بقلم: ناجى شوقى لبيب
* ما أن أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمها والقاضي برفض الطعن علي الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بإلزام الكنيسة بالتصريح للمطلق بالزواج الثاني حتى إنتابنا الغضب الذي أعمانا عن حقيقة هي مكنة حل المشكل بأيدينا .
وكي نصف الدواء يجب أن نعرف الداء ، والداء هنا هي لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة عام 1938 والمعمول بها كقانون حاكم للأحوال الشخصية ، وهى التي تساند الحكم سالف الإشارة إليها في قضائه وبخاصة نص المادة 69 من تلك اللائحة والتي نصت على ( يجوز لكل من الزوجين بعد الحكم بالطلاق أن يتزوج من شخص آخر إلا إذا نص الحكم على حرمان أحدهما أو كليهما من الزواج ، وفى هذه الحالة لا يجوز لمن قضى بحرمانه أن يتزوج إلا بتصريح من المجلس ) والسؤال هنا هل لائحة 1938 هي قانون صدر وفق القنوات التشريعية للقوانين المعمول بها ؟ وهل معترف بها رسميا من قبل الدولة كقانون ؟ وهل الكنيسة هي مرفق من مرافق الدولة أو جهاز من أجهزتها حتى يختص مجلس الدولة بالفصل في المنازعات الني تكون طرف فيها وبخاصة أذا كانت تلك المنازعة أصلها مستمد من الشريعة السماوية التي تؤمن بها ؟ والإجابة عن هذه التساؤلات تقتضى منى التعرض للائحة ذاتها ومدى شرعيتها على نحو ما هو آت:
(1) من المعروف أن القوانين في عصر صدور لائحة 1938 كان المعمول به هو دستور 1923 والذي كان يعطى الملك بالاشتراك مع مجلس الشيوخ والنواب حق إصدار القوانين وهذه اللائحة لم تصدر وفق ما هو كان معروف بل صدرت عن المجلس الملي وبدون تدخل من الدولة أو حتى اعتمادها رسميا ولم تنشر في جريدة الوقائع المصرية أو الجريدة الرسمية .
(2) ومن المعروف أيضا أن اللائحة صدرت عن المجلس الملي ( وهو ليس جهة تشريعية ) في عهد الأنبا مرقص الذي كان يقوم مقام البابا ( قائم مقام البطريرك ) وذلك بعد نياحة الأنبا ديمتريوس بطريرك الكرازة المرقسية.. بمعنى أن اللائحة صدرت في وقت خلو الكرسي البابوي من البطريرك.
(3) وفى عام 1942 كان الأنبا مكاريوس هو البطريرك وبابا الأقباط ، اجتمع المجمع المقدس وقرر بطلان لائحة 1938 لكونها مخالفة لتعاليم الكتاب المقدس ، ومن بعده الأنبا يوساب البطريرك الذي كان رافضا لتلك اللائحة.
(4) وما أن اعتلى البابا كيرولس السادس كرسي البطريركية حتى أعد قانون للأحوال الشخصية ودفع به إلى الحكومة بطلب إصداره ، إلا أن الحكومة تجاهلته.ومفاد هذا أيضا عدم اعتراف المجمع المقدس باللائحة المعمول بها حتى تاريخه ولعد اختصاص المجلس الملي بإصدار قانون بديل.
(5) وجاء البابا شنودة وأعد بالاشتراك مع المجمع المقدس وأيضا بالإشراك مع كثير من الطوائف المسيحية الأخرى مشروع بقانون للأحوال الشخصية كان آخرها المشروع بقانون الأحوال الشخصية الموحد ودفع به إلى الحكومة بطلب إصداره وكان ذلك أيضا لعدم اعتراف الكنيسة بلائحة 1938 وذلك لمخالفة أحكام تلك اللائحة لتعاليم الإنجيل وبخاصة في شأن أسباب التطليق الواردة بها ، إلا أن الحكومة كعادتها تجاهلت تلك المشروعات \" وودن من طين وودن من عجين \".لأسباب معلومة للكافة مجملها ضعف الأقباط وعدم مقدرتهم على الضغط ، بل ارتضاء النظام وتوافقه على عدم إراحة المسيحيين حتى لو كان الأمر يتعلق بأحوالهم الشخصية المستمدة من تعاليم السيد المسيح ربهم والاههم0 * وجماع ما تقدم يشهد ببطلان وعدم قانونية لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس الصادرة عام 1938 وذلك لصدورها بالمخالفة للنصوص الدستورية سواء في دستور 1923 أو الدستور الحالي ولكونها صادرة عن المجلس الملي وهو غير مختص وبدون موافقة من المجمع المقدس وبدون تصديق من السلطة التشريعية للدولة ، وأيضا لمخالفتها الدستور الأعظم الذي يؤمن به المسيحيون وهو الكتاب المقدس0 الحل بأيدينا *
انتهينا إلى أن لائحة 1938 باطلة ، كم أن مجلس الدولة بقضائه الذي أغضب كثر من المسيحيين أرسى مبدأ هام وهو الاختصاص بالرقابة على قرارات المجلس الملي.ومن ثم تكون الحلول المتاحة للخلاص من تلك اللائحة وما تضمنته متمثلة في أحد طريقين هما : الأول : الطعن عليها بعدم الدستورية لصدورها من غير مختص وبالمخالفة لإجراءات إصدار القوانين إعمالا لأحكام الدستور ( وهذا يكون حال توافر شروط إقامة الدعوى الدستورية ) وهى متوافرة.الثاني: وأعمالا للمبدأ الذر أرساه قضاء مجلس الدولة في الحكم الصادر منه بشأن التصريح باختصاصه بالرقابة على القرارات الصادرة من المجلس الملي فيكون مختص بالرقابة على قرار المجلس الملي بإصدار اللائحة والسبيل غلي ذلك دعوى الإلغاء ولا يمكن المحاجة فيها بعدم اختصاصه أو أنها قانون لا يملك القضاء بإلغائها على نحو ما ذكرناه سلفا أو أنها شأن داخلي للكنيسة لسبقه التعرض لهذا الشأن الناشئ عن تلك اللائحة.اقتراحات بالحلول للخلاص من لائحة 1938 الباطلة للأستاذ ناجى شوقي لبيب المحامى بالنقض والإدارية العليا والدستورية