بقلم: إسحق إبراهيم
مشاغبة، جرئية، متقلبة، لكن يظل عشقها للإعلام هو المحرك الرئيسي لمواقفها وقنابلها التي تلقيها على الساحة من وقت لآخر، إنها نجلاء الإمام المحامية ومديرة جمعية بريق لمناهضة العنف ضد المرأة التي لا يستطيع أحد التشكيك في مواقفها تجاه دعم حقوق المرأة والأقليات، ونشاطها الملحوظ في مجال حقوق الإنسان، إلا أنه في نفس الوقت يوجد إجماع على الابتعاد عنها بسبب طريقته الزاعقة والمثيرة للجدل في التعبير عن آرائها وأفكارها.. فأنصار حقوق المرأة ودعاة التشدد اتفقوا على تجنبها.
كانت نجلاء الإمام معروفة لعدد من نشطاء المجتمع المدني وبعض المنظمات الحقوقية خاصة العاملة في مجال المرأة، لكنها تحولت إلى نجمة –سينمائية– بعد واقعة التحرش التي تعرضت لها مخرجة أفلام تسجيلية نهى رشدي التي حصلت على حكم ضد الجاني الشاب شريف رجب جبريل، والذي عاقبته محكمة الجنايات بالسجن ٣ سنوات. وحصلت نجلاء الإمام محامية نهى رشدي على شهرة واسعة بسبب هذه القضية خاصة أنها أول حكم يصدر في قضية تحرش جنسي، إلا أن نجلاء -فجأة– ولأسباب مجهولة تحولت لكيل الإتهامات للضحية نهى رشدي، تارة بأنها تحمل جواز سفر إسرائيلى!! وتارة بأنها كاذبة وقامت بتلفيق الأدلة، وهو ما لم تستطيع نجلاء الإمام إثباته لا سيما بعد تكذيب نهى لادعاءات الإمام.. وخرجت نجلاء خاسرة من هذه المواجهة التي حاولت أن تنقلها من ساحات الفضائيات والصحف إلى ساحات المحاكم حيث أعلنت الأمام أنها ستدافع عن الشباب المتهم أمام الإستئناف وتناست أنه لا يجوز لها التحول من محامية المدعية إلى محام المدعى عليه في نفس القضية.. بل قامت بإرسال "رسائل sms" من الموبايل الخاص بها لجريدة البديل تفيد بأنها حصل على البراءة لصالح الشاب الجاني، وهو ما أثار ضجة في وقتها، خاصة بعد أن ثبت أن مضمون الرسالة غير صحيح، وهو الأمر الذي وصفه أحد الكتاب -شكري السلموني في مقال بموقع عرب تايمز- بأن نجلاء الإمام تنافس المحامي نبيه الوحش على لقب (سبانخ) وهو الشخصية المثيرة للأوفوكاتو التي جسدها عادل إمام في فيلمه الشهير الذي يحمل نفس الاسم.
لكن تظل الهجمة التي قادتها جريدة (الديار) المصرية الأشد عنفاً وتهديداً لحياة نجلاء الأمام، حيث خرجت الجريدة بمانشيت رئيسي (محامية مصرية تسخر من الإسلام وتسيء للرسول)، وجاء داخل متن الموضوع على لسان نجلاء الإمام: (الإسلام يقسم المجتمع إلى سادة وعبيد، الرسول كان متفرغاً للنساء والنكاح) وجاءت العناوين الفرعية في شكل تصريحات لنجلاء أيضاً تؤكد في التصريح الأول على (أمهات المؤمنين ارتضين بمهانات لا أقبلها على نفسى، 75% من التشريعات الإسلامية مستمدة من النصوص اليهودية، لازم نلغي البند الثاني من الدستور... وبلاش كلام فارغ). والتقت بعض الصحف هذا الخبر وراحت تنفخ في النار، وتوجه سهام النقد القاسي والعنيف ضد نجلاء الإمام لدرجة اتهامها بالكفر من قبل بعض أساتذة الفقة بالأزهر.. نجلاء الإمام دافعت عن نفسها بالتأكيد أن هذه التصريحات نقلت مغلوطة حيث أنها جاءت في كلمتها في ندوة الاثنين 2مارس 2009 بمقر الجمعية المصرية للتنوير وبمشاركة عدد من الفكرين حول قانون منع تعدد الزوجات حفاظاً على العقد الإجتماعي لكافة الدول الساعية نحو مجتمع مدنى متقدم، وتتبنى نجلاء مشروع يطالب بمنع تعدد الزوجات وحظر تغيير ديانة الأبناء المتحولين للدين الاسلامي قبل سن الرشد، وهو ما فتح عليها النيران من قبل علماء الأزهر الذين يلاحقونها بدعوات التكفير، وإذا كانت نجلاء في قضية نهى جانية فإنها في هذه القضية مجني عليها، وكان يجب أن يساندها دعاة حرية الرأي والتعبير بشكل أكبر من هذا بغض النظر عن التصريحات التي قالتها، إضافة إلى أنه لا يجوز لأي شخصية مهما كانت أن تعطى صك تهديد حياة إنسان آخر لمجرد أن رأيه مختلف... هذا الأمر جعل المنظمة المصرية لمناهضة التمييز والدفاع عن حقوق الطفل تتقدم ببلاغ للمستشار عبد المجيد محمود النائب العام حمل رقم 4935 تطالبه بحماية المحامية والناشطة الحقوقية نجلاء الإمام.
