الأقباط متحدون - والمسرح يصنع وحدة البشر
أخر تحديث ١٣:٢٠ | الخميس ٨ يناير ٢٠١٥ | ٣٠ كيهك ١٧٣١ ش | العدد ٣٤٤٠ السنة التاسعه
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

والمسرح يصنع وحدة البشر

علي سالم
علي سالم

تكلمنا قبل ذلك مرات كثيرة عن الدولة الوطنية كصانعة للعدل وضامنة للقوة وحامية للفرد والجماعة، وهي العناصر التي يمكن أن نسميها مجتمعة بالاستقرار. ومع الاستقرار يتفرغ رجل الدولة للسير ببلده في طريق الحضارة. وهو ذلك الطريق الذي بدأ الإنسان بالسير فيه منذ عشرات ألوف السنين عندما اكتشف النظافة والنظام واكتسب حسا خاصا بالجمال. لا أعرف على وجه التحديد كيف اكتسب هذا الحس، ولكن يبدو أن إحساسه بنظافته الشخصية واكتشافه للفائدة العملية التي يكفلها له النظام، قادتاه مباشرة إلى الإحساس بالجمال.

إن المعركة التي تخوضها الآن الدول العربية المستقرة يجب ألا تنسينا مواصلة السير في طريق الحضارة حتى ولو بخطوات بطيئة. قريبا سيأتي ذلك اليوم الذي نسوق فيه قيادات الإرهاب إلى قاعة المحكمة، وإذا كان الحزن يملأ قلوبنا مع كل شهيد يسقط منا، غير أننا يجب ألا نتوقف عن حياتنا العادية. بل إن الأمر يتطلب منا عناية أكثر بالإبداع الفني والمسرح على وجه الخصوص.

المسرح أداة طبيعية من أدوات وحدة البشر. عندما يتجمع عدة مئات أو حتى عشرات الناس من مشارب مختلفة وأعمار متباينة في مكان واحد يشاهدون حياة تجسدت على المسرح، يتألمون معا في لحظة واحدة، يضحكون معا في نفس اللحظة، يتأكد بداخلهم ذلك الإحساس الجميل بالوحدة.. وحدة البشر. بعد مشاهدتك لعرض مسرحي جميل، يزداد جهاز المناعة لديك قوة، أكاد أسمعك تقول هامسا ها هو كاتبنا دفاعا عن المسرح يتحول إلى طبيب. حسنا.. من أين جاءت كلمة «المتفرج»؟ إن كل المفردات التي نستخدمها في المسرح لها أصول أجنبية، ولكن الغرب كله لا يعرف كلمة متفرج، هو يعرف الـ(Audience) وهى مشتقة من السماع. وحتى الترجمات القديمة للأعمال الأدبية كانت تستخدم كلمة الحضور أو النظارة، ومع ذلك استقرت كلمة المتفرج عندنا. وهي كلمة وثيقة الصلة بالانفراج النفسي. أو حتى الانعتاق البدني (أفرج عن فلان) (فرجه قريب) (افرجها يا رب) أنت تذهب إلى المسرح ليتم الإفراج عن انفعالات مكبوتة بداخلك، ألا يقوي ذلك من قوة مناعتك الشخصية؟.. أليس لذلك مردود جيد على صحتك؟.. إن كلمة (Catharses) التي وصف بها أرسطو تأثير الدراما على البشر وسميناها نحن «بالتطهر» تنطبق تماما على كلمة الفرجة.

من المهم للغاية في هذه الأيام أن تتفق حكومات الدول العربية المستقرة مع فرق العالم المسرحية الشهيرة لتقديم مواسم لها في عواصمها. تماما كما نتفق مع جامعات العالم لتعليم أولادنا. ليس هذا فقط، شبابنا يستطيعون تقديم أعمال شكسبيرية باللغة الإنجليزية في العواصم الأوروبية. الآن بالتحديد لا بد أن نبلغ العالم كله بأننا لسنا قاطعي رقاب، وأن معركتهم ضد الإرهاب هي أصلا معركتنا، وأننا شركاء في صنع حضارة العالم المعاصرة.
نقلا عن الشرق الأوسط


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع