦ مايو ٢٠٠٥.
المؤتمرات العالمية ومكافحة الإرهاب:
أولاً: مؤتمرات عقدت لمناقشة ظاهرة الإرهاب وأساليب قمعها:
١. مؤتمر مكافحة الإرهاب المنعقد فى مصر عام ١٩٩٦:
دعت مصر إلى عقد هذا المؤتمر فى مدينة شرم الشيخ، وشارك فيه العديد من قادة وممثلى دول العالم، برئاسة مشتركة لرئيس جمهورية مصر العربية ورئيس الولايات الأمريكية، إثر ظروف غاية فى الصعوبة بسبب العمليات الانتحارية التى قادها أعضاء من حركة حماس الفلسطينية، رداً على الاغتيالات التى قامت بها إسرائيل لعدد من أعضاء الحركة، وانتقاماً من الإجراءات التعسفية لقوات الاحتلال الإسرائيلى فى الأراضى المحتلة. وقد انتهى المؤتمر إلى عدة نتائج، كان من أهمها التأكيد على إدانة أعمال الإرهاب أياً كانت دوافعه وأياً كان مرتكبوه، والعزم على مناهضة العمليات الإرهابية، وحث جميع الحكومات على المشاركة فى قمع الإرهاب والعمليات الإرهابية.
٢. المؤتمر الدولى لمكافحة الإرهاب، المنعقد فى السعودية عام ٢٠٠٥:
تم انعقاد هذا المؤتمر فى مدينة الرياض فى الفترة من ٥ إلى ٨ فبراير ٢٠٠٥، بناء على دعوة ولى العهد فى المملكة العربية السعودية، وقد جاء هذا المؤتمر بعد سلسلة من التفجيرات الإرهابية التى وقعت فى المملكة. وشارك فيه حوالى خمسين دولة، بالإضافة إلى عدد من المنظمات الدولية العالمية والإقليمية.
وقد انتهى المؤتمر إلى التركيز على أهمية الحاجة إلى الدور الريادى للأمم المتحدة، من خلال إلزام المجتمع الدولى بإجراءات القضاء على المنظمات الإرهابية، ومنع الأعمال الإرهابية، وضرورة وضع تعريف شامل للإرهاب، وتعزيز التعاون الدولى والإقليمى والثنائى بين الدول لقمع الإرهاب بكافة صوره وأشكاله، بصرف النظر عن أى ذريعة يسوقها الإرهابيون تبريراً لأعمالهم، فالإرهاب لا مبرر له.
٣. مؤتمر الأمم المتحدة الحادى عشر لمنع الجريمة والعدالة الجنائية بانكوك ٢٠٠٥:
تناول المؤتمر- ضمن الموضوعات المدرجة على جدوله- «التعاون الدولى لمكافحة الإرهاب والعلاقات بين الإرهاب والأنشطة الإجرامية الأخرى، فى سياق عمل مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة»، كذا تناول «تدابير مكافحة الإرهاب، فيما يتعلق بالاتفاقيات والبروتوكولات الدولية ذات الصلة».
ومن أهم التوصيات التى اقترحها المؤتمر، دعوة الأعضاء إلى التصديق على الصكوك العالمية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب والمخدرات والجريمة المنظمة والفساد، وتعزيز التنسيق وتبادل المعلومات فيما بين الدول بشأن جملة أمور، من بينها الإرهاب والجريمة.
٤. المؤتمر العربى للمسؤولين عن مكافحة الإرهاب المنعقد فى تونس ٢٠٠٨:
عُقد هذا المؤتمر فى تونس فى الفترة من ٢٥-٢٦ يوليو ٢٠٠٨، وشاركت فيه الدول الأعضاء فى مجلس التعاون لدول الخليج العربى واليمن، واُعتمد خلاله عدد من التوصيات، من أهمها: تجفيف المنابع المالية للتنظيمات الإرهابية، تعزيز علاقات التعاون مع كافة الدول والهيئات المعنية بمكافحة الإرهاب، من خلال تبادل المعلومات والخبرات والتجارب المتعلقة بالجماعات الإرهابية ونشأتها وأنشطتها، دعوة الدول الأعضاء التى لم تصبح بعد أطرافاً فى الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب إلى الانضمام إليها، والعمل على مواءمة تشريعاتها الوطنية مع أحكام تلك الاتفاقيات والبروتوكولات، بما يساهم فى تطبيقها.
٥. المؤتمر العربى للمسؤولين عن مكافحة الإرهاب، المنعقد فى تونس ٢٠٠٨:
انعقد هذا المؤتمر فى الفترة من ٢-٣ سبتمبر٢٠٠٩ بمقر جامعة الدول العربية، وكان الاجتماع السابع لفريق الخبراء العرب المعنى بمكافحة الإرهاب، ومن أهم توصياته التأكيد على أهمية تفعيل الآلية التنفيذية للاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، ودعوة الدول العربية التى لم تقم بعد بمواءمة تشريعاتها مع أحكام الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب إلى القيام بذلك، والسعى لاتخاذ موقف عربى موحد من قضايا مكافحة الإرهاب على الصعيد الدولى والإقليمى.
ثانياً: ندوات إقليمية للتوعية بمخاطر الإرهاب وحث الجميع على التكاتف فى محاربتها:
١. ندوة العرب والإرهاب عام ١٩٩٥:
عُقدت هذه الندوة فى القاهرة فى الفترة من ٢٣- ٢٤ أغسطس ١٩٩٥، وناقشت قضية الإرهاب ودور العرب فى مواجهته، وأعلن المشاركون فى نهايتها أن الإرهاب الذى نراه فى بعض الدول العربية هو حركة عنف مسلح تخريبية لها أهداف سياسية معادية تحركها قوى أجنبية، هدفها زعزعة الأمن والاستقرار.
٢. ندوة الإرهاب عبر العصور التاريخية عام ١٩٩٦:
عُقدت هذه الندوة أيضاً فى القاهرة يومى ١٧ و ١٨ مارس ١٩٩٦، وقد حدد المشاركون فى الندوة بعض الخصائص التى تميز العمل الإرهابى، كاستخدام القوة أو العنف أو التهديد وذلك ضد الأشخاص والجماعات والممتلكات، وتكون فى الأساس بهدف إكراه المجتمع على تغيير سياسته، وقد يصل الأمر إلى حد الاستيلاء على الحكم. وانتهت الندوة إلى أن الإسلام ديانة سماوية سامية تأبى الشر فى كافة صوره وتحرص على الخير فى شتى أشكاله.
٣. الندوة الدولية لمواجهة الإرهاب عام ١٩٩٧:
انعقدت هذه الندوة فى القاهرة فى الفترة من ٢٢- ٢٤ فبراير عام ١٩٩٧، وشارك فيها الأمين العام للأمم المتحدة وحضرها وفود ٢٩ دولة. وأعلن المشاركون فى ختام الندوة إعلان القاهرة العالمى لمواجهة الإرهاب، والذى اشتمل على تأكيد مواجهة الإرهاب، واعتباره جريمة ضد الإنسانية، وعدم اتخاذ أراضى الدول مركزاً ينطلق منه الإرهاب ضد دول أخرى، كما ناشدت الندوة الأمم المتحدة بإبرام اتفاق دولى خاص بالإرهاب وإنشاء جهاز دولى لمكافحته.
٤. ندوة بشأن تقديم الدعم إلى ضحايا الإرهاب عام ٢٠٠٨:
كخطوة ملموسة لدعم الدول الأعضاء فى الالتزام باستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، عقد الأمين العام هذه الندوة فى ٩ سبتمبر ٢٠٠٨ بشأن تقديم الدعم إلى ضحايا الإرهاب. وتعد هذه الندوة هى المرة الأولى على الصعيد العالمى التى يجتمع فيها الضحايا والحكومات والخبراء والمجتمع المدنى لإعطاء وجه إنسانى وهوية للضحايا، ولمناقشة خطوات ملموسة لمساعدة الضحايا فى تجاوز آلامهم.
تـوصيــات
وفى ختام هذه الدراسة نرى من الضرورى التأكيد على عدة حقائق موضوعية، يتعين أن تكون تحت نظر قيادات الدول المعنية ببحث ظاهرة الإرهاب وأسلوب التعامل مع العمليات الإرهابية:
١. أن الإرهاب والتطرف يشكلان تهديداً مستمراً للسلم والأمن فى كل دول العالم، ويجب إدانتهما والتصدى لهما بصورة شاملة، من خلال اعتماد استراتيجية شاملة فاعلة، وجهد دولى منظم تقوده الأمم المتحدة.
٢. أنه بصرف النظر عن أى ذرائع يسوقها الإرهابيون تبريراً لأعمالهم، فإن الإرهاب لا مبرر له، وهو- فى كل الظروف- يجب أن يكون محل إدانة شديدة.
٣. أن الأمم المتحدة يجب أن تكون المحور الأساسى لتوحيد مجالات التعاون فى مجال مكافحة الإرهاب، وأن الدول الأعضاء بالمنظمة مدعوة للانضمام إلى تلك الاتفاقيات الدولية الرئيسية الخاصة بمكافحة الإرهاب والمصادقة عليها بدون تحفظ.
٤. أن طبيعة العنف الذى تتميز به العمليات الإرهابية تجبر المجتمع الدولى على التركيز على إجراءات القضاء على المنظمات الإرهابية ومنع ارتكاب الأعمال الإرهابية، ولذلك فمن الأهمية بمكان معالجة العوامل التى توفر الأرضية الصالحة لارتكاب الجرائم الإرهابية وممارسة الأنشطة غير الشرعية. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه إذا كانت الجهود الدولية المرتبطة بمكافحة الإرهاب تعنى أساساً بالجانب العلاجى، أى تنصب على ما بعد الحادث الإرهابى، فإنه من الواجب بمكان عدم إهمال الأسباب التى تؤدى إلى ظهوره وانتشاره. فإذا كان يتعين أن نتساءل دائماً من قام بالفعل وكيف قام به، فإنه من اللازم أيضا أن نبحث: لماذا تم القيام بهذا الفعل، وكيف يمكن تلافى قيامه مستقبلاً. إن مواجهة الإرهاب ومكافحته تتطلب وقفة تأمل لبلورة أساليب ناجعة وفعالة تقف على مسبباته، للوقاية من تداعياته. وواقع الأمر أن أسباب ظاهرة الإرهاب الدولى متعددة ومتنوعة، بين ما هو سياسى واقتصادى وأمنى واجتماعى.
٥. إنه من الضرورى تيسير تدفق المعلومات بين مختلف الأجهزة المعنية بمكافحة العمليات الإرهابية فى الداخل ومع مختلف الدول، خاصة تلك المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ولا شك أن كفالة التعاون بين هذه الأجهزة على مستويات ثنائية وجماعية تعتبر عاملاً حاسماً فى وأد الجرائم الإرهابية قبل وقوعها.
٦. إنه ينبغى بذل محاولات جادة لتسوية النزاعات الدولية والإقليمية سلمياً، مما يسهم فى تفويت الفرصة أمام المنظمات الإرهابية فى استغلال معاناة الشعوب والضيق الذى تشعر به نتيجة أوضاع ظالمة فرضت عليها.
٧. إنه من الأهمية بمكان استمرار الجهد للتوصل إلى اتفاقية دولية عامة شاملة بشأن مكافحة الإرهاب. كما يتعين على مختلف الدول تنفيذ كافة قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن المتعلقة بالقضاء على الإرهاب والحيلولة دون تنفيذ العمليات الإرهابية.
٨. أن تقوم الدول بدفع المنظمات الإقليمية ودون الإقليمية المعنية بإنشاء آليات أو مراكز لمكافحة الإرهاب وتعزيز القائم منها، لتسهيل تبادل المعلومات وتنمية آليات وتكنولوجيا جمع البيانات، ودقة استخلاص النتائج منها.
٩. أن تقوم الدول بتشجيع إصدار تشريعات واتخاذ تدابير تحول دون استخدام قوانين اللجوء السياسى والهجرة كمأوى آمن للإرهابيين، أو استخدام أراضى الدول كقواعد للتجنيد أو التدريب أو التخطيط لشن عمليات إرهابية ضد دول أخرى.
* أستاذ القانون الدولى بجامعة القاهرة
نقلا عن المصرى اليوم