انتقدت المحامية "نجلاء الإمام" أيضاً المظاهر الإحتفالية بيوم اليتيم في مصر، مؤكدة أن ما يحدث لا يعدو كونه تسول، ودعت نجلاء إلى الوقوف على ما يحدث للأيتام من انتهاكات، في إشارة إلى ما تم الكشف عنه مؤخراً من اغتصاب للأطفال بإحدى الجمعيات المعنية بشؤون الأيتام، وهذا الرأي له وجاهته خاصة أنه تحول إلى وسيلة لإذلال أطفال أبرياء وإيذائهم نفسياً.
وكانت نجلاء قد شنت هجوماً صارخاً على الأزهر مطالبة إياه بالصمت والسكوت وعدم إبداء رأيه في القضايا المستحدثة على المجتمع، وقالت لموقع "إيلاف" أنه يجب على الأزهر "أن يقعد جنب الحيط"، لأن الفتاوى ليس لها علاقة بالقضايا المعاصرة، وأضافت موجهة حديثها إلى الأزهر "خليكم في العبادات والنوافل والصلاة والصوم" وتابعت: "كفاية عليكم تفطروا الناس وتصوموهم".. كما تبنت نجلاء رأياً يطالب الحكومة بالسماح بالتبشير قائلة: "يجب على الحكومة أن تسمح للمسيحيين المصريين بالتبشير بالمسيحية، كما تعطي الأزهر الحق في الدعوة إلى الإسلام"، مؤكدة على أن التبشير جزء من عقيدة المسيحي لا يجب حرمانه منه.
مواقف نجلاء لم تقتصر على قضايا الرأي السائدة في المجتمع بل تصادمت مع إحدى الجهات المانحة العريقة ذائعة الصيت والتي لها سمعة عالمية، وذلك في سابقة نادراً ما تحدث، نجلاء قالت أن مؤسسة "بيت الحرية الأمريكي" قامت بإلغاء تعاقُدها معها، وذلك بعد أن أُبرم معها عقداً مرتين، وأضافت في تصريح لـ "لأقباط مُتحدون" أنها كانت قد تقدمت بمشروع أطلقت عليه منتدى المواطنة لـ "بيت الحرية الأمريكي" بالأردن شهر ديسمبر الماضي، وكان هذا المشروع يضم جميع الأطياف الوطنية في مصر من مسلمين وشيعة ومسيحيين وبهائيين، بهدف تدريب الشباب على فكرة وتعميق المواطنة، وقالت أن بيت الحرية الأمريكي اقتنع بالفكرة وقتها ثم وافق عليه بعد إجراء تعديلات، وبناءاً على توقيع العقد أضافت أنهم أخبروها بالتجهيز لإقامة المنتدى، فقامت بحجز المكان المخصص لإقامة المنتدى والذي كان مزمع انعقاده في الفترة من 28 ابريل إلى 2 مايو لكن فؤجئت بأن المدير الإقليمي لبيت الحرية الأمريكي بالأردن سمير جراح يطلب منها في لقاء بها بمصر شهر مارس الماضي أن يكون هناك شباب من الإخوان المسلمين موجودين بالمنتدى، فقالت له أن الإخوان ليسو تنظيم شرعي وغير مُعترف بهم، وهناك مسلمين كثيرين سيتم تدريبهم بالمنتدى بجانب مسيحيين وبهائيين، وأكدت له على أن أيدلوجية الإخوان عدم قبول الآخر، ووجود الإخوان بالمنتدى سيعمل مشاكل لوجود مسيحيين ومسلمين وبهائيين وإمرأة، مما ترتب عليه إلغاء المنتدى، لم يعلق بيت الحرية على هذه الرواية وهذه الإتهامات وبالتالي لم يتسنى التأكد من مصداقيتها.
صدق أو لا تصدق؟! إن هذه المعارك السابق ذكرها حدثت خلال ستة أشهر فقط، تبنت نجلاء الإمام فيها مواقف تنويرية –ما عدا قضية نهى رشدي– لصالح تحقيق المواطنة الكاملة للمرأة والأقباط لكنها اصطدمت في معظمها بالجميع.