الأقباط متحدون - هل أنت إرهابى؟!
أخر تحديث ٠٦:٤٤ | الاثنين ١٢ يناير ٢٠١٥ | ٤طوبة ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٤٤ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

هل أنت إرهابى؟!

محمود خليل
محمود خليل

الإرهاب.. هل هو «زناخة» عقل، أم ضلال رؤية، أم قلة وعى، أم نفس مريضة مرتبكة، أم مال ومصالح؟ قد يُرزق الإرهابى بواحدة أو أكثر من هذه العوامل، وقد تفسر لنا مجتمعة دخول شخص إلى دائرة الإرهاب، لكن جوهر العلة فى ظهور الإرهاب وتبختر الإرهابيين فى ساحة الحياة هو «الإحساس بالفشل» بالمفهوم الواسع لهذه العبارة. الإرهاب ينطلق دائماً من منصة الفشل الفردى أو الجماعى.. ودعنى أقُل لك كيف؟

تبدأ خيوط الإرهاب فى التسرب إلى الفرد عندما ينتابه إحساس بالفشل وعدم القدرة على التحقق داخل الجماعة التى يعيش وسطها أو داخل المجتمع الذى يسعى بداخله. الإرهابى إنسان فاقد الثقة فى نفسه وفى قدرته على النجاح، وهو يبحث عن أى سبيل للتحقق، حتى ولو كان ذلك السبيل هو قتل الآخر. الشخص الذى حاول ذبح «نجيب محفوظ» فى يوم ما كان شخصاً محدود التعليم، أو قل كان فاشلاً فى التعليم، فساقه فشله إلى طريق النحر والانتحار.

قد تقول لى إن ثمة إرهابيين لم يعوزهم النجاح فى التعليم، وإن من بين هؤلاء مَن حصل على الماجستير، وأزيدك: بل قد يكون حاصلاً على الدكتوراه، وأزيدك أكثر: ممكن أن يكون أستاذاً دكتوراً فى جامعة مرموقة، لكن ذلك لا يعنى بحال أنه ناجح، فالنجاح فى التعليم لا ينبئ بالضرورة عن النجاح فى العمل. ولعلك تذكر الكثير من الأمثلة من قيادات جماعة الإخوان ممن يحمل عدد منهم لقب الدكتور والأستاذ الدكتور، لكنهم غير ناجحين فى مجالات عملهم، وظهورهم الأكثر طغياناً كان فى دنيا السياسة، أو الدعوة، أو غير ذلك. فكم طبيباً منهم لم يعد له علاقة بالطب منذ عقود من الزمن، وكم مهندساً وأستاذ هندسة لا يوجد له علاقة بهذا التخصص! إن كنز الشهادات وحفظ المعلومات لا يعنى بحال النجاح فى الحياة العملية، وعدم النجاح فى الحياة العملية هو جزء لا يتجزأ من الإحساس بالفشل الذى يسوق أحياناً إلى الإرهاب.

وقد يكون الفرد ناجحاً على المستوى التعليمى والعملى، لكنه يعيش فى مجتمع يدار بمنطق الفشل، فيدفع بالجهلاء وأنصاف المتعلمين إلى الصفوف الأمامية، ويحتكم إلى مبدأ الوراثة فى تحديد المصير الاقتصادى والاجتماعى والوظيفى للفرد، وتكون النتيجة أن يشعر من يظنون بأنفسهم النجاح والتميز بالغبن وعدم العدل، فيسوقهم ذلك سوقاً إلى مذبح «الذبح»، لينطلق ضعاف القلوب منهم إلى دوائر التدمير والإرهاب، متذرعين فى ذلك بفكرة أن المجتمع الظالم يستحق الهدم والسحق. إذاً الإرهاب تركيبة فرد وسياقات مجتمع، جوهره الفشل الفردى والغبن الاجتماعى، وبالتالى فالربط بين الإرهاب والدين ربط غير موضوعى فى الكثير من الأحوال. فالإسلام لم يدعُ معتنقيه إلى حمل السلاح إلا للدفاع عن أنفسهم ضد من يغزو أرضهم ويُخرجهم من ديارهم، وجعل للقتال غاية عظمى تتمثل فى الدفاع عن المستضعفين فى الأرض: «وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ». وظنى أن من يلصقون الإرهاب بالدين هم إرهابيون بالقوة ينعون على إرهابيين بالفعل، لأن قمة الفشل -الذى هو جوهر الإرهاب- أن تعلق «الفشل» الذى أفرز الإرهاب على «شماعة الدين».

نقلا عن الوطن


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع