الأقباط متحدون - تهمة التبوّل الفكري اللا إرادي
أخر تحديث ١١:٣٨ | الأحد ٢٥ يناير ٢٠١٥ | ١٧ طوبة ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٥٧ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

تهمة التبوّل الفكري اللا إرادي

بقلم - مهندس عزمي إبراهيم
تقدم المحامي الدكتور سمير صبري، ببلاغ للنائب العام ضد الكاتبة الشاعرة فاطمة ناعوت، يطالب بالتحقيق معها قال فيه: "في حالة من التبول الفكري اللا إرادي التي بدأت تظهر في المجتمع المصري انتقدت المُبلَّغ ضدها فاطمة ناعوت شريعة الذبح في عيد الأضحى." وأفاض المحامي الفذ في بلاغه ما شاءت له قريحته من التهم حتى وصل إلى تهمة "ازدراء الأديان" وتهمة "تكدير السِّلم العام" وتهمة "إشاعة الفتنة الطائفية".

وأدرج هنا ما كتبته الإنسانة الرائعة فاطمة ناعوت، وما اتهمت به، والذي وصفه السيد المحامي بـ "التبول الفكري اللاإرادي"
قالت: "كل مذبحة وأنتم بخير". "بعد برهة. تُساق ملايين الكائنات البريئة لأهْوَل مذبحة يرتكبها الإنسان منذ عشرة قرون ونصف، ويكررها كل عام وهو يبتسم. مذبحة سنوية تتكرر بسبب كابوس باغت أحد الصالحين بشأن ولده الصالح، ورغم أن الكابوس مرَّ بسلام على الرجل الصالح وولده وآلِهِ، إلا أن كائنات لا حول لها ولا قوة تدفع كل عام أرواحها وتُنحر أعناقها وتُهرق دماؤها دون جريرة ولا ذنب ثمنًا لهذا الكابوس القدسي."

وفي ردها على ما جاء في البلاغ. رغم وضوح الرسالة التي كتبتها بهذا الشأن ورفضها التام لفكرة الأضحية، أكدت فاطمة لـ "بي بي سي" إنها رفضت طريقة الذبح والقسوة في التعامل مع الحيوانات، وأن الأسلوب الأدبي في كتابة ما نشرته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك هو السبب في فهم البعض للرسالة على أنها ترفض الأضحية من حيث المبدأ.

وأضافت أنها أحيلت للمحاكمة الجنائية "بسبب بوست عابر على فيسبوك أهنئ فيه الأمة الإسلامية بأضحية العيد وأدعو فيه إلى احترام الذبيحة وحُسن ذبحها بدلا من إهانتها بإغراق الأرض بالدم على مرأى من الأطفال ما جعل طفلا يذبح شقيقته الرضيعة يوم العيد"!!!!!
وقالت "إن الإخوان هم من تقدموا بالبلاغ للانتقام منها لأنها تحاربهم منذ عام 2005" على حد قولها. وأشارت أن جماعة الإخوان لا تريد الاستقرار لمصر وأنهم يستهدفون كل من يقاومهم.

يأتي ذلك بعد أيام قليلة من تصريحات فاطمة ناعوت لإحدى الفضائيات المصرية أكدت من خلاله على أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كلفها مع مجموعة من المثقفين في لقاء عقده معهم بتصحيح مفاهيم الدين الإسلامي لدى المواطنين المصريين.

أما عن التهم الموجهة لها فقالت: {"ازدراء الأديان!!، أنا التي تحترم الأديان كافة، لا السماوية وحسب، بل حتى الفلسفات الوضعية التي سعى من خلالها بعض الناس للبحث عن الله ومعرفته!؟. "تكدير السِّلم العام"!!، أنا التي لا ترجو من الحياة إلا إشاعة السلم والمحبة بين البشر!؟. "إشاعة الفتنة الطائفية"!!، أنا التي تسعى جميعُ مقالاتي ومحاضراتي وندواتي بل حتى قصائدي إلى وأد الفتنة الطائفية وتذكير الناس دائمًا بأننا جميعًا نعبد إلهًا واحدًا مهما اختلفت عقائدنا، كلٌّ عبر دربه ورؤاه واختياراته، وأنه من العبث بل و"العيب" أن نقتتل من أجل أمر قدسي فائق الجمال هو الله المُحبُّ للجميع واهبُ الحياة للكافة الذي من بين أسمائه "السلام"؟}

كما أنها كتبت: "توضيح أخير أنا مسلمة لكنني لا أطيق إزهاق أي روح حتى ولو نملة صغيرة تسعى وليحاسبني الله على ذلك فهو خالقي وهو بي أدرى. وفي الأخير، كل احتقاري لمن يزايد على الناس في الإيمان بالله ويزاحم الله في محاسبة عباده قبل يوم الحساب. تحياتي للجميع. فاطمة ناعوت."
***
أيتها الرائعة فاطمة ناعوت.. أنت أرقى وأنقى وأقرب إلى الله من المحامي الدكتور سمير صبري الذي كتب فيكِ البلاغ، فأنت تحملين قلم التنوير والفكر الحضاري الإنساني والخير للبشرية، سواء بشر وغير بشر!! بينما هو يحمل سوط الترهيب والتكفير وقتل الحريات وتزكية سفك الدماء.. حتى دماء البشر!!
أنت أرقى وأخلد من وكيل النيابة الذي أخفق في فهم التطور الحضاري والرحمة والإنسانية ومعنى إرادة الله في مخلوقاته، ومعنى أن الرحمة قبل الصلاة والصوم والزبيبة والحجاب والعمامة.. فأحالك للمحاكمة الجنائية!!

وكلنا رجاء في الله، إله الكل، أن يكون القاضي الذي سيحاكمك في قلبه وضميره وعقله مثل ما فيك من حضارة ونقاء وإنسانية ورحمة وعدالــــة.

أخيراً أدرج ما علقت به فاطمة ناعوت على قرار إحالتها إلى المحاكمة، وكتبت على الـ "فيسبوك": "إنها الفاتورة التي يدفعها حملةُ مشاعل التنوير في كل عصر."
نعم لقد ألحقوك يا حمامة السلام بموكب الطيور الحرة الخالدة: مشاعل التنوير في عصرنا الحديث: طه حسين وفرج فودة وسيد القمني ونجيب محفوظ ونوال السعداوي ونصر حامد ابو زيد وغيرهم. هؤلاء لا يغيبوا عن ذاكرة البشرية، بينما لا يَتذكر أحد أسماء من اتهموهم واضطهدوهم وحاكموهم... سينصرك الله الذي وصفتِهِ خير وصفٍ: {المُحبُّ للجميع واهبُ الحياة للكافة الذي من بين أسمائه "السلام"}.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter