الأقباط متحدون - سناء البيسي تكتب لـالأهرام عن سيدة الشاشتين.. العصفورة العملاقة.. فاتن حمامة
أخر تحديث ١٩:٣٤ | الاربعاء ٢١ يناير ٢٠١٥ | ١٣ طوبة ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٥٣ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

سناء البيسي تكتب لـ"الأهرام" عن سيدة الشاشتين.. العصفورة العملاقة.. فاتن حمامة

فاتن حمامة و سناء البيسي
فاتن حمامة و سناء البيسي

قالت لى الشقيقة: من ليلة امبارح، وأنا قلبى مخطوف يلفنى ذلك الحزن الموجع الذى لايعترض إرادة الله،

فجاوبتها معصورة الفؤاد: وإنا إليه جميعا لراجعون..أتانا خبر رحيلها شارخا ناقدا موجعا مباغتا فلم نكن قد تأهبنا له، أو حسبنا لصدمته حسابا مسبقا، حتى إن الصدر لحظتها أخرج صرخته التى ظنناها قد صمتت بعد رحيل أعز الأحباب، ونطق اللسان بما لامنطق له.. وسرعان ما عدنا نتشبث بإيماننا واستغفرنا، وكل نفس ذائقة الموت، والعمر لحظة، وكانت فاتن حكاية العمر كله.. سنوات البراءة نطقتها عيونها.. أحلام المراهقة نسجتها رومانسيتها.. أرض الواقع هبطت بنا إليها، وسافرنا فى ركابها لأرض الأحلام.. الموهبة الأسطورية والحضور الطاغى والهمس الشاعرى والرقى الإنسانى والخجل العذرى والأنوثة الوقور والدلال المحتشم والعشق الطاهر، وهزيمة المبالغة، ومصرع الافتعال، وحوار الصدق، ومعزوفة الشجن، وبوصلة الفن..

و سيدة الشاشتين .. العصفورة العملاقة ساكنة القصور والجحور، القوية المفترية فى مسرحيات الحكيم.. الهشة كذوبان حلوي.. الصلبة كحديد صوان.. المقتضبة المتوارية رأيا وحديثا وسهرا.. المثالية زوجة وأما وجدة.. النمكية الموسوسة فنا.. صديقة الشخصية التى تؤديها.. تتقمصها تتعمقها تتلاحمها تستقطرها تهضمها تجرى فى دمائها تدخل تحت جلدها.. تغدو هى وليست فاتن الأخري.. بنت المنصورة وجه القمر لحن الخلود ايامنا الحلوة نهر الحب رصاصة فى القلب صراع فى الوادى والباب المفتوح.. استاذة المشاعر وقناطر الشعور ونجمة الموسوعات العالمية وخبيرة الاختيار فى 94 فيلما فقط على مدى 60 عاما، وكانت بإمكاناتها الحاضرة دوما تستطيع آداء بطولة الآلاف..

تربعت فاتن ـ معذرة آمنة ـ على عرش الميلودراما، وتأستذت على يد الأستاذة فاطمة عميدا لجامعة الكوميديا.. فاتن التى لم تدخل أبدا فى سياق الفيلم لأنها الفيلم نفسه.. عابرة محيطات النجومية من يوم سعيد ليوم حلو ليوم مر ليوم رحيلها الحزين الذى ودع فيه الشعب أنيسة وعائشة ونعمت ونرجس وفاطمة وأبلة حكمت والإمبراطورة التى جلست على عرش إمبراطورية ميم وعرش قلوبنا، فقد كانت الملاك الأبيض الذى أرشد وجداننا بين الأطلال برغم صعوبة الطريق المسدود، فقد أوجدت له حلا فى حكاية وراء كل باب..

فاتن المشاعر هاوية الشعر التى عشقت إلقاءه بتفرد لايكسبه تمثيلا، لأنها ترى ان فى القصيدة جرسا موسيقيا داخليا لايحتاج إضافة، واستمع لها جمهورها بشغف وشوق فى كرمة ابن هانئ تلقى الشوقيات بلسان الفصحى البليغ بالمفهوم الفاتني.. الغائبة سنين الخوف لكنها لم تغب.. الحاضرة دوما فى العين والقلب.. أنيسة التى غنى لها عبدالوهاب طول عمرى عايش لوحدى وكتب لها نجيب محفوظ فى عام 1951 سيناريو لك يوم ظالم.. أول عمل من اخراج صلاح أبوسيف ليشكلها فيه داخل إطار بنت البلد.. بالتزام من جانبها والتزام لجنابها من محمد كريم ويوسف وهبى وعزالدين ذو الفقار وكمال الشيخ وحسن الإمام وصلاح أبوسيف ويوسف شاهين..وهنرى بركات.. لتظل فاتن ابدًا، الأسرة الطراز الخاص المدرسة صانعة تاريخ الشاشة، الجديرة والجدارة، المالكة لابعديات وعزب وهكتارات وفدادين الكاريزما، الدقيقة الحجم، السامقة لاعلى قمم هملايا الفن فى أى ثوب ارتدت وأدت، الفلاحة المهانة، الأجيرة، الأرستقراطية، والرقيقة الأنيقة، أم العيال والمراهقة التى لاتنام.

نجمة القلب القائلة لى ليس أساتذة فى الفن، وقد اكتشف كل من حولى موهبتى وأنا فى السابعة، أما أستاذى الحقيقى فهو الجمهور. جمهورها هذا الغفير باتساع الوطن العربى ممثلا فى المصلين على روحها بالأمس فى ساحة مسجد الحصرى قام بلف نعشها بالعلم المصرى فى وداعها الأخير المصرية العالمية أسطورة البرارى والحامول، ترنيمة طه فى دعاء الكروان.. أيقونة عذاب اليتيمين.. إيزيس ابن النيل.. صرخة الأفواه والأرانب.. الزوجة العذراء.. سيدة القصر.. سيدة القلب.. سيدة الشاشة.. الرائدة التى فرضت الحل عندما أرادته.. فاتن حمامة.. فى غيابها «الله معنا»

نقلا عن الأهرام


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع