الأقباط متحدون - هل أنت مؤهل للسفر والعيش على كوكب المريخ؟
أخر تحديث ٠٢:٣٧ | الثلاثاء ٢٠ يناير ٢٠١٥ | ١٢ طوبة ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٥٢ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

هل أنت مؤهل للسفر والعيش على كوكب المريخ؟


 هل تعتقد أن لديك المواصفات المناسبة التي تؤهلك لزيارة المريخ؟ الصحفي العلمي ريتشارد هولينغهام يحاور رجلاً مهمته اختيار رواد فضاء يصلحون للقيام برحلات يموّلها القطاع الخاص إلى الكوكب الأحمر.

هذا هو السياق: رحلة محفوفة بالمخاطر، وبلا عودة، إلى عالم ناءٍ وميّت، وستترك خلفك عائلتك لما تبقى من عمرك، قبل أن تفارق الحياة على بعد 225 مليون كيلومتر عن الكوكب الذي كنت تسميه وطنك.

"ذلك أمرٌ عليك أن تتوق إليه من أعماق فؤادك،" بحسب قول نوربرت كرافت، رئيس أطباء برنامج "المريخ واحد". ويضيف: "إنه نداء وكأنك ستصبح مراسلاً حربياً."

بالرغم من المخاطر الجليّة، فقد تقدم أكثر من 200 ألف شخص من شتى بقاع العالم للسفر في تلك الرحلة التي تنظمها مؤسسة "المريخ واحد". والهدف من الرحلة هو بناء مستوطنة بشرية دائمة على سطح الكوكب الأحمر.

تخطط تلك المنظمة غير الربحية لجمع الأموال، وبناء مركبات فضائية، وإطلاق أوائل المستوطنين خلال العقد القادم. مهما تكن التطبيقات العملية لهذا الهدف الطموح، فقد تم تعيين كرافت ليساعد في اختيار أول الأشخاص المحتملين من المستوطنين المريخيين.

وبكل تأكيد، يعد الطبيب نوربرت كرافت من المؤهلين الأكفّاء لقيادة تلك المجموعة المختارة. وقد تلقى تدريبه كطبيب في النمسا، وله خلفية كطبيب في الجيش النمساوي. كما قضى أكثر من 20 عاماً، مع وكالات الفضاء الأمريكية والروسية واليابانية، في دراسة قدرة تحمل وملاءمة رواد الفضاء للرحلات الفضائية طويلة الأمد.

وكما يقول كرافت: "إنها فرصة مثيرة." ويضيف: "لأني أضع الآن كل أبحاثي التي قمت بها موضع التطبيق." فكيف تقوم، إذاً، بتقليص عدد 200 ألف متقدم لتختار منهم مجموعة صغيرة لتكون ضمن طاقم طليعي لهذه الرحلة؟

يقول كرافت: "سأضعهم أمام تحديات عديدة. أملي هو أنه عندما يصلون إلى المريخ، سيقولون ’مقارنة بما لقيناه على يد نوربرت، فالمريخ هو النعيم‘!"
المرحلة الأولى: اللياقة البدنية

المرحلة الأولى من برنامج كرافت لتدريب رواد الفضاء لعشر سنوات، هو الاختبار الجسماني، حيث يتم استبعاد كل من لا يتمتع باللياقة البدنية المناسبة للقيام بالرحلة. ويتضمن هذا إبعاد كل المصابين بأمراض مزمنة، مثل السكري، وأمراض القلب، وحتى الربو.

 "فيما يخص المستوطنين الأوائل، فإننا سنكون صارمين جداً جداً." حسبما يقول كرافت. ويعلق: "ربما سنعمل، لاحقاً على تخفيف الشروط المطلوبة من المتقدمين، عندما يكون لدينا مثلا 600 مستوطن على المريخ، مع وجود تجهيزات ووسائل طبية أفضل."

ستكون المعايير الطبية مشابهة لتلك التي تطبقها وكالات الفضاء التقليدية. يتوجب على المترشحين تقديم شهادات طبية موقعة من أطباء مؤهلين.

ويقول كرافت "اكتشف بعض المشاركين المحتملين أنهم مصابون بالسرطان، أو أنهم مرضى بحاجة إلى إجراء عملية جراحية." ولعدم وجود سقف محدد لعمر المترشحين للبرنامج، وربما ينمّ ذلك عن الكثير، فقد وجد الأطباء أن أكثر الذين لم ينجحوا في فحص اللياقة البدنية كانوا في الثلاثينيات والأربعينيات من أعمارهم.
المرحلة الثانية: مستوى المعرفة

عندما ينجح المترشحون في الاختبار الطبي، ستنتظرهم الجولة الثانية، والتي تشمل مقابلة تقليدية نوعاً ما.

حتى الآن، نجح 660 شخص من أنحاء العالم في الوصول إلى هذه المرحلة. وفي شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بدأ كرافت في إجراء المقابلات الرسمية لكل واحد منهم، فرداً فرداً، عن طريق برامج الفيديو عبر الانترنت.

ظاهرياً، لا يحتاج المتقدمون لبرنامج "المريخ واحد" إلى أية مؤهلات رسمية - مثل الشهادة الجامعية - أو حتى أية مهارات محددة، للترشح لهذه المهمة. رغم ذلك، يؤمّل منهم أن يكتسبوا معلومات حول المريخ ومهمة البعثة وأن يدركوا ما سيمرون به من مصاعب.

يقول كرافت: "نقوم هنا بفصل أولئك الذين ليس لديهم أدنى فكرة عن المكان الذي سيصلون إليه، وعما سيفعلونه، وعما سيدور هناك."

كما يأمل في إيجاد الخطوط الأولى التي قد تساعدهم في العمل كفريق، ولماذا يريدون الذهاب إلى المريخ.

"أود أن اكتشف، من خلال ما يحكونه، لماذا يعتقدون أنهم سيكونون أعضاء ممتازين ضمن فريق عمل، وأنهم سيكونون قادرين على المشاركة في هذه البعثة."

  سيُمنح كل مترشح نقاطاً، وبدون شك، سينخفض العدد قليلاً. مع ذلك، فإن أكبر انخفاض لعدد المترشحين سيجري على الأغلب خلال المراحل المتبقية.
المرحلة الثالثة: المنافسات الجماعية

علينا أن ننسى فكرة "الشخص المثالي" – فأية مهمة ناجحة إلى المريخ ستحتاج إلى أشخاص قادرين على العمل سويا، بهدوء وأمان، وأحياناً تحت ظروف قاهرة أو تهدد حياتهم، بلا مشاحنات أو دون استشارة مركز التوجيه والمراقبة. "ستفصلنا عنهم فترة زمنية من 40 دقيقة"، كما يوضح كرافت. "لذا، لن يمكنهم انتظار ردّنا."

للبدء في انتقاء مجاميع المستوطنين، سيُطلب من المترشحين حضور دورات تدريبية (على الأرجح في هولندا، حيث يقع مقر برنامج المريخ واحد). سيكون الغرض منها إجراء سلسلة تحديات ومنافسات جماعية، لكي يبرهن المشاركون على أن بإمكانهم العمل معا. من المحتمل أن يتضمن كل فريق خليطاً من الجنسين والطبائع الشخصية والمهارات.

ويقول كرافت: "لدي تصور عن المجموعة المثالية. ربما تكون رائد فضاء مثاليا، إلا أن عدم قدرتك على العمل ضمن مجموعة سيجعلك عديم الفائدة تماماً. ما أسعى إليه هو المجموعة المثالية، وليس الشخص المثالي."
المرحلة الرابعة: القدرة على تحمل العزلة

أثناء حديثنا، الذي استمر نحو نصف ساعة، ظل كرافت يعيد كلمة واحدة مراراً وتكراراً: العزلة. ستوضع مجموعات من مرشحي رواد الفضاء في كبسولة فضاء مصطنعة وغرف منعزلة لأسابيع متواصلة. الهدف من ذلك أن نرى إن كانوا سينجحون. هذا هو أحد مجالات اختصاص هذا الطبيب.

في واقع الأمر، سيكون لديك العذر إن رأيت، من خلال الحديث مع كرافت، أنه يستمتع بهذه المرحلة من الاختيار أكثر من غيرها من المراحل.."

 الهدف من مرحلة العزلة، في قاعدة مصطنعة على المريخ، هو ملاحظة الكيفية التي ستتعامل وتعمل بها المجاميع مع بعضها البعض في بيئة مغلقة. بالضبط كما لو كانوا في مهمة حقيقية طويلة الأمد.

كان أطول اختبار أجري حتى اللحظة هو "المريخ 500"؛ وهي تجربة روسية-أوروبية مشتركة، جرى خلالها حجز المتطوعين في مركبة فضائية مصطنعة بضواحي موسكو لمدة 520 يوماً، وذلك لاختبار التحديات التي قد تواجهها بعثة مريخية مماثلة.

"ما يثير الشغف أن نعرف تأثيرات تلك الغرفة المنعزلة،" حسبما يقول كرافت. وتشعر من نبرات صوته بالكثير من التفاؤل. ويضيف: "إنها تُبرز شخصيتك وصفاتك."

ويضيف: "شاهدنا ذلك (خلال تجربة أجريت) في روسيا. أراد رواد الفضاء أن يكونوا حقاً رواد فضاء. دخلوا الكبسولات الفضائية، وارتكبوا الكثير من الحماقات. إذا ما حاولت أن تتظاهر وتغش، فلن تفلح."

إذا ما وصلوا إلى هذه المرحلة، فعلى المتطوعين أن يترقبوا 10 سنين أخرى من التدريبات المكثفة لتعلم المهارات التي سيحتاجونها للعيش في بيئة منعزلة على سطح المريخ، من الانطلاق بمركبة فضائية إلى إصلاح دورة مياه مريخية.

حتى وإن لم نحصل على شيء من برنامج "المريخ واحد"، فإن نتائج عملية الفرز هذه ستظل ذات فائدة بالنسبة لوكالات الفضاء والرحلات المستقبلية لاستكشاف الفضاء. إنها ستفيد في صقل برامج الرحلات طويلة الأمد.

قد ينجح برنامج "المريخ واحد" في جمع الأموال اللازمة لتصميم وبناء واختبار مركبة فضائية صالحة لانطلاق طاقم من رواد الفضاء. رغم ذلك، ليست هناك أية ضمانات لاختيار هذه الدفعة الأولى من المترشحين ليكونوا ضمن البعثة المريخية.

يقول كرافت: "عليهم أن يبيّنوا خلال السنوات العشر القادمة من التدريبات والدراسة والتحديات التي سنضعها أمامهم، أنهم على أهبة الاستعداد للذهاب." ويضيف: "أقول لهم إنه عندما يجلسون في قمرة الكبسولة المنطلقة، وليس قبلها بلحظات، سيكونون رواد فضاء فقط عندما تنطلق بهم تلك المركبة."


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter