الأقباط متحدون - ثورة الطرابيش الحُمر والعمائم البيِضْ
أخر تحديث ٠٧:٣٧ | السبت ١٧ يناير ٢٠١٥ | ٩ طوبة ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٤٩ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

ثورة الطرابيش الحُمر والعمائم البيِضْ

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقلم - سعيد السني
لم يكن الرئيس عبدالفتاح السيسى موفقاً فى دعوته قبل أيام لـ«الإمام الأكبر» الدكتور أحمد الطيب، شيخ الجامع الأزهر، لكى يقود الأخير «ثورة دينية» يقوم بها الأزهر الشريف وعلماؤه أصحاب الطرابيش الحُمُر الملفوفة بالعمائم البيٍض.. من سياق كلام الرئيس، فهو يقصد تصحيح المفاهيم والأفكار المتطرفة والمغلوطة التى يجرى تداولها وتقديسها منذ مئات السنين، نقلاً عن كتب تراثية تحوى تفسيرات مناقضة لنصوص آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة، بما أدى لطوفان الفكر التكفيرى الذى أغرقنا، وما يترتب عليه من فتن طائفية ومذهبية، وعلو لثقافة القتل والذبح، والكراهية للآخر، وعودة الرق والاستعباد وسبى النساء وفرض الجزية مجدداً، وما إلى ذلك من أفكار ظلامية، هى نفسها تشكل البنية الفكرية الأساسية لـ«داعش»، وقد ولدت غالبية هذه الأفكار على يد فقهاء للسلاطين فى عصور إسلامية مظلمة، بغرض تثبيت حُكام مستبدين يأخذون الدين مطية لتعضيد سلطانهم، زعماً منهم أن الحاكم هو ظل الله فى الأرض، وأن الخروج عليه أو معارضته مُحَرَّم شرعاً، وهذا ما يفسر تقاعس السلفيين عن المشاركة بثورة 25 يناير، قبل أن تتغير أفكارهم لاحقاً طمعاً فى السلطة.. وهناك قسم كبير من هذه التراثيات المنسوبة للسلف تحوى فتاوى غريبة، على شاكلة ترك الزوج لزوجته تُغتَصب للنجاة بنفسه دون الدفاع عنها، وإرضاع الكبير، ومضاجعة الزوجة المتوفية لوداعها، وجواز تلصص الخاطب على خطيبته وهى تستحم، وغيرها، وكأن فكر وعقول صانعى هذه الفتاوى واجتهاداتهم الموروثة تسكن النصف الأسفل من الجسد.

أما لماذا لم يكن الرئيس السيسى موفقاً فى مطالبته للإمام الأكبر بقيادة هذه «الثورة الدينية»؟.. فليس فى الأمر تقليل لا سمح الله من مقام الإمام الطيب، ولا تشكيك فى سماحته واستنارته، وهو العلامة المنفتح على الآخر.. غير أن المشكلة تكمن فى أن «مؤسسة الأزهر» ذاتها ترهلت وفقدت منذ سنوات طويلة القدرة على التجديد الدينى.. بل وصارت معقلا للجمود والتَزمُت بعد اختراقها على مدار سنوات طويلة وتسلل وغلبة الفكر الإخوانى والسلفى عليها، وتحول عدد لا بأس به من العلماء إلى مجرد حُرَّاس وناقلين لهذه «الكتابات التراثية» بشوائبها، والتى تم إضفاء القداسة على أصحابها الأقدمين، مع أنهم ليسوا رُسلاً ولا أنبياء هبط عليهم الوحى من السماء، إنما مجرد بشر مجتهدين، يصيبون ويخطئون، ومن ثم يتعين فتح باب المراجعة والتجديد لما تركوه.

إن الدعوات الناعمة لـ«أصحاب العمائم» بالثورة لن تُجدى.. والحل فى قرار رئاسى باختيار مجموعة علماء مشهود لهم بالسماحة والاستنارة، لمراجعة المناهج الأزهرية، سواء بالمعاهد أو الجامعة، بعيداً عن الكيانات الأزهرية وتأثيراتها، ثم تُصدِر القرارات والقوانين، إن لزم الأمر.. وهو ما يضمن لاحقاً تخريج أجيال متحررة من أسر الفكر التكفيرى الذى نشكو ويشكو منه العالم كله.

نسأل الله السلامة لمصر.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